ابراهيم محمود
كيف أمكن للوهابية: العقيدة السعودية المنشأ والمتشدّدة أن تكتسِب هوية روسية، أو أن تتحول روسيا إلى العقيدة الوهابية ذات الاتجاه الأحادي في النظر إلى العالم ؟ لندع المذاهب جانباً، بما أن القوى المتمركزة على الأرض، قد تتشرب أي سلوك يقرّبها من أي مذهب وإن لم تصرّح به حرفياً، ولعل الدب الروسي بما يعرَف عنه من تفضيل الوحدة المشبعة بالبرد على الاجتماع مع الآخرين، بقدر ما تتجنب الحيواناتُ الأخرى الاختلاط معه، يعلِمنا بذلك، لأن له ” بوصلة ” حيوانية خاصة، وبالصيغة هذه تكون الوهابية قد اهتدت إلى من يتمثّلها رغم اختلاف المذهب الفعلي، فالجاري على الأرض هو المحك.
روسيا المأخوذة بمسلكية الدب لا تتوانى عن اجتياح كل الحدود التي تحيط بها بغزو برمائي أو جوي، واعتماد الضربات المدوخة، على طريقة الدب، دون نسيان بيئتها، تاريخها القطبي الآخر، غرابة أطوارها، ولعلها فيما تنفّذه من أعمال تخريب وقتل في مسرح الأحداث السوري تحديداً، يأتي استجابة لولع الدب إلى إزهاق الأرواح بالجملة، وإعمال الخراب حيث يمكنها ذلك، وبالطريقة هذه، تتنحى النظريات إلى جانب المذاهب وكما هي في بطون الكتب، تتنحى جانباً، فلا يعود من فرق أو تمييز فعلي بين توجهات السعودية جهة داعش المفعّل للوهابية ما بعد حداثية الخاصة، وداعش المفعل بطريقة أخرى صفوياً، وداعش الذي يتمثّل في لعبة الدب الروسي، لتتراءى نسخ كثيرة من صوب ترويع البشر، وقتلهم، والتلمظ برؤية النار المشتعلة في الجهات الأربع.
تلك لعبة المتناقضات، في مسرح واحد وهو مجهَّز لكل الوجوه التي ترغب في القتل وتنتظر قتلاً بالمقابل، سوى أن الأضعف خَلْقاً، والأبعد عن استساغة القتل، وسخافة تفعيل الشهادة هنا وهناك إلى درجة المياعة، سوى أن البعيد عن الأوراق المختلطة في لعبة انتهاك الجغرافيا بقوى داخلية وخارجية، يبقى في وضعية ذهول.
ولا بد أن الذين يتابعون ما يجري، وهم في حيرة من أمر الجاري، سيعيشون المزيد من الغرابة، طالما أن العنف الدموي يزداد تنوعاً في سُبله وأهدافه، بقدر ما أن حقائق أخرى تنكشف وهي تعرّي الداخلين في اللعبة المريعة، حيث يُرى الدب الروسي محلّقاً، باثاً الموت المدمر حيث تعلُمه الإحداثيات، وفي الطرف الآخر ثمة داعشيون مؤتمرون بمسلكية وهابية في الصميم، أو دونها اسماً، إنما نظيرتها فعلاً صفوياً، ولا ندري في ضوء كل ذلك أي مذهب أخلاقي سيتولد على خلفية من هذه المتناقضات واقعاً، لكنها مشتركات في ضخ الميتات بالتناظر أو الترادف أو بالتساوي أو منافسةً عند الضرورة ؟
دهوك، في 12 تشرين الثاني 2016