أثر البعد الثقافي في التقارب السياسي…

فرحان كلش
كثيرا ما تعرض مسألة وحدة الصف الكوردي للنقاشات المختلفة، وبمستويات متباينة، وإلى الآن على الأقل هناك تشاؤم ملحوظ يخيم على الوسط الإجتماعي والثقافي الكوردي حول تقارب بيني داخل البيت الكوردي الواحد،رغم أن الساسة الكورد يدركون كنه المعادلة ولكنهم مستمرون غالبا في التعبير المتفائل عن هذا الموضوع، ووفق المعادل الثقافي للمسألة فأنا أعتقد بأن تباعدا ظاهرا يحيل دون تحقيق هذا الهدف الكفيل بطبيعة الحال إن تم لدفع القضية الكوردية خطوات مهمة إلى الأمام، وتوفير مناخ خاص لتخديم القضية بكل إمكانات الشعب الكوردي، وليس توزيع طاقاته باتجاه صراع مع العدو المحتل لكردستان والجزء الأهم من طاقاته باتجاه العمل ضمن معادلة (الإخوة الأعداء)، والمتتبع يلاحظ أن شرخا ثقافيا تأسس بين أكبر قوتين فاعلتين كردستانيا، وهما الحزب الديمقراطي الكردستاني-العراق وإمتداداته الجماهيرية كردستانيا، وحزب العمال الكوردستاني والسائرين في فضاء عقيدته،
 ومنذ أن دخل هذا الأخير إلى كوردستان سوريا وهو في حالة من الصراع مع كل القوى الأخرى، يمينهم ويسارهم، حدا بلغ أنه فعلا خلق هوة ثقافية بينه وبين الجميع الآخر، ويمكن ملاحظة ذلك في إطاره الثقافي الخاص، من رؤيته للتاريخ الكوردي ومرورا بخلقه لنمط ثقافي حياتي مرتبط ومنسجم مع مقولاته وإيديولوجيته، ونلاحظ من خلال تعاطينا اليومي مع أنصاره وشكل الثقافه التي ينشرها أنه يمتلك خصوصية، في فنه وأدبه وتعاطيه مع التراث …. إلخ، الأمر الذي كان بمثابة ضرب للتواصل الثقافي الكوردستاني، وأعتقد أن هذه هي الجبهة الأهم التي تحول دون خلق توافق سياسي بالأخير، فالسياسة من الضرورة أن تؤسس على التوافق الثقافي بالجوهر، وإنسجام في الرؤية إلى التاريخ والحاضر وأشكال الحكم لاحقا، وهنا يكمن جوهر الخلاف الكوردي، وربما يحيل البعض أساس اللا توافق إلى السياسة ودهاليزها ولكن السياسة بالأخير تستند إلى البعد الثقافي من حيث التشخيص والبناء عليه، كما ويمكن أن نقول أن تشخيص الأحداث ذاته مرتبط بهذا الجانب الثقافي لدى الأطر السياسية، وأخيرا أسمح لنفسي القول آسفا أن التباعد الثقافي يتقدم بخطوات أمام التوافق السياسي، الأمر الذي يشكل خطرا على الجميع وحجر عثرة أمام كل خطوة باتجاه لملمة سياسية ما… 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…