مسلسل أردوغان في استئصال شأفة الكوردان

ابراهيم محمود
ربما بات محمد ” طيب الذكر ” أردوغان: رئيس الدولة التركية الجمهوري على طريقته، والمسلم على طريقته، والحداثي على طريقته، مسكوناً بالخواف الكردي المتفاقم” الخوف من الكرد “، فلا يعود كافياً رسم دوائر حمراء حول كل منتسب إلى الـ” ب ك ك ” أو  الـ” ي ب ك “، إنما التشكيك في كل كردي في أن يكون قد تناول جرعة ” منهما “، وربما، وتركيا في وضعها غير المحسود عليه، وهي تعتقل رئيس ” حزب ديمقراطية الشعوب: هـ د ب “، إلى جانب بعض من رفاقه اليوم في ” 4-11-2016 “، عملاً بقاعدة: من عمل ” خيراً ” فليتممه، وخير أردوغان هو ” شر ” الآخر : الكردي، ليوحي أنه جدير بأن يكون ذا نسَب أتاتوركي، دون ضمان ما إذا كان في وسعه أن يلعب دور أتاتوركـ”ـه ” أم لا في مستنقع رهانه الفائض.
ولعل المتابع لما يقوم به، ومنذ بدء أفول ” نجم ” داعشه، قبل غيره، أو بالانحدار، وراهناً أكثر، يلاحظ نوعية الهستيريا التي تتملكه ورجالات حكمه، ومحاولة عسكرة المجتمع، فيكون السياسي والأمني والعسكري والإعلامي معاً، وهو في ظهوره اللافت إعلامياً على مدار الساعة: يأكل ويشرب أمام أجهزة الإعلام، وينام أمام أجهزة الإعلام، ويستحم بالماء البارد في نهر عقيدته الجليدي، ليتنشط، أمام أجهزة الإعلام، ويتوعد المشرق والمغرب أمام أجهزة الإعلام، شعوراً منه أنه يأتي الصواب في ” جحره “، حيث لم يعد يشفي غليله اعتماد التهديد والوعيد في نطاق ” حدوده ” التركية، إنما يعبرها بالطريقة التي توحي أنه ماض عملاً بقاعدة: حدودك يا تركيا حيث يتردد صدى أردوغانك، وحيث يكون الكردي متواجداً، فلا يعود عقيديُّ الـ” ب ك ك ” والـ” ب ي د “، بمعيديّ التهدئة إلى روحه الهائجة المائجة، وإنما كل كردي بات تحت مرمى أنظاره ونيران قناصته أو طوبجييه وجبلخانييه، وفي الحالة هذه، إلى كمْ يحتاج من الجنود وضباط الجنود ورجالات الاستطلاعات الأمنية وقوات مكافحة ” الإرهاب ” الكردي من تركه وخلافهم، وحاجة هؤلاء إلى العدة والعتاد وإلى الطعام والشراب ، وتوفير الرواتب؟ يعني ذلك لزوم أن يخرج كل تركي، الكبير فيهم والصغير، الرجل والمرأة، إلى حيث يشير الرئيس التركي المتأسلم، تلبية لنداء الواجب المقدس” سفربرلك ما بعد حداثي “، بقدر ما يكون هناك من الكرد، وبالطريقة هذه، لن يبقى تركي في مخدعه إلا ويخرج، أو وهو في حقله، أو معمله، أو على طاولة الدراسة، أو عيادته، أو مكتبه، إلا وعليه الخروج مشمراً عن عثمانليته المتركة، والبحث عن الكرد، ولا بد أنه سيصاب بالإحباط، وإن أزهق أرواح آلاف أو حتى عشرات الألوف من الأبرياء الكرد وخلافهم، كما ” فعلها ” أسلافه وأسلاف أسلافه وقدواته حتى الأمس القريب، والكرد نموا في أرضهم، وفي الطرقات، وعلى ضفاف الأنهار، وشطآن البحار، وشواهق الجبال، وحافاتها، وأعماق الكهوف، وفي الأغوار، وداخل الغابات وعلى الأشجار، وبين جلاميد الصخور، وصدوع الأرض، وفي كوابيسه، ومن معه، وطي الظلال التي توحي بوجود مخبأ لكردي، كما يجابَه العسكر التركي الأردوغاني، وأمنه، وعسسه. هنا، لن يعود في مقدوره أن يلتقط أنفاسه هو ومن معه من المستشارين وخبراء المهام الخاصة، لأن الكرد منتشرون في الجهات كافة، في القارات كافة، كما تعلِم بذلك وسائل الإعلام العالمية، ولن يكون هو أو غيره  وغير غيره تكذيب الصورة الحية لوسائل إعلامية لا تتكلم بلغة الكرد بالتأكيد، إنما تقدّم الصورة البليغة بدلالاتها في مدن العالم المختلفة حرباً على عنفه المشرئب بهستيرياه وميتاته العائدة إليه، وهنا أيضاً، لن يستطيع النيل من كل هؤلاء، لأنهم بعيدون جداً عن متناول فحيحه وسبّابته التي تلخّصه، بقدر ما يزداد هو نفسه قرباً من أجله، كما هم أسلافه، وربما أكثر وقوعاً في مصيدة جوره، وطيش رجالاته ومباغتات ” أبناء الجن ” !
دهوك، في 4 تشرين الثاني 2016 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

د. محمود عباس تدور عجلة الزمن في سوريا بعكس اتجاه الحضارة والرقي، رغم القضاء على أحد أكثر الأنظمة المجرمة قسوة في العالم. يُساق الشعب، بمكوناته الثقافية والدينية المتنوعة ومراكزه الثقافية، نحو التخلف والجمود الفكري الممنهج، في ظل صدور قوانين وممارسات سياسية متناقضة وعلاقات دبلوماسية متضاربة. فمن جهة، هناك نشاطات وحديث نظري عن الانفتاح على العالم الحضاري واحترام جميع مكونات سوريا…

إبراهيم اليوسف بدهيّ ٌ أن ما يجري- الآن- في الوطن أمرٌ غريب ومثير للتساؤل. إذ هناك من يحاول تحويل البلد إلى سجن كبير من خلال فرض نمط تربية صارم، وكأننا أمام فتح جديد يتطلب جر الناس قسرًا إلى حظيرة مرسومة. وكلنا يعلم أنه على مدى مائة عام، فقد اعتاد السوريون على نمط حياتي معين لم يستطع حتى النظام…

عبدالعزيز قاسم بعد كفاح طويل ومرير ومتشعب من الصراع خاضه السوريون، وإثر ما عرفت بالثورات “الربيع العربي” والتي لا تزال إرتداداتها مستمرة كما هي الزلازل الطبيعية؛ لاحقاً فقد تمت الإطاحة بنظام الحكم في سوريا ٠٠٠ وبما انه لا بد من ملئ الفراغ الذي خلفته الإطاحة العسكرية تلك وتداعياتها في عموم الساحات السورية والكردية خصوصاً؛ فقد بادر اصحاب الفكر الإستباقي…

درويش محما من كان يصدق أن يسقط بشار الأسد فجأة خلال بضعة أيام وعلى النحو الذي رأيناه؟ لو جاءني أحدهم قبل أن تتحرر دمشق، وقال: إنَّ الأسد ساقط، لقلت له: كلام فارغ ومحض هراء. وأقصد بالساقط هنا الساقط من الحكم والقيادة، لا الساقط الدنيء الشاذ في السلوك والتصرفة؛ للتوضيح أقولها ولتجنب السهو واللغط، لأن بشار الأسد لم يعد اليوم ساقطًا…