عفرين بين مطرقة القصف التركي وسندان سياسات حزب الاتحاد الديمقراطي

صفية عمر *
مدينة عفرين الكردستانية تقع شمالي غربي سوريا وتعتبر من اهم المدن الكردية في سوريا والتي تشتهر بالزراعة وخاصة زراعة أشجار الزيتون والفواكه وتشارك بحدود واسعة مع الأراضي التركية .وقد شاركت عفرين كغيرها من المدن الكردية بقوة في الثورة السورية وخرج اَهلها بمظاهرات عارمة تدعو الى حرية الشعب السوري بكل مكوناتها والى إسقاط النظام ونيل الكرد كامل حقوقهم القومية المشروعة أسوة بغيرهم من الشعوب التي تتمتع بحقوقهم القومية ، ومن أولى المظاهرات الكردية التي قمعت بيد أنصار PYD كانت في مدينة عفرين ، وكان لهذا القمع دلالات واضحة بان هناك تنسيق كامل بين هذا الحزب والنظام ، واستطاع بعدها حزب الاتحاد الديمقراطي بالسيطرة الكاملة على كامل منطقة عفرين رغم العديد من المواجهات التي حصلت بين سكانها وميلشيات هذا الحزب . 
حيث مارس هذا الحزب ومن خلال ميلشياته المسلحة سياسة كم الأفواه والخطف والقمع العنيف والتجنيد الإجباري والاعتقال والقتل والاتاوات والجزية . ان تنفيذ هذه السياسات نفسها والتي مورست في المناطق الكردية الاخرى ساهت بشكل كبير في التهجير القسري وخاصة الفئة الشبابية منهم .
ان العمليات العسكرية الأخيرة في الريف الشمالي والغربي من حلب وسيطرة قوات سوريا الديمقراطية -والتي لميليشيات حزب الاتحاد الديمقراطي الدور الاساسي في تكوينه- على مدينة منبج أثار حفيظة الدولة التركية وباشرت في تشكيل قوة عسكرية يكون لها الدور الاساسي في اجراء توازن عسكري في هذه المنطقة  وبالتالي ان يكون للاتراك دور حيوي في ادارة الازمة السورية وخاصة بعد  وعودها الكثيرة  في دعم الشعب السوري وثورته في مواجهة النظام السوري وخاصة انها لم تنفذ اي من هذه الوعود بل بالعكس عملت على تصدير ازمتها الداخلية والتي كان لها الدور السلبي في تأزيم الساحة السورية  وتحولت سوريا الى ساحة مفتوحة للتدخلات الدولية والإقليمية ، وفي ظل سياسة التوازنات العسكرية القائمة في سوريا ومن اجل الحفاظ على الازمة السورية القائمة خدمة لاجندات ومصالح كل الدول ما عدا الشعب السوري وبقاء النظام السوري كقوة هزيلة مع كل القوى العسكرية الاخرى الموجودة في سوريا والتي تتنازع دون غالب او مغلوب ريثما يكون هناك حل دولي ينفذ خريطة طريق تخدم مشروع إقليمي ودولي في المنطقة عموماً، ولذلك أطلقت الدولة التركية وبمساعدة العديد من الفصائل المسلحة والتي تدور في رحاها عملية درع الفرات تتسم هذه العملية في  السيطرة على العديد من المناطق و عدم السماح لميليشيات حزب الاتحاد الديمقراطي وقوات سوريا الديمقراطية للعبور إلى الجهة الأخرى لنهر الفرات 
أن هذه العملية العسكرية التي أطلقها الجيش التركي والتي تستهدف تحرير المناطق الحدودية من تنظيم داعش الاٍرهابي و تامين حدودها  مع سوريا كما  تدعي الدولة التركية من  أجل الحفاظ على وحدة سوريا وإنهاء المشاكل على الحدود التركية . ولكن في الحقيقية ان ذلك يأتي في سياق مجمل التدخلات الدولية والإقليمية في سوريا من اجل الحفاظ على التوازنات العسكرية القائمة بين كل القوى العسكرية الموجودة في الساحة السورية .
ان العمليات العسكرية التركية  والحشد العسكري التركي والقصف العشوائي الذي تتعرض له مناطق عفرين  وخاصة في مواسم الزيتون هذه المواسم التي تعتبر مصدر الرزق الوحيدة للشعب الكردي في عفرين . هذه العمليات والتي يدفع ضريبتها شعبنا الكردي المغلوب على امره نتيجة سياسات البيدي القمعية والتي تعطي حجج لا مبرر لها للدولة التركية،  هذه الدولة التي تبحث عن مصالحها في سوريا على حساب دماء الشعب السوري البريئة ، هذا الشعب الذي لن يسامح اردوغان الذي وعده كثيراً ولم ينفذ من وعوده اي شيء.
ان التدخل التركي اليوم الذي يتهم البيدي بالإرهاب ويأخذه ذريعة للوصول إلى المناطق التي يسعى اليها في مدينة الباب الواقعة في حلب ، و هذه العمليات العسكرية  ستزيد من تأزيم  الوضع السوري ويعقده و تُخلْق  صراعات بين مكونات الشعب السوري وان هذا ستكون كارثية في المراحل المقبلة من الصراع الجاري في سوريا بل ستزيد من تفتيت المفتت . وان القصف على المناطق الآهلة بالسكان في هذه المرحلة بالذات لن يخدم الدولة التركية باي شيء بل بالعكس سيزيد من احتقان الشعب الكردي ضدها وربما يدفع هذا الشعب بالالتفاف حول البيدي رغم سياساته القمعية والخطيرة والتي لا تخدم الشعب الكردي وقضيته القومية .
* عضو ممثلية أوربا للمجلس الوطني الكردي 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

م. محمد رشيد   نحاول فيما يلي توضح أبرز الحقائق عن الكورد ومواقفهم وتوجهاتهم في المرحلة الانتقالية الراهنة لإزالة الغمام والشكوك و الشبهات تجاه الخط العام والمحوري للحركة الكوردية بمكوناتها السياسية والثقافية والاجتماعية.. الفاعلة والممثلة و الشرعية للكورد بخلاف ما يروج لها هذه الأيام على وسائل الأعلام والتواصل من تحليلات وتنظيرات وتسريبات وثرثرات وترهات وخزعبلات.. كما يصرح بها ناشروها بأنها…

تتقدم منظمة أوروبا للحزب الديمقراطي الكوردستاني – سوريا، وعائلة المناضل الراحل خالد كمال درويش، عضو اللجنة المركزية لحزبنا، بخالص الشكر والتقدير إلى جميع الفعاليات السياسية والثقافية والاجتماعية، وممثلي الأحزاب الكوردستانية، والمجلس الوطني الكوردي، والإخوة في مقر البارزاني، والمكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني، والفرع السادس في أوروبا للحزب الشقيق، والأخ شفا…

عُقدت اليوم جلسة حقوقية في مدينة إيسن – ألمانيا، بدعوة من منظمة حقوق الإنسان في سوريا – ماف والشبكة الكردية لحقوق الإنسان في سوريا، بحضور نخبة من الحقوقيين والسياسيين والمثقفين السوريين، لمناقشة مستقبل الكرد والمكونات السورية الأخرى في ظل التطورات الراهنة، وخاصة الإعلان الدستوري الذي أقرّته سلطة الأمر الواقع، والذي لاقى رفضًا واسعًا لعدم استناده إلى توافق وطني حقيقي.  …

فواز عبدي أود أن أوضح بداية أنني لست مختصًا في القانون، وقراءتي لهذا الموضوع ربما تندرج ضمن الإطار السياسي النقدي. بعد استعراض الإعلان الدستوري السوري المؤقت، الذي تم تبنيه عقب سقوط نظام بشار الأسد، يمكن ملاحظة عدد من النقاط التي قد تسهم في ترسيخ حكم ديكتاتوري جديد، حتى وإن كانت النية الظاهرة هي بناء دولة ديمقراطية قائمة على…