في إعادة أشكلة التاريخ.. الصراع الفارسي – التركي أنموذجا 1 / 2

وليد حاج عبدالقادر / دبي
إن منعطف الأحداث وتجليات الصراع المحتدم حاليا وبالتالي مركزتها في عين العاصفة بنطاقيتيها التأريخيتين كتصادم عسكري واعني بهما معركتا مرجق دابق وجالديران واللذين ما تمكنا على الإطلاق إن في حسم الصراع او تثبيت خطوط التماس المتدحرجة ككتل نيران بين العثمانية الصاعدة كانت حينها والدولة الصفوية جرجرت معها معارك عديدة تمذهبت حينا وتداخلت ايضا و افرزت معاهدات ابتدأت ب / أماسيا سنة ١٥٥٥ / واسطنبول سنة ١٥٩٠ حتى معاهدة زوهاب بين الشاه عباس والسلطان مراد سنة ١٦٣٩ والذي لربما يكون من اكثر المعاهدات التي أسست ومهدت لتحديد جغرافيتهما وبما الحق بالدولتين من اقوام أخرى
ولكنها من جديد وكبقعة جغرافية متسعة فقد بقيت جينة متناقضاتها كنواة بركان خامدة تبحث دائما عن متنفسها واعتبرت منذ اواخر القرن التاسع عشر من أشد صفائح التيكتون قابلية للإنفجار وتلبستها كمسمى الأزمة او المسألة الشرقية ، وهنا ، وبعيدا عن الإسهاب ومسألة الإنعكاس التاريخوي في بقاء هذا الجزء من العالم كبؤرة تستولد ازماتها جينيا وفي العودة اليها ثانية / المسألة الشرقية / وبالتالي مجمل القضايا التي تلبستها سوريا سايكس بيكو كمخاض عسكري وصراع دموي عنيف بات يتعمق ويتمدد وليتمأسس عليها من جديد ما تم منهجته قبلا وذلك لكل من رأى في هذه الجغرافيا نطاقا أو حيزا بات يسمى ب / سوريا المفيدة له / او البؤرة ذي الإنعكاس على امنه القومي او كنقطة ارتكاز مؤسس لمصالح حيوية أو استراتيجية ، وبالتالي ، أضحى هذا البلد وبمساحته ساحة مبارزة لقوى عديدة تتضاربت مصالحها ولتختزل ايضا قضايا متراكمة وقد تأزمت كنتاج لتسويات مجحفة او غير عادلة واستمرت تتمظهر بأشكال وألوان عديدة تفصح عن ذاتها ، وباختصار شديد ، وفي ذروة دوران الصراع بأطرافها وتحولات النطاقات ومعها المجالات الحيوية بالتوازي ان مع دورة العنف او الانكشاف الحقيقي لخفايا دول عديدة وبالتالي انحسار حيزها الحيوي او تمددها ، ولعله غالبيتنا يتذكر ما شهده الموقف التركي وتحت غطاء الإنقلاب الفاشل الذي جرى ليلة ١٥ / ١٦ تموز الماضي ، انسحبت عمليا من حلبة الصراع وقد ارتكزت بذلك على اختزال مجالها الحيوي كردة فعل لفوبياها الكوردية واكتفت / بكعكتها / من خلال عمليتها المسماة بدرع الفرات وتدخلها العسكري فيها وبالتالي / تحرير / جرابلس والتمدد في نطاقها تحت حجج ومسميات عديدة تمحورت على بندين رئيسيين اولهما كان بهدف القضاء على تهديد وجودي لها على رغم تأكيدات الجهة المزعومة بذلك بأنهم اكثر من جلب الأمان لحدودهما المشترك ، إلا أن ذلك الجيب هو عمليا مثل الخنجر يفصل مابين كوباني وعفرين من جهة وما تسمى بالجزيرة في كوردستان الملحقة بسوريا ، أما البند الثاني فهو ايضا يدخل عمليا في سياقية الأول لابل وكتبرير لإقامة مستدامة فقد طالبت تركيا ولم تزل بجعلها منطقة آمنة لتجميع اكثر من مليونين من اللاجئين السوريين فيها والموجودين أصلا بأراضيها ، وبدا واضحا أن الثمن كان كجرعة سم لحلم كان مستداما في الذهنية التركية من ايامات العثمانيين الى اردوغان ، نعم ، هي حلب التي تنازلت عنها تركيا وضحى بها اردوغان وهي في ذروة المعاناة والقصف الروسي والنظام السوري وبوحشية فظيعة ولتتخبط السياسة التركية في كل المنطقة وتعود لدورها الطبيعي تترنح في دوامة مشاكلها الداخلية على الرغم من زعيق اردوغان هنا وهناك ، ولكنه سيكون من الغباء تماما عدم فهم الأمور بمجالاتها الأوسع وطرائق / الحرير / الخاصة لكل من تركيا وايران ومعهم روسيا سيما وان موضوعة الغاز وممرات نقله باتت من اهم ملامح المرحلة المقبلة لموارد الطاقة المستقبلية وموقع تركيا الأهم في ذلك والذي ظهر بوضوح تام مع الليونة التركية سياسيا في الأيام الماضية وتلك العقود الضخمة التي وقعتها مع روسيا وبالتالي التشابك من جديد بين الدول الثلاث والصدام المحتدم اصلا كانت بين مرحلتي مرج دابق وجالديران وافرازات سايكس بيكو ومخاضات ايامنا هذه ولتتقاطع ثانية ليس بآفاق سوريا بل وترتبط معها مجمل الحيازات والمناطق التي تمثل ايضا نطاقات حيوية ولقوى كثيرة متصارعة وهنا تبرز ايران كأكثر الدول التي تمددت وتدخلت في شؤون دول عديدة مستندة على قرار الخميني بتصدير / الثورة !! / وطبيعي ان يكون صراعها الظاهري بداهة مع تركيا الوريثة للسلطنة العثمانية من خلال تضاد المصالح كما وتشابكها …
يتبع القسم الثاني

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…