توظيف الانفعالات في سلوكيات سياسية وفنية…

محمد قاسم ” ابن الجزيرة “
ديرك 20/9/2016
كل سلوك بشري، فيه:
–  بُعد عقلي (تحليل، مقارنة، ترجيح على أساس تحليل منطقي وقواعده …الخ).
–  وبُعد انفعالي (عواطف-ميول-غضب-خجل-…الخ).
–  و بُعد مصلحي، يكون قويا ومؤثرا حيث تكون المصلحة غالبة في حياة وسلوك أصحابها… ولعل أهم ميدانين تغلب المصلحة فيهما هما:
أ-ميدان السياسة (وحيثما تكون السياسة، فالاقتصاد متلازم معها).
ب-ميدان الفنون (ويبدو أن الفن انفصل–واقعيا-عن معنى وجوده منذ البداية التي انطلقت منها، والغايات الاجتماعية/الأخلاقية.
يظهر ذلك بوضوح كاف عندما نحلل: المشاهد الدعائية، والمنفلتة عن ضوابط أخلاقية متعارف عليها (منها الأعراف)، أو عندما نتابع المحاورات واللقطات المدسوسة في سير التمثيل – سواء أكان فيلما أم مسلسلا أم مسرحية…).
 هذا يطرح مفهوم الحرية ومداها، ويعيدنا إلى مناقشة قضية الحرية بشكل عام.
الغريب، أن الحرية متعثرة في ميدان السياسة إلا لمن يبث فيها عناصر إساءة للمجتمع والعلاقات فيه، كالكذب والتضليل والتزوير… وفي ميدان الفنون، كالتعري والموضة والأزياء والماكياج والممارسات الجسدية ذات الإثارة والإيحاءات الفاتنة …الخ.
لكن الحرية عادة ذات مساحة ضيقة لمن يريد الاحتشام من النساء خاصة!
 ترى ما هي معايير الحكم على الاستخدام الصائب، او الخاطئ للحرية؟
 ومن الذي يقرّر ما هي الممارسة الصائبة أو الخاطئة للحرية؟
قضية ذات طبيعة فلسفية، جاهد الفلاسفة مذ وُجدوا، أن يبحثوها، ويحاولون أن يحددوا عناصرها وحدودها …
إن تطور العلم، وما ترتّب عليه من مقدرة الإنتاج السلعي الغزير وتنوعه لما يستجيب لذائقة ذات طبيعة نفسية، وله صلة بالأرباح (الاقتصاد) اتجهت الأمور نحو تغليب النوازع النفسية /الرغبية؛ ذات التوجه نحو رفاهية مبالغ فيها، وما في ذلك من إرضاء لشهوات مادية مباشرة، على رأسها شهوة الجسد.
 في هذه الحالة، تصبح السياسة ” البنية الفوقية” للاقتصاد، بحسب توصيف ماركس. ويصف الاقتصاد بـ “البنية التحتية” التي تحدد السلوك السياسي أولا وأخيرا. ففي الاقتصاد قوة تعين على توفير المشتهيات.
 أما السياسة فقد تكون تحت مراقبة اجتماعية فعالة لا توفر لها الفرصة الكافية كما في حالة الاقتصاد. وربما تساعد السياسة على تهيئة الظروف لنمو اقتصادي للطغمة المالية (الرأسمالية) لكنها قد لا توفر الفرصة الكافية لممارسات شهوية مباشرة كما يفعله المال –سواء تحت الأضواء بحجج الاحتفالات والكرنفالات والمناسبات بتسميات مختلفة تناسب الغاية، أو خارج الأضواء وتحت بند “حياة خاصة”. (لا تزال لملف الرئيس الأمريكي بل كلينتون مع مونيكا” أصداء في الذاكرة كنموذج).
فالسياسة والفنون –أو ما يجري تحت اسميهما-من أوسع الطرقات والمساحات التي توفر الفرص لتعزيز قيم خاصة، تخدم الأطماع، والشهوات، والرفاهية المتزايدة… إلى درجة “القرف” أحيانا، بسبب ما تفرز (أو تولّد) من رغبات مشوّهة اجتماعيا وأخلاقيا، ولانعكاساتها الأسوأ والأكثر تشوّها.
آمل أن لا يفهم من هذا إنني اطرح نفسي كقديس بعيد عن احتمالات الخطأ وغلبة النفس –أو الرغبة… إنما هي محاولة أطرح لقضية، تتناول أهمية قيمة يحتاجها الإنسان، ويفترض إن يسعى إلى تحقيقها، وقد يفلح، وقد لا يفلح، لكن كما يقول المثل:
حسب المرء شرف المحاولة.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…