ماجد ع محمد
يبدو أن الطاقم القيادي في حزب الاتحاد الديمقراطي مثلهم مثل قادة أي حزب سلطوي عقائدي مههوس بامتلاك الحقيقة وحده ومنزه من الخطايا والمقابح، ولا يستطيع الاعتراف ولو مرة رغم كل انتكاساته بأصغر إخفاقٍ أو تقصير تم أو يتم من قبل أحدٍ من قادة فروعه البارزين، أو مسؤولاً من مسؤولي إحدى المؤسسات التي تتبعه، وهو عموماً منهج من المنهجيات التي تتبعها كل التنظيمات االشمولية في العالم، إذ أنهم يدركون بأنهم لو أقروا بخطئهم الجسيم مرةً ما وفي موقعٍ ما، فذلك الاعتراف قد يقود الناس الى المطالبة بالمزيد من الاقرارات عما اقترفوه ويقترفونه بحق المواطنين ليل نهار
حيث أن سلفه أي حزب العمال الكردستاني الى الآن لم يعترف بأنه أخفق في مشاريعه الطوباوية التي لا تزال تجر الخراب والدمار الى المناطق الكردية في جنوب شرق تركيا، أو تجرأ وطالب بمراجعة سياسته وانتقاده لمسار التنظيم وتاريخه، وهي نفس الآلية الاستبدادية التي اتبعها ويتبعها فرعون البعث، إذ أنه منذ البدء كان أسد البعث مستعد لأن يفعل كل ما بوسعه، إلّا الاعتراف بخطئه فلم يقدر عليه، لأنه كان يدرك بأنه لو فتح تلك الثغرة فسُتفتح عليه عشرات النوافذ والشبابيك، لذا واجه الشعب بالمدافع والطيران بدلاً من مواجهة نفسه وحزبه الفاشي بالخطايا.
ولكي لا تذهب دماء آل فاطمي هدراً كما حدث مع ضحايا مجزرة قامشلي، نعيد طرح ملف العملية الانتحارية في حفل زفاف الشاب زردشت مصطفى منذ اسبوع على طريق قامشلو الحسكة، والذي خلّف عدداً كبيراً من الشهداء، لعلنا نتمسك بملاح مَن يقف وراء العملية، وذلك من خلال قراءة ما بين سطور المتحدثين عن تلك العملية في وسائل الاعلام، إذ أن من يقرأ التصريحين المنشورين عن تفجير صالة السنابل سينتابه الشك فور المقارنة بينهما، ويتوقع بأن التصريح المنشور على لسان العروس بيريفان خليل ليس سوى كلام انشائي قام بصياغته الصحفي نفسه، لأنه كلام عادي وعابر وأي شخص لم يكن في الصالة بامكانه من خلال ما سمعه من الأخبار في وسائل الاعلام أو الشارع أن يؤلف حبكة مماثلة، لأنها تخلو من أية معلومات قد تفيد القضية بشيء، ولا قيمة تذكر لكل التصريح الذي نشرته شبكة كرد ستريت، ونحن كصحفيين بامكان الواحد منا إذا ما أراد نسج وتلفيق عشرات التصريحات المماثلة، فأي معلومات هذه وهي تتحدث عن تحضيرات العرس لما يقارب الخمسة أشهر، ثم لاحظوا هذا التناقض في التصريح المنسوب للعروس وهي تقول “بأنهم لم يكونوا يتوقعوا إطلاقا أن يحدث هذا “الأمر” في حفل زفافها، ومن ثم قولها بأنهم في ظل الثورة وبأنه من الطبيعي أن يتوقعوا حدوث أي شئ من هذا القبيل، وأنها لم تكن تتوقع أن يحدث هذا الشئ في حفلتها” تمعنوا في هذا التخبط في التصريح المنسوب للعروس ثم احكموا بأنفسكم، ثم قول العروس بأن المصور كان أمامها فأصابته شظية في قدمه، وبأنه لو لم يتواجد ذلك المصور لكانت الشظية قد أصابتها.
إذاً فمربط الفرس هو ذلك المسمى بالمصور في ذلك التصريح، فإما أن هذه الفبركة كلها لأجل تشويه حقيقةٍ ما متعلقة بالمصورين، ومن ثم إخفاء قضية الكاميرا المسروقة بما فيها، بإعتبار أن أبرز المصورين أي أحمد خلف تحدث عن سرقة الفيديو من قبل أحد زملائه فور حدوث الانفجار، وذلك من خلال تصريحه لموقع Bûyerpress، ولعلهم بدلاً من المساهمة في كشف الحقيقة يحاولون جاهدين إبعاد الشبهة عن أتباع آلدار خليل، وذلك من خلال التصريح الذي بدا له مختلقاً بقولها “أنهما يقومان بعمل وصفته بالوطني هي وزوجها وبأن هذه العائلة وطنية ولها تاريخ عريق مع العمل النضالي وأنه من الطبيعي أن يكون لديهم أعداء وأن تنظيم داعش صرح إنه قتل العديد من قيادات الpkk على حد قولها” وهنا يبدو جلياً أن الغرض من هذه الفقرة من التصريح هدفه تبرئة ساحة حزب الاتحاد الديمقراطي كالعادة، بل وفوقها إخراجه كبطل ومستهدف، بدلاً من النظر إليه كشريك محتمل في العملية هذه كما كان تفجير قامشلو من قبل بحوالي شهرين.
فمن خلال تصريح كورد ستريت وما يقوله المصور أحمد خلف يمكن استنتاج الخلل واكتشاف خيط الحقيقة إذا تم تعقبه والإمساك به من خلال التحري الجيد وبحرفية عالية، حيث يقول خلف “كان زميلي المساعد (مصوّر الفوتوغراف) جالساً في مكتب إدارة الصالة أثناء التفجير، وهرع فور حدوث التفجير إلى الصالة، باتجاه الطاولة التي كانت جميع عدّة التصوير موضوعة عليها ومن بينها (كاميرا الفوتوغراف) خاصّته، وكاميرا الفيديو التي تحوي شريط التسجيل والتي تتلقى البث من الكاميرا الأخرى التي يتم تصوير الحفل بواسطتها، ولكنه فوجئ بأنه لا أثر لكاميرا الفيديو التي كانت مثبتة على الطاولة، بينما كانت كاميرا الفوتوغراف موجودة في مكانها” وحسب تصريحه لبوير برس أبدى خلف “اندهاشه من السرعة والطريقة التي استطاعت فيها هذه اليد من انتزاع الأشرطة الموصولة بمآخذ (جكات) الفيديو الثلاث إضافة للشريط الرئيسي الموصول إلى أجهزة الفرقة الموسيقيّة، خلال دقيقة ونصف، وهي الفترة الزمنية من خروج مساعده من غرفة الإدارة وتوجهه للصالة وتعثّره بالجثث والجرحى والأنقاض نتيجة انقطاع التيار الكهربائي والغبار الذي ملأ المكان، حتى وصوله إلى طاولة البث المثبتة عليها الكاميرا، وقوله بأنه كانت هناك أشياء أخرى على تلك الطاولة أيضاً، وكان بإمكان من أخذ الكاميرا أن يأخذها” إذا أراد وإذا كان مجرد سارق، بما معنى أن من أخذ الكاميرا هو ممن كان من المراقبين للوضع في الصالة ومن العارفين بتفاصيل المكان، ومن يفهم جيداً التعامل مع آلات التصوير حتى ينتشلها بحرفية واتقانٍ ملحوظين حسب تصريح المصور خلف، لأن من طبيعة الانسان أنه إذا حدث تفجير في أي مكان أول ما يسعى إليه هو إما إنقاذ من يستطيع إنقاذهم أو البحث عن أقربائه وأصحابه بين المصابين، أو السعي لإبلاغ الناس ليدقدموا المساعدة اللازمة، بينما صاحبنا فلم يخطئ، ولم يتلبك، ولم يُشغله المصاب الجلل، إنما كل همه وقتها هو أن يُخرج الفيديو بأمان لأن الفيديو حسب الجهة التي تقع خلفه أهم من حياة كل من كانوا ضحية العملية القذرة.
كما يؤكد المصور خلف “بأن من قام بأخذها هو رجل خبير، لأنه لو حمل الكاميرا دون فكّ كل هذه الأشرطة المثبتة عليها، لانتزع كل شيء، ولأن زملائنا في طاقم التصوير والآسايش حين قاموا بلملمة ما في الصالة من أغراض، كانت مخارج الشرطان الثلاثة التي تمّ انتزاعها من مآخذ الكاميرا بدقة وعناية موضوعة على الطاولة، أعتقد بأن هناك شخص آخر في الصالة وهو (شريك الارهابيّ)، وكان جالساً بين الحضور، إذا الأمر مدروس بشكل جيّد، ومخطط له بعناية، وتمت المتابعة والتنسيق مع الارهابيّ من داخل الصالة”.
ومن باب المقارنة بين التصريحين المذكورين اعلاه، أي التصريح المنسوب للعروس والذي نشره كورد ستريت والتصريح الذي نشره بوير برس فيبدو جلياً أن المصور أحمد خلف واثق مما يقول ويعرف ماذا يقول وقد قدم الرجل عشرات المعلومات الدقيقة والمفيدة في تصريحة، بينما في التصريح المنسوب للعروس فلا معلومات ذات قيمة ولا دقة فيها وهو مجرد كلام إنشائي لا فائدة منه سوى العمل على تشويش ما يتعلق بالمصور والمساعد والشخص الذي قام بسرقة الفيديو وذلك لتضليل الناس والمتحرين فقط، وثانياً لإصباغ الصفة الوطنية على حزب الاتحاد الديمقراطي وتبرئة قادته والفروع الأمنية التابعة له من الاتهامات التي تحوم حول التابعين له من خلال تصريح المصور أحمد خلف، الذي أكد “بأن الكاميرا أُخِذتْ من الصالة بُعيد التفجير بدقائق ليس بغاية السرقة، وإنما للحصول على المعلومات، وأن مَن أخذ الكاميرا يعلم بأن هذه الكاميرا ستظهر كل الحقائق”، وبخصوص العملية الانتحارية تلك والتي راح ضحيتها العشرات فمن أخفى الأدلة إما هو مشارك بالجريمة منذ البدء وكان قد خطّط مع القاتل قبل فعلته وبعدها، أو أنه شخص نذل ينوي المقامرة بالأرواح التي زُهقت.
لذا فبناءً على ما يتحدث به العامة في الداخل، ومن لم يأخذه الانتحاري معه إلى ملهاه السماوي، ووفق المعلومات الصادرة عن مصور حفل الزفاف، أن هنالك من هم متورطون بالعملية الانتحارية غير الدواعش ممن كانوا موجودين بقلب الصالة قبل حدوث الاعتداء، وهم الذين أخفوا الفيديو، وأعطوا للاعلام معلومات أخرى بهدف التضليل والتشويش على كل من سيتابع خيوط العملية، لذا وقبل ان تصفيهم داعش أو يعتقلهم جهاز الأسايش أو الأمن السوري، على الأحزاب الكردية غير المنضوية في الجبهة الوطنية الإيكولوجية ومعهم وسائل الاعلام الحر أخذ المعلومات من المصور ومساعده قبل أن تقوم الجهات المستفيدة من إخفاء الفيديو بتصفيتهم أو إسكاتهم رغماً عنهم أحد أفرع آلدار خليل وشركاه.