ازمة الاحزاب الكردية واعادة بناء الحركة الكردية

حسن شندي 
أثار الدور السلبي للاحزاب الكردية في الثورة السورية العديد من التساؤلات في ظل وجودها كما كان يشاع كحركة سياسية معارضة للنظام المافيوسياسي في سوريا , كما ان موقفها من المعارضة السورية وتخبطها بين فك الارتباط بالنظام او التعبير عن طموحات الشارع الكردي التواق للحرية خلق انهزامات عديدة في جسد الشارع الكردي الثوري واعلانا صريحا بفشل هذه الاحزاب بالخروج من ازمتها المتوارثة منذ الستينيات كتوارث ارتباطها برؤساء الافرع الامنية في كردستان سوريا وكاحزاب صنيعة استخباراتية تلعب ضمن الدوائر السورية الحمراء والصفراء, علما بان الشارع الكردي باغلبيته خرج مطالبا بالحرية منذ بداية الثورة حيث حُفرت جمعة (ازادي) اي جمعة الحرية في صدر الثورة السورية المباركة.
وقدم الشعب الكردي العديد من الشهداء وارتفعت لافتات واحد واحد واحد الشعب السوري واحد في عامودا ودرعا كما عبر الشارع الكردي عن مطالبه الواضحة والصريحة عندما قال لا نريد جنسية نريد حرية وغيرها من الشعارات التي لامست وجدان النسيج الوطني السوري ونشرت عبق روح الفسيفساء السورية على طول الصرخات والمسافات الوطنية ..
 لقد فاجأت الاحزاب الكردية في شمال سوريا صراحة كافة المكونات السورية والدول الاقليمية وحتى الاطراف الخارجية المتربصة بالمنطقة والتي كانت تتوقع على الاقل ان تلعب هذه الاحزاب دورا مشابها لما لعبته الاحزاب الكردية في كردستان العراق. وبدلا عن ذلك وللاسف لعبت دور الجحوش في شمال العراق في زمن صدام حسين من قمع للشارع الثوري وتصفية للثوار من مدنيين وعسكريين وضباط وحزبيين وطنيين واتكال هذه الاحزاب على وعود ديكتاتور لم يصدق يوما مع شعبه. فلم تعلن هذه الاحزاب موقفها الصريح من نظام الاسد و لم تتخذ اي خطوات طمأنة للشارع الكردي او السوري بشكل عام في وجودها كجسد او حركة سياسية كانت تدعي الاضطهاد والتهميش والاعتقال , لكنها وللاسف فشلت في اداء دورها المطلوب بالتعبير عن طموحات الشارع الكردي وفشلت في العمل على التغير الديمقراطي واقامة شراكة وطنية حقيقة مع باقي المكونات والشرائح في سوريا لذلك كنت ولازلت ارفض كتحليل سياسي منطقي ان اسمها ضمن (الحركة) السياسية في الوطن السوري فالحركة بمعناها الديناميكي او التعريفي هو تبدل الجسم من مكان لآخر وهنا نخص بمقصودنا السياسي بالجسد السياسي. فالتغيير او التبدل السياسي لم نلحظه على كافة الاحزاب الكردية في سوريا التي لم نعد نستطيع معرفة عددها الحقيقي ومن رؤسائها رغم ذكري لها في العديد من المقالات الا انها في انشطار وانشقاق مستمر منذ عام 1961 وماشكلته من منظومة او تحالف او مجلس في الاونة الاخيرة لم يتبعه اي حركة سياسية حقيقية فهي لم تستطع ان تحصل على اي اعتراف دستوري او دولي بحقوق شعبنا الكردي او وجوده في كردستان سوريا وبقيت تدور في فلك الاستخبارات السورية او الايرانية او التركية او الامريكية والحقيقة واضحة والاصطفافات واضحة التركيبة الغير سليمة والغير منسقة فيما بين احزاب المجلس واحزاب المنضوية تحت سلطة الامر الواقع وسنستخلص انها لم تكن ضمن حركة سياسية كردية بالوصف المذكور سابقا بل هي احزاب كردية في ازمة حقيقية تذوب وتنشطر وترتفع اسهما بارتفاع اسهم داعميها من اعداء الشعب الكردي . 
وهي في مكانها دون تحقيق اي مكاسب حقيقية دستورية او توافقية مع كافة المكونات السورية الاخرى وشكلت عائقا امام تطور الجسد الثوري الكردي او الحركة الثورية الكردية الوطنية في سوريا والحركة الثورية بشكل عام .. ولاحظ السوريون جميعا ذلك من خلال سنوات الثورة السورية وتراكم الاحداث والمماحكات السياسية الحاصلة منذ التقاء اول جسد سياسي معارض في انطاليا الى يومنا هذ حيث سيطرت قوات الاتحاد الديمقراطي بقوة السلاح على اغلبية المناطق الكردية وخلقت فجوة كبيرة بين مكونات الشعب السوري بل ولعبت دورا كبيرا في تهجير الشعب والاحرار واغتيال واعتقال كل من كان مؤيدا لثورة الكرامة والحرية من ابناء شعبنا في كردستان سوريا  .
 اعتقد ان الحراك السياسي الكردي بالمعنى الحقيقي كاد ان يتحقق من خلال انتفاضة الشعب الكردي في 2004 تلك الانتفاضة التي قادها الشباب الثوريين والمثقفين والعديد من شرائح المجتمع الكردي في شمال سوريا المؤمنين بالحرية ولقد كان واضحا كيف احرجت النظام السوري كثيرا حتى اوعز ماهر الاسد الذي اتى خصيصا لاجلها الى حلب اوعز بجمع قادة الاحزاب الكردية واعطائها بعض الصلاحيات وبعض الوعود المعسولة شريطة قمع هذه الانتفاضة ووادها واعتقال كافة الشباب الثوريين الخارجين عن طاعة الاحزاب الكردية, فاتضح لابناء الشعب الكردي من خلال ما وزعته هذه الاحزاب من بيانات سلبية انهزامية تدجينية وتقارير كيدية ضد الشباب الثوري والمثقفين الاحرار بانها السبب الرئيسي في فشل الحركة السياسية الكردية في سوريا والتآمر عليها فالبيانات التي تم توزيعها وبكثافة غير معهودة كانت تتماشى مع مقولة النظام المافيوسياسي البعثي القديمة والجديدة من مؤامرة خارجية وما الى ذلك ووصف الشباب الكردي الثائر بالمخربين والخارجين عن القانون ولقد ادرك الشارع الكردي بعد انتفاضة 2004 بان هذه الاحزاب كما كان يشاع هي فعلا احزاب محمد منصورة رئيس فرع الامن العسكري المعروف، وانها لن تعبر يوما عن طموحات الشارع الكردي ولن تستطيع بناء شراكة حقيقية مع المكون السوري . 
الحراك السياسي كاد ان يحقققه العديد من الشخصيات الوطنية والثورية كالشهيد العلامة معشوق الخزنوي الذي تم اغتياله بطريقة خبيثة من قبل النظام بعد خطاب التحدي الذي اعلنه صراحة للسلطات البعثية السورية وسط حشد جماهيري كبير حيث قال ان دماء شهدائنا لن تذهب هدرا وان ما اوخذ بالقوة لن يسترد الا بالقوة , وخلق تحديه هذا ونهجه الوطني في رفع وعي الظلم عن سوريا بكافة مكوناتها انتشارا لدى العديد من الحركات الشبابية الكردية التي كانت تجتمع سرا وعلنا وتوزع البيانات والملصقات على الجدران وتطالب بالتغير كاول تغيير حقيقي في مسار الصمت والركود السياسي في الشمال السوري و حركة الشباب الكرد التي برزت قبل سنوات مثال على ذلك كما انه جرى تجديد للروح السياسية من خلال ايمان المثقفين والوطنيين بانه يمكن ان يكون هناك تغيير وحراك دون الالتفات لهذه الاحزاب المتقوقعة كلاسيكيا على ذاتها والمتبعة نفس النهج دون الحصول على نتائج ايجابية، كما كانت مبادرات مشعل التمو كزعيم لتيار المستقبل دورا اساسيا ايضا في بدء الحراك السياسي الكردي السوري وطبعا جرت تصفيته وتصفية العديد من الشباب والقوى الثورية منذ ان تطورت الحركة السياسية الكردية وخطت خطوة الى الامام ودخلت مرحلة الفعل الثوري ضد نظام الحكم الاجرامي في دمشق اي في السنوات العشر الاخيرة على عكس الركود والتخبط السياسي للاحزاب الكردية في سوريا وهرولتها المكانية. لقد ادرك النظام المجرم خطورة هذا التحول الثوري والحس الوطني الكردي الذي تاسس على خلفية كردية سورية وطنية تناقلها وتعمق باستوعابها بدءا بكمال شاهين الذي انشق عن حزب العمال الكردستاني ليعلن في احدى مؤلفاته مقولته المعروف باننا اكراد سوريين استغلنا حزب العمال الكردستاني والاجزاء الاخرى ومشكلتنا تحل في دمشق. وعبر معشوق الخزنوي ومفهومه للحق والحرية وعبر مشعل التمو الذي اكد على ان الشعب السوري واحد وطالب الجميع بالبصق في وجه جلاد الوطن وان الشعب الكردي يجب ان يخطو الى الامام ليتحرك في الاتجاه الصحيح. فوسع النظام خطته وادرك ان اللعبة اكبر من احزاب تابعة هزيلة لا حياة فيها فابرم اتفاقاته مع حزب العمال الكردستاني فجلب ميليشا هذا الحزب من جبال قنديل وسلمه مفاتيح المناطق الكردية ليعبث بها كما يشاء ويحولها الى كانتونات كرتونية ككانتون المهاجرين في دمشق فاستفردت هذه الميليشيا بقيادة صالح مسلم بالمناطق الكردية ورفضت الشراكة الكردية الكردية ورفضت مطالب الشعب الكردي المطالب بالحرية بل مزقوا لافتات الحرية وكسروا لافتات التعايش المشترك رفضت الشراكة الوطنية السورية ونعتت الجيش الحر وكافة المعارضة السياسية والقوى الثورية بالاردوغانية والخونة فاعتقلت الشباب الكرد وهجرتهم واغتالت السياسيين الثوريين واعتقلت كل من يعارض سياسات النظام السوري العفلقي , بل قامت بالاشتراك مع النظام في العديد من المواقع ضد الثوار وتصفية الكتائب الكردية والغير كردية . لقد قام هذا الحزب حزب الاتحاد الديمقراطي وباقي الاحزاب التابعة له بدورهم المنوط له على اكمل وجه حالمين بوعود النظام المجرم حليفهم القديم الذي غدر بهم اكثر من مرة وهانحن ندرك الان من خلال معارك منبج وغيرها بان ما شكلته غزوات هذا التنظيم جاء بلاء على ابناء شعبنا بل ان من بقي في الداخل الان يعيش ظروفا صعبة جدا لا يمكن ان يتحدث عنها سوى من يعيشها في ظل سلطة كردية بعثية ترسل شبابنا الى المحرقة والهلاك لاجل نظام مافيوسياسي مجرم ولاجل انظمة وقفت في وجه طموحات شعبنا التواق للحرية.
في المقابل ومن الجهة الاخرى احزاب المجلس الوطني الكردي المتقوقعة بشعاراتها وبياناتها كجسد هزيل مريض لم تستطع فعل شيئ لما يجري من عمليات تهجير واغتيال واعتقال سياسي لاحرار الشعب الكردي في سوريا ومايجري من تشويه للمطالب الكردية من قبل بعض المعارضات السياسية العربية السورية معبرا عن خيبته من خلال بياناته التي لم تقدم ولم تؤخر يوما في حال الحراك السياسي الكردي واخر هزائم هذا المجلس ما تم اقراره في لندن حيث تبين للعلن بان لا دور له في اصطفافات المعارضة السورية ولا في اروقة الامم الحاكمة على رقاب الشعوب بل انه عاجز حتى عن المطالبة بحقوق شعبنا الكردي لا من خلال المسلسات الجنيفية او المؤتمرات المصيرية واكبر خطا ارتكبته احزاب المجلس الوطني هو تهميشها للحركات الشبابية والتجمعات الثقافية والوطنيين من ابناء شعبنا الكردي وانعزالها بتركيبتها العجائزية نفسها التي كانت ولازالت تزور افرع الامن وتحيك المؤامرات على بعضها البعض فها نحن نرى الان الشخصيات ذاتها التي كانت ولازالت على راس احزابها والتي لم تشارك بجدية باي حراك او فعل سياسي حقيقي بل وكانت عائقا امام تطور الحركة السياسية الكردية ها هي الان ناطقة باسم المجلس دون رضا من اكثرية اعضاء المجلس او الاعضاء المنتمين لهذا الجسد الهزيل . 
هنا يعتقد البعض باننا نهيئ لحركة ما او لحزب جديد انا هنا اريد التاكيد على ان هناك فرق كبير بين تاسيس حزب او تاسيس وعي بالحالة التي نعيشها فما نشير اليه هو وضع الاصبح على الجرح وانقاذ ابناء شعبنا الكردي من ما نحن فيه من مازق وايجاد حل ما لما نحن فيه الان بالتوافق مع جميع القيادات الحزبية او السياسية والشبابية لخلق حراك سياسي حقيقي فنحن بحاجة الى الحوار والاعتراف بالاخر ودعم كافة التنظيمات والتجمعات الشبابية لتقوم بدورها التاريخي فالشباب هم العصب لتطور المجتمات ونحن كمجتمع كردي سوري بامس الحاجة لهذه الشريحة فلقد اثبت عجائز احزابنا السياسية فشلهم حتى الان ..
  ان ما نحن فيه من انقسام في المواقف وضعف في الارادة بين الداخل والخارج وانزعاج في المزاج الكردي العام هو جاء نتيجة فشل الاحزاب الكردية في تمثيل الارادة الكردية والشارع الكردي التواق للحرية وللخلاص والمؤمن بقيم التاخي والتعايش المشترك والرافض لاي انجرار لخلق فتنة او التهجم على اي مكون سوري  اخر في ظل الازمة التي يعانيها الوطن السوري الجريح. لقد تبين لابناء الشعب السوري ان حزب الاتحاد الديمقراطي او سلطة الامر الواقع التي فرضها النظام المجرم على ابناء شعبنا والاحزاب الكردية المتخبطة في جيوب الائتلاف تسببوا في ازمة حقيقية لن تحل الا من خلال اعادة لم شمل الحركة الوطنية الكردية السورية من الشباب الفاعل والمثقفين والقوى الثورية المهمشة والتنظيمات المنشقة عن احزابها وكل مجموعة كردية سورية لبت نداء الحرية ولازالت تامل في لعب دورها التاريخي . واؤكد انه فقط بمشاركة واسعة وتاييد من الجميع احزابا وتنظيماتا شيبا وشبابا يمكن ايجاد حل ما لما نحن فيه من مازق في هذه المرحلة الحاسمة التي يحاول العديد من الدول فيها ايجاد منطقة امنة او هدنة او وقف لاطلاق النار, ما نعانيه الان لن يحل الا بجهود الجميع ومشاركة الجميع من خلال الانطلاق من ثوابت وطنية واضحة شفافة لابناء شعبنا الكردي ولكل السوريين .
معارض كردي سوري
30/09/2016

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…

خليل مصطفى مِنْ أقوال الشيخ الدكتور أحمد عبده عوض (أُستاذ جامعي وداعية إسلامي): ( الطَّلَبُ يحتاجُ إلى طَالِب ، والطَّالِبُ يحتاجُ إلى إرادة قادرة على تحقيق حاجات كثيرة ). مقدمة: 1 ــ لا يختلف عاقلان على أن شعوب الأُمَّة السُّورية قد لاقت من حكام دولتهم (طيلة 70 عاماً الماضية) من مرارات الظلم والجور والتَّعسف والحرمان، ما لم تتلقاه شعوب أية…

أحمد خليف الشباب السوري اليوم يحمل على عاتقه مسؤولية بناء المستقبل، بعد أن أصبح الوطن على أعتاب مرحلة جديدة من التغيير والإصلاح. جيل الثورة، الذي واجه تحديات الحرب وتحمل أعباءها، ليس مجرد شاهد على الأحداث، بل هو شريك أساسي في صنع هذا المستقبل، سواء في السياسة أو في الاقتصاد. الحكومة الجديدة، التي تسعى جاهدة لفتح أبواب التغيير وإعادة بناء الوطن…