صفية عمر*
أعلنت ميليشيات حزب الاتحاد الديمقراطي يوم أمس فرمان جديد يدعو الى حظر التجوال في كافة المناطق الكردية من منطقة الجزيرة ومنع مغادرة المنازل وبحجة القيام باجراء احصاء استثنائي جديد وسريع يهدف كما يدعي بيانهم إلى القيام بدراسة احصائية جدية حول منطقة الجزيرة ويبدو قد تم التحضير لهذه العملية بدراسة سرية دامت عدة اشهر والغاية منها امور قد تكون في الوهلة الاولى عادية جدا كأنها دراسة مبسطة عن الوضع العام في منطقة الجزيرة ولكنها في الحقيقة عملية اعقد من ذلك بكثير انها فعلاً عملية احصاء استثنائية شبيهة تماما بالإحصاء الاستثنائي الذي نفذه مشروع محمد طلب هلال عام ١٩٦٢ ومن خلال نفس الاليات التقنية مما يدل بوضوح على أن العقلية التنفيدية للمشروع الاحصائي هو نفسه ،
وهذا يعبر بوضوح ان الغاية من عملية الاحصاء التي جرت او لازالت جارية هي واحدة وتخدم اجندات معينة وانها في النتيجة لا تخدم مطلقا الشعب الكردي وقضيته القومية المشروعة بل بالعكس انها تسيء بشكل غير متوقع لهذه القضية التي ناضل من اجلها شعبنا الكردي وقدم من اجلها الكثير من الشهداء والجرحى والمعتقلين والنفي والى اخره ،،، والان في لحظة واحدة او بجرة قلم او من خلال مشروع عنصري يرغب البعض إنهاء هذه القضية وتصفيتها .
ان التغيير الديمغرافي الكبير الذي حصل في المناطق الكردية نتيجة الحرب المستديمة في سوريا منذ اكثر من خمس سنوات والظروف الأمنية الخطيرة في هذه المناطق والتفجيرات التي حصلت فيها والهجرة الكبيرة الوافدة الى المناطق الكردية من المدن السورية الاخرى والسياسات المرعبة التي مارسها و مازال يمارسها ميليشيات حزب الاتحاد الديمقراطي بحق الشعب الكردي وفي المدن الكردية من كردستان سوريا من قتل النشطاء والتجنيد الإجباري وخطف الشباب واعتقال الاعلاميين والسياسيين والنشطاء وتطويق القرى الكردية وسياسة كم الأفواه والارهاب الذي تمارسه هذه الميليشيات بحق ابناء الشعب الكردي ، كل هذه السياسات ساهمت بهجرة نسبة كبيرة من الشعب الكردي وخاصة الشباب منهم ، وان القرى المستوطنة في المناطق الكردية اصبحت تعج بالعرب المغمورين عكس القرى الكردية التي اصبحت خاوية ، ان كل هذه الأسباب كانت كافية في التغيير الديمغرافي في المناطق الكردية ، علما ان نظام الاسد ومن خلال مشاريعه العنصرية فشل ان يحقق هذا التغيير رغم كل الأساليب التي مارسها هذا النظام وذلك بسبب الارداة القوية التي كان يملكها الشعب الكردي في مواجهة هذه المشاريع العنصرية من خلال أحزابها الكردية وقياداتها ، هذه القيادات التي تعتقل من قبل ميليشيات حزب الاتحاد الديمقراطي
لذلك ان اجراء اية عملية احصائية في هذه الظروف لن تخدم قضية شعبنا بل بالعكس ستقدم خدمة مجانية للمشروع العنصري العروبي وان نتائج هذه العملية ستكون صك مجاني لإجندات النظام ومشاريعه العنصرية .وقد يكون احد أسباب هذا الاحصاء عملية أمنية بحتة لمعرفة التفاصيل السكانية في المناطق الكردية . كما يكون له أسباب اخرى منها اجراء احصاء لنسبة الشباب المتبقية وإيجاد آلية لتجنيدهم في حروبه الخاصة خدمة لاجندات النظام السوري او تهجيرهم الى خارج الوطن ، والاستيلاء على املاك الكرد المهجرين قسراً وتوزيعها على أنصار حزبه .
ان مايسمى /انا هنا / اي عملية الاحصاء السكاني تهدف إلى إيصال رسالة خاصة إلى الشعب الكردي والمقيمين خارج المناطق الكردية أن خدمة العملاء في الساحة الكردية لحقوق الملكية الدستورية ستكون لحساب النظام السوري ويؤكد هذا المشروع العلاقة الوثيقة بين الجهتين وخاصة بعد إقالة الحكومة السورية بعض الموظفين المناضلين من وظائفهم ما يعني أن الإدارة الذاتية وحكومتها تعمل بتوجيه بل وتنفيذ لمقررات الدولة والتي ما تزال قائمة بحكمها في المناطق الكردية .
في النهاية لابد من التاكيد ان هذه العملية لن تخدم القضية الكردية ولن تحقق اي نجاح لأجندات حزب الاتحاد الديموقراطي ، لان الشعب الكردي وأحزابه القومية لازال يملك الكثير من الاوراق الحقيقية في خدمة قضيته القومية وخاصة مشروعه القومي الذي يقوده الرئيس مسعود البرزاني كما ان هذا الشعب يملك ارادة قوية في مواجهة كل التحديات المستقبلية ، كما لازال يملك هذا الشعب بيشمركته الأبطال ، هذه البيشمركة القادرة بصمودها وارداتها القومية ان تحمي الارض والشعب وجوده القومي .
ان هذا الاحصاء الاستثنائي سيفشل كما فشل المشروع العنصري لمحمد طلب هلال ، لان شعبنا سيقول كلمته عاجلا ام آجلا .
* عضو ممثلية أوربا للمجلس الوطني الكردي