هجوم بربري.. ورسائل غير بريئة!!

عمر كوجري
الهجوم الذي تعرّض له مكتبا الديمقراطي الكوردستاني- سوريا، وحزب يكيتي الكردي في قامشلو لم يحمل عنصر المفاجأة، والاستغراب لسبب بسيط وهو أن مسلّحي ب ي د اعتدوا مرات كثيرة، وفي كل مناطق كوردستان سوريا على مقار ومكاتب الأحزاب الكردية، وبالتّحديد أحزاب المجلس الكردي الذي يراه الاتحاد الديمقراطي عدوّه اللدود، ويحرّض بين فينة وأخرى أنصارَه من بعض الصبية والمستزلمين الرخيصين بإضفاء نعوت لا علاقة لها بالتنافس الحزبي أو الانتخابي بقدر ما لها علاقة بالاستسهال الشتائمي البغيض.
بالعادة معظم هجمات أنصار الـ ب ي د كانت تتم عن طريق ذراعه الضاربة” الأسايش” حيث كانت تهاجم بشكل وحشي تجمُّعات أو لقاءات أو اجتماعات لهذه الأحزاب” العدوة” و”تغير” على العلم الكردستاني، الرمز الذي يُمثل كرامةَ حوالي الخمسين مليون كردي في أربعة أجزاء كوردستان، وتحاول النيل تمزيقاً وتقطيعاً بطريقة تنبئ عن حقد دفين ومبيّت لكل ما يرمز للكرامة الكردية، وللتاريخ الكردي.
ب ي د هو الذي يقرر كلَّ شيء، وخاصة إهانة أحزاب المجلس شعبياً، لذلك يسقط قول بعض المحسوبين عليه، والمُطّبلين له أنه حزب سياسي لا علاقة له بقضايا الأمن والاسايش، فمن “مصلحة” ب ي د، ورغم ضعف هِمّة المجلس الكردي بين الجماهير في كوردستان سوريا مناصبة العداء المكشوف له، وفي كل مناسبة ينبري قياديو هذا الحزب” المتسلط” والأحزاب الدائرة في فلكه” بكيل التُّهَم جزافاً ضد المجلس وقيادييه وكوادره، ومن هذا المنطلق، فـ ب ي د مسؤول عن “التعنيف” والتعصيب” وحتى “الإجرام” الذي يوصف به مناصروه ضد كوادر المجلس الكردي، وبعضهم باتت حياته في خطر، خاصة الذين يصرُّون على البقاء والصمود في الوطن وتحت  تهديد كلّ الظُّروف الأمنية غير المتوفرة لهؤلاء الأبطال. 
الهجوم الذي نفّذه هؤلاء” الصبية” كان لإنهاء أيِّ دور للمجلس الوطني الكردي، هؤلاء يعتبرونه عدواً لدوداً يجب محاربته وتصفيته، وجاء الهجوم” البربري” متزامناً مع اجتماع للمجلس الكردي في قامشلو، وما اعتقال السيد ابراهيم برو رئيس المجلس واختطافه بين رفاقه وسط قامشلو، وترحيله قسراً إلى جنوب كردستان إلا جزءاً من تأكيد ب ي د على إلحاق أقصى أنواع الاهانة بحق المجلس، والتصعيد، وتجاوز كلّ الخطوط الحمر.
جاء الهجوم أيضاً لتعطيل عمل المجلس، حيث كانت القيادة موجودة وتجتمع، وتقرر، وتحدد موعد المؤتمر الرابع للمجلس الكردي الذي ينتظره الشعب الكردي بفارغ الصبر، ربما سيكون محطة هامة ليتخلص من ترهُّله، وضعف الأداء الذي وُصف به، ولم يكن بمستوى الأحداث الجسام التي حلّت بأهلنا في كوردستان سوريا، فتفرّج مثلاً على استحواذ حزب معيّن على كل المقدرات البشرية والاقتصادية والسياسية، وميّع النّضال السياسي، وسلك كلّ طريق يؤدي لتفريغ المنطقة الكردية من أهلها، وقدّم التسهيلات اللازمة للأغراب ليسكنوا في المنطقة الكردية، ويشتروا العقارات والمزارع، ويفتحوا المشاريع الصغيرة والكبيرة، بينما تُفرَغُ المنطقة الكردية من خيرة ناسها وهم الشباب الكردي الذي آثر الهروب من الواقع المر، وركب أمواج البحار، الذي فضّل الضياع في عتمة غابات بلغاريا بحثاً عن حياة آمنة على “ديمقراطية ونعيم الهفالان”!!
كوردستان سوريا، وبتصرُّفات ب ي د الرعناء تعيش ملامح مستقبل مجهول، المستفيد الأكبر هو كل أعداء الكرد، وعلى رأسهم نظام دمشق الذي يجيدُ خلطَ الأوراق بشكل متقن، ونجح للآن في ضرب كلِّ السوريين بعضهم ببعض.
 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

نظام مير محمدي*   تُغرق الأخبار المتعلقة بالمفاوضات النووية النظام الإيراني في دوامة من الأزمات الداخلية والخارجية. هذه الأزمات لا تقتصر على فئة معينة في الحكم، بل تشمل النظام بأكمله، وتتفاقم مع مرور الوقت. يمكن رؤية دلائل هذه الأزمات في خطب أئمة الجمعة، وردود فعل نواب البرلمان، والتناقضات في تصريحات المسؤولين.   التحدي الكبير للنظام حدد النظام الإيراني هويته…

د. محمود عباس كوردستان ليست خريطة معلقة على الجدار، ولا نشيدًا قوميًّا يُتلى في المناسبات، ولا لهجة تُنطق في وادٍ دون وادٍ آخر، كوردستان هي وحدة الوجع، وحدة الدم، وحدة الجبل الذي احتضن الثائر، ووحدة الأم التي ودّعت أبناءها في جميع جهاتها الأربع دون أن تسأل، من أي جزء أنتم؟ لكنّ المأساة الكبرى لم تكن فقط في احتلال…

جليل إبراهيم المندلاوي   في خبر عاجل، لا يختلف كثيرا عن حلقة جديدة من مسلسل تركي طويل وممل، ظهرت علينا نشرات الأخبار من طهران بنغمة هادئة ونبرة مطمئنة، تخبرنا بأن مفاوضات جديدة ستعقد بين إيران وواشنطن، هذه المرة في “أجواء بناءة وهادئة”… نعم، هادئة، وكأنها نُزهة دبلوماسية على ضفاف الخليج، يتبادل فيها الطرفان القهوة المرة والنظرات الحادة والابتسامات المشدودة. الاجتماع…

إبراهيم اليوسف بعد أن قرأت خبر الدعوة إلى حفل توقيع الكتاب الثاني للباحث محمد جزاع، فرحت كثيراً، لأن أبا بوشكين يواصل العمل في مشروعه الذي أعرفه، وهو في مجال التوثيق للحركة السياسية الكردية في سوريا. بعد ساعات من نشر الخبر، وردتني رسالة من نجله بوشكين قال لي فيها: “نسختك من الكتاب في الطريق إليك”. لا أخفي أني سررت…