وليد حاج عبد القادر / دبي
لعله من بداهة القول أن المس بالثوابت و تركيبها على محاور تتحول كلعبة دومينو تحرك حجارتها حسب الطلب ، او كحالة موائمة لظرف أو راهنية تستجد ومعها تتداخل المواقف والأسس من جديد وتتحول لتصبح هي / التحولات / كهدف أو أساس ، وهنا وبعيدا عن التنظير وفي عودة الى المنعطفات المصيرية والحادة ، والتي لربما يكون الإنقلاب العسكري في تركي/ الشهر الماضي / قد ساهم / في توفير أرضية تداخلت وتشابكت كما وتنابذت المحاور ببعضها وإن تم سحب البساط عن كثير من الركائز والأسس التي تمأسست عليها السياسة التركية والتي لامستها عوامل التغيير قبل ذلك بالترافق مع استقالة احمد اوغلو وانزياح نظريته المشهورة ،
وان كان الانقلاب قد حفز وبقوة فكفكة مفاصل هذه السياسة وبسرعة قصوى ، وكحالة هنا سبق ان تعرضنا لها كثيرا ، واعني بها المسألة الشرقية التي لازلنا نعيش لجة مخاضها العنيف ، لابل لعلها الظاهرة الأوحد التي تعيد انتاج دوامة أزمتها باستحضار مقارب إن للتاريخ أو حتى الفاعلين ومؤثراتهم في محاكاة عملية وظاهرة دورة التاريخ حتى بمسميات الدول سوى بعض المتغيرات كما وتراكمات كنتاج لعقود من السنين ، لابل ان الإفرازات المطروحة ايضا كجدل سياسي ، او حتى رسم خرائطي متجدد ، خاصة بعد مئوية سايكس / بيكو والتي اثبتت عمليا فشلها الذريع ، ليطفح على السطح وبحدية كبيرة مجمل قضاياها المتراكمة ولكنها هذه المرة لم تقتصر على موضوعة حق الأمم التي ظلمت بمصيرها ، بل عمقت من المظلومية التاريخية المتشنجة اصلا ولتصبح كقاعدة / أرضية ملائمة لبيئات مختلفة ومتناقضة تستجدي لابل وتنمي الشرخ والعداء ، ولعل ظاهرة الإرهاب الأسود المتمثل بالتكفيريين هي أشد تجليات هذا المشهد . إن راهنية الشعوب التي ظلمتها تلك الإتفاقية بخرائطها المرسومة من قبل الدول المنتصرة وفق مصالحها والتي أخذت تزحف بعناوينها في خضم الأحداث التي تعصف في المركز من الهيجان التيكتوني العنيف واعني بها هنا كوردستان بأجزائها الأربعة ومآلات مرحلتنا الحالية وعصر ما سمي بثورات الربيع العربي ولتغدو هي ايضا عاملا أكثر من هام لتزيح الستار عن خفايا كبيرة كانت نمت وتمأزقت وأزيل عنها الغشاوة لتكشف ازمات داخلية عاصفة وقضايا شعوب اشتغلت عليها الأنظمة المستبدة ومارست سطوتها القومية وسعت بكل الطرق الى تغليفها ، ولكنها ارادة تلكم الشعوب فتمظهرت على حقيقتها كقضايا الأمازيغ والطوارق والكورد .. الخ ، و غالبيتها لاتزال في طور التصاعد لايجاد حلولها الجذرية . ومن هنا ، وبالعودة الى واقعنا الحالي وكنقطة استناد ، فقد بدا انقلاب تركيا العسكري وكأنه من العوامل الأساس التي أدت لظهور تحولات دراماتيكية ، لابل واستقطابات تتشكل على ارضيتها مواقف جديدة ومحاور تجمع المتناقضين وبنزعة تاريخية بأثر رجعي فتلمح اتفاق العثمانيين / الصفويين سنة 1639 ، وباتت هذه التحولات منصات تسعى لبلورة رؤاها ومن جديد في سياقية الركض مكانا وفي إعادة انتاج لذلك الأنموذج مغلفة بطابع شكلاني معاصر ، والذي هنا قد لا يكون استعمارا مباشرا وإنما فرض سطوة أو نفوذ ولربما بآليات تضاهي انموذج الإنتدابات أيضا والتي تلت الحرب الكونية الأولى ، ولكنها !! في الواقع كانت قد حيدت حينها الإنموذجين العثماني والصفوي وان بقيتا بأطوار وأشكال مختلفة تظهر حينا وتخفت ، الى أن أعادتا انتاج ذاتيهما من جديد ولكن ضمن نطاقية الإستحواذ الممنهج او ما يعرف بالقوى تحت السيطرة وان ظهرت عليها حالات تمرد واضحة ، ولكن ومن جديد ، وبإسم الإعتدال والإستقرار وعلى أرضية متناقضة ، سعت كل تلك القوى رغم تجاذبها وتنابذها للإرتقاء وفي لغط لغوي ، تدعي سعيها الدؤوب لإعادة أشكلة النظم ضمن نطاقية الخرائط بدولها وبدواعي المواطنة كانتماء لتلك الدول وكحالة تناقض فعلي كما واستدلالية اللانتماء الخاصوي ، أي بمعنى أن نكون شعبا كورديا وفي نطاقية دولة قومية فارسية ، تركية أو عربية وهنا ولمجرد تماسها وطلب حق تقرير المصير فيجابه الأمر إن لم يصفعها بطرح موضوعة المواطنة ، هذه المواطنة المغيبة مفاهيمها فهما وممارسة تطبيقية . إن المتغيرات السريعة وتعدد منصات المحاور وتقلباتها اللحظية ، كما وتشابك خطوط تماسها بشقيها العسكري والسياسي تظهر بوضوح ملامح التسويات المقترحة والتي ما تجاوزت مطلقا مفهومية الثوابت المتحولة ومن جديد مركزة كوردستان والشعب الكوردي وكخطر داهم أكثر من أية مرحلة تاريخية سابقة ، إن من الإرهاب أو بعثرة حقوقها وآمالها القومية تحت يافطات عديدة ولتتركز كلها كاستنباط لهيكلة القضايا الساخنة وبالتالي مبدأ المحاصصات وتوزيعها ، فروسيا بدت احلامها تتحقق بوصولها المستدام الى المياه الدافئة وليست في شبه جزيرة القرم فقط بل الى عمق البحر المتوسط ، ولإيران / أقله للآن / لها فسحتها وطرائقها في تمدد مشروعها وتركيا التي لازالت تعيش رهابها الأزلي على ارضية نكرانها لحقوق كوردها ، هذا الرهاب الذي بدا دائما رهانها الخاسر في المحصلة وإن قابلها فعلها المستحيل لإجهاض اي مشروع يودي بالقضية الكوردية الى النجاح ، وهنا ، وفي اختزال سريع ، فأن ملامح لوزان جديد تتمظهر بوضوح وبطابع عسكري في فضاءات كوردستان الوطن وبالترافق معها آفة بينياتها واصطفافاتها المغلفة بعضها بآفاق ايديولوجية عابرة لكل الفضاءات وذبذبة آخرين تتدرج في تفاسيرها كسير زمكانية لا واقعية سياسية لها ، ومن هنا تبدو المعضلة والأمر الملح وأمام حجم تضحيات المقاتلين الكورد في اكثر من جزء كوردستاني يتحتم على الحركة القومية الكوردستانية ان تكون يقظة وهذا المنعطف الهام في المنطقة التي ستتغير كحتمية طبيعية وان تبذل كل طاقاتها بعيدا عن المحاور الإقليمية ودول النطاق / المحوطة والغاصبة بنفس الوقت ، وألا تنسى مطلقا تلاقيها رغم حلفيهما المتناقض / حلف بغداد وعدم الانحياز حينها / وبالتالي اتفاق طوق الكماشة في الستينات من القرن الماضي واستطاعت الإرادة القومية الكوردستانية حينها من هزيمتها رغم بدائية الإمكانات المتاحة آنذاك ، نعم ، أن راهنية الأحداث ومتغيراتها أقصى حالات اليقظة والسعي الى وحدة القرار الكوردستاني ، سيما ونحن نلحظ دوامة السعي لتلاقي الدول الأربعة من جديد وصوت بعضهم الذي يعلو بتقديس وحدة دول تآسست على انقاض تجزيء الآخرين وأياديها / تلك الدول / تصل أنى شاءت لتعبث في شؤون الآخرين ، كما ان التجربة اثبتت قبلا بأن الرهان على امريكا فيه مخاطرة شديدة ولن تغني مطلقا عن العودة الى الحاضنة واعادة ترتيب البيت الداخلي ، هذا الأمر الذي انتبهت لها رئاسة اقليم كوردستان وللأسف يمارس القيمون على سلطة الأمر الواقع في كوردستان سوريا عكسها .. إن المرحلة التاريخية تفرض على الجميع بالضغط وبقوة لعقد المؤتمر القومي الكوردستاني كإطار عام وبذل اقصى الجهود الداعمة لكل جزء من كوردستان على حدة ، هذا المؤتمر / في حال انعقاده / سيكون الوحيد الذي سيتموضع عليه كثير من الاتفاقات والتوافقات وكذلك الإطار الممنهج للعمل الجاد يكون محورها الأساس الإرتقاء لا في الحقوق وانما آليات النضال وبالتالي مفهومية الحدود التي ترسم بالدم من جهة كما وان البندقية الكوردية إن في سنجار او الحسكة هي لانتزاع حقوق شعبنا لا كمنصات يتبادل اللاعبون من خلال مآسينا رسائل الغزل وأمنياتهم المغمسة بدماء اهلنا لغد هم يبتغونها وبعض منا يصر أن يسير بالقافلة الى لوزان عسكري قادم وهم من جملة صناعها …