الفيدرالية الكردية بين موسكو وانقرة

مرشد اليوسف 
 
العلاقات الجديدة بين موسكو وانقرة بعد اسقاط الطائرة الروسية من قبل انقرة في تشرين الثاني 2015 لابد ان تحمل معها تطورات سياسية جديدة خاصة فيما يتعلق بالأزمة السورية والمشكلة الكردية بالاضافة الى عدد من الملفات الأخرى دات الاهتمام المشترك لاسيما علاقات تركيا مع امريكا وحلف الناتو والاتحاد الأوربي وعلاقات روسيا مع سوريا وايران والعراق وضمن هده الاهتمامات سيسعى كل طرف الى اقناع الطرف الآخر بوجهة نظره ومصالحه وسياسته متى استطاع الى دلك سبيلا , والحقيقة أن الكفة تميل لصالح الروس في هده العلاقة خاصة بعد فشل السياسات التركية في الأزمة السورية وتدهور العلاقات مع أمريكا ((تتهم تركيا واشنطن بالضلوع في خلق فيدرالية كردية في شمال سوريا , وتتهم واشنطن تركيا بالدعم السري والعلني لداعش وجبهة النصرة وبقية التنظيمات الاسلامية الراديكالية ) و محاولة الانقلاب الأخيرة التي هدت حيل تركيا و تعاظم قوة حماية الشعب يبك ويبج الكردية في شمال سورية على الحدود التركية . 
والسؤال الدي يطرح نفسه هو: هل بوسع اردوغان بناء آلية قوية مع بوتين في هده الظروف ؟ . لاشك أن انقرة تدرك على الدوام أهمية روسيا بالنسبة لها غلى صعيد التوازن الدولي وكانت تسعى باستمرار على مدى سنوات طويلة على التواصل مع المحور الروسي – الصيني من خلال منظمة شنكهاي وحصلت غلى صفة دولة مراقب فيها وقدمت طلبا لعضويتها الكاملة , والعلاقة بين موسكو وانقرة كانت جيدة جدا قبل حادثة الطائرة خاصة في الجانب الاقتصادي ( بلغ التبادل التجاري بين البلدين 41 مليار دولار في عام 2002 وكانت تركيا تخطط للوصول الى 100 مليار دولار في عام 2020 .
 وفق هده المعطيات فان اردوغان سوف يستخدم كامل براغماتيته مع بوتين ويسعى الى الحصول على دور أكبر في المفاوضات السياسية بين النظام السوري والمعارضة بما يضمن لأنقرة عدم حصول الأكراد على حكم فيدرالي في شمال سوريا , و من ثم اقناع موسكو بالتخلي عن دعم قوات حماية الشعب (ي . ب . ك – ج) . 
وبالمقابل سوف تعمل موسكوعلى اقامة معادلة جديدة في الشرق الأوسط قائمة على علاقة تركية جيدة مع ايران واسرائيل وسوريا والعراق ضمن اطار روسي . ويؤسفني أن أقول أن القضية الكردية برمتها لاتحتل أولوية بالنسبة لموسكو في هده المعادلة ولامانع لدى موسكو في المستقبل أن تعمل تركيا الى جانب الدول الأخرى على تنسيق المواقف في محاربة تطلعات الشعب الكردي وبلورة قرار جماعي بخصوص الملف الكردي كما كان يحصل في السابق .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…