قراءة في المشهد السوري…

لازكين ديروني
عند التمعن جيدا وبشكل منطقي مشهد الواقع السوري منذ حراك الشعب السوري قبل خمس سنوات الى الآن وما تم خلال هذه الفترة الزمنية من احداث و متغيرات سيجد المرأ نفسه امام مأساة كبيرة و وضع في غاية التعقيد ومن جميع النواحي ,وآفاق الحل و وقف نزيف الدم وطواحين القتل تكاد تكون عقيمة او بعيدة وغامضة من حيث الشكل والمضمون, والدليل على ذلك فشل كل المبادرات والحوارات والمؤتمرات التي عقدت من اجل حلها منذ خمس سنوات والى الآن, والمعضلة الاساسية في ذلك هي انحراف المسار وكذلك الاهداف التي ثار الشعب السوري من اجلها وهي الحرية والكرامة وذلك باسقاط النظام الامني و الاستبدادي الذي عانى منه الشعب السوري طوال اربعة عقود من الزمن واقامة حكم يحفظ له حريته وكرامته.
ان مسالة انحراف المسار عن الهدف المنشود في أي مسالة او عمل تجعلها معقدة وتزيد من صعوبة حلها وتضعف حتى الامل فيها وهذا ما يعاني منه الشعب السوري اليوم حقيقة حيث تحولت ثورته الى صراح طائفي بامتياز من قبل بعض اطراف المعارضة السورية والجماعات الاسلامية المتطرفة هذا الصراع الطائفي القديم الجديد والعقيم الذي يطمح الى السلطة دوما ويهدف الى فرض حكمه ونشر افكاره ,ان هذا الامر كانت ضربة قوية وموجعة لثورة الشعب السوري وطعنة في مصداقية المعارضة السورية داخليا وخارجيا ,حيث نأى اغلبية الشعب السوري بنفسه من هذا الصراع الدموي العقيم رغم كل التضحيات والدماء التي سالت ,ولم يعد مسالة اسقاط النظام بتلك الاهمية التي كانت عنده في بداية الثورة لانه وبسبب هذا الصراع الطائفي ينظر الى الحالة وكانه استبدال استبداد بآخر و لو بشكل مختلف ,وكذلك مسألة الاقليات التي تبدي تخوفها وقلقها على مصيرها وحقوقها كما حدث في العراق بعد سقوط الطاغية صدام واحتدام الصراع الطائفي فيها ,وكذلك خارجيا فقد تغيرت مواقف ونظرة اغلب الدول الداعمة للمعارضة السورية بسبب تخوفها من وصول تلك الجماعات الاسلامية المتطرفة الى السلطة على حساب الديمقراطية وحقوق الانسان ومسالة الحريات لذلك اقتصرت عملها ودعمها فقط للمساعدات الانسانية .
ان الاهداف النبيلة والسامية مثل الحرية والديمقراطية والانسانية وحقوق الانسان من الصعب تحقيقها والوصول اليها بقوة السلاح او الحروب الاهلية والصراعات الطائفية او بانتصار طائفة وهزيمة اخرى ,او بفرض ايديولوجات وافكار شمولية ,وانما من خلال بناء الانسان بناءً سليماً وبعيدا عن تأثير الافكار التي تشوه تفكيره وعقله وسلوكه ,فان أولوية تحرير عقل الانسان اهم من تحرير الاوطان .
سويسرا 8.8.2016

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…