لماذا تأخر سقوط النظام السوري

بهزاد دياب
 تعددت  الآراء وتنوعت التحليلات حول أسباب تأخر سقوط النظام السوري بين من يعزو الأمر إلى بطش النظام وما يمتلكه من ارث امني وعدم حصول انشقاق عامودي وافقي في الطائفة العلوية  وبين من يرى أن الدعم الإيراني والروسي حالا دون انهيار النظام كما كان متوقعا, مع ان الاعتقاد الذي كان سائدا لدى غالبية المراقبين السياسيين  في بداية الثورة هو ان  النظام في طور الانهيار ولن يستغرق بقاءه أكثر من شهور متعددة لأسباب تتعلق بفساد النظام واستبداده ورغبة الشعب السوري بتغييره إلا إن استمراريته لسنوات أحدثت نوعا من الإرباك لدى المحللين والخبراء الاستراتيجيين وخاصة في منطقة الشرق الأوسط والذين يحللون الإحداث وفق أهوائهم ورغباتهم وبطريقة سطحية بعيدة عن المنهج التحليلي الواقعي الذي يعتمد على تحليل الحدث مع الأخذ بعين الاعتبار الظروف التاريخية والمعطيات السياسية الإقليمية والدولية, وطبيعة النظام الدولي القائم على مراعاة مصالح الوحدات الأساسية في السياسة الدولية حتى وان كانت على حساب حريات الشعوب وقيم حقوق الإنسان وقضايا الديمقراطية .
 فطبيعة النظام السوري يختلف جذريا عن طبيعة الأنظمة التي عصفت بها رياح التغير كما حصل في تونس وليبيا ومصر واليمن وهذا الاختلاف الجذري يكمن في أهمية النظام السوري بالنسبة إلى النظام الدولي لأنه يشكل مربط او وتد أساسي من أوتاد الثلاث في منطقة الشرق  الأوسط والتي تؤمن الحماية والاستمرارية لبقاء النظام الدولي لان اقتلاع وتد من هذه الأوتاد سيحدث تخلخل وتداعيات على سائر المنطقة وبالتالي سيكون له ارتدادات على النظام الدولي بأكمله من هنا نجد ان جميع الدول الفاعلة في هذا النظام تسعى إلى الحيلولة دون سقوط النظام قبل إيجاد بديل يضمن حماية النظام الدولي القائم, ومن تجلياته هو الاتفاق على عدم تزويد المعارضة بأسلحة نوعية من شانها إحداث التفوق على الأرض وترجيح كفة الميزان لمصلحة  المعارضة السورية وأيضا عدم السماح لانتقال المعارك إلى مناطق النظام في الساحل ليبقى مجتمعه امن من اي تصدعات قد تحدث في الطائفة كونها هي الضمانة الحقيقية لحماية مصالح الدول في المنطقة كوتد رئيسي يعتمد عليه لذلك تصر الدول الفاعلة في النظام الدولي روسيا وحلفائها والولايات المتحدة الأميركية وحلفائها بحكم التقاسم الوظيفي على طرح مبدأ الحل السياسي ويعني ذلك التمسك بضرورة الإبقاء على هيكلية المؤسسات الأمنية والعسكرية كما هي, أي ضمان بقاء سلطة الطائفة العلوية حتى بعد رحيل العائلة الاسدية. لان بقاء سلطة الطائفة يعني ديمومة مصالح الدول الفاعلة في منطقة الشرق الأوسط وفي مقدمتها إسرائيل .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

عقدت ممثلية المجلس الوطني الكردي في سوريا (ENKS) بإقليم كوردستان اجتماعها الاعتيادي يوم الأحد، 26 آذار 2025، في أربيل، لاختيار قيادة جديدة. استُهل الاجتماع بالوقوف دقيقة صمت إجلالًا لأرواح شهداء الكورد وكوردستان، وشهداء الثورة السورية، وعلى رأسهم القائد التاريخي ملا مصطفى البارزاني والمناضل إدريس البارزاني. وبحضور كامل الأعضاء، جرت مناقشات مستفيضة أعقبها فتح باب الترشيح، حيث تم انتخاب السيدة أسماهان…

إبراهيم اليوسف تعرض الكرد، عبر العقود الماضية، لحملات متكررة من التشويه والتشكيك في انتمائهم، ووصلت إلى حد اتهامهم بالأسرلة، بعد الثورة الكردية في بداية الستينيات من القرن الماضي في كردستان العراق، وفي مطلع التسعينيات، وكأنهم مطالبون وحدهم بتقديم فروض الولاء والطاعة لشعوب المنطقة، دون أن يتم منحهم الحد الأدنى من حقوقهم القومية. وما يثير السخرية أن هذه الاتهامات…

د. محمود عباس في عام 1980، وفي ختام كرّاسي التحليلي (الكورد وثورة الخميني)، دوّنتُ بحروف الغضب والخذلان، عن كيف سُحقت اليد الكوردية الممدودة إلى الجمهورية الإسلامية الوليدة، لا بخطاب فكري، بل بسيفٍ مشرّع باسم الدين. واليوم، بعد أكثر من أربعة عقود، يعود ذات المشهد – لكن على مسرحٍ سوري – بوجوهٍ مختلفة، وشعارات متغيرة، وأدوات شبيهة. يا حكومة…

– المبادئ: وأنا أدلي بشهادتي عمّا جرى في يوم الجمعة/ الثاني عشر من شهر آذار عام 2004م وفي الأيام التي تلتها، (بعد مضى 20 عاماً عليها)، أودُّ بداية أنْ أنوّه بالآتي: حينها كُنت مُدرِّساً لمادة التربية الفنية التشكيلية، وعضو اللجنة النقابية في شعبة مدينة قامشلي لنقابة المعلمين، وسبق لي (شخصياً) أنْ كُنتُ لاعب كرة قدمٍ ضمن التشكيلة الأساسية لنادي…