المجزرة المفتوحة

إبراهيم اليوسف
إلى كل أنة ودمعة و نقطة دم في يوم الأربعاء الأسود
بعيداً عن الغوص في التاريخ القديم، واستذكار المجازر التي تعرض لها الكردي أنى أصر على أن له خصوصيته وعلامته الفارقة التي تميزه عمن يريده تابعاً، متماهياً في فضائه، بلا ملامح، فإننا لنجد في تاريخنا المعاصر، المعيش، وحده ما يكفي  من إرث الدم والألم الذي دفعناه، على امتداد الجسد الكردي، مختصراً في حدود أطرافه الأربعة – فحسب- بحيث أن الذاكرة الكردية المعاصرة بالرغم من مكونها الحلمي، المؤسس على التسامح، والحب، واستيعاب الآخر، إلا أن هناك مخططات جد محكمة، طالما ارتبطت، أو أحيلت إلى أسماء أشخاص، أو أطراف خفافيشية لم تأل جهداً في استهداف الكردي. تارة بسبب  دأب إعلانه عن حقه، وأخرى بسبب تشبثه برؤاه، وقناعاته، أو غير هذا وذاك، مادام أنه لايزال عنصراً كيميائياً عصياً في المختبرات الطارئة، التالية على ظهوره، لا يقبل التذويب، أو الانصهار،  مصراً على معدنه المشع الذي لا يلغي خصوصية سواه، بل يرى أن خصوصيته لا تكتمل إلا بمجاورة الآخر والتعايش معه..!.
ولأن الكردستاني، على هذا النحو من التكوين الروحي، فإنه ليظل في عناوينه كلها عرضة لمحاولات اجتثاث جذوره، من خلال مجزرة هنا، وأخرى هناك، غرضها على الدوام محو حضوره الجغرافي أو التاريخي، من دون أن يفلح أعداء وجوده من تحقيق ضالتهم، بشتى السبل التي أتبعوها، وذلك انطلاقاً من روح الاستبسال والتضحية لديه على اعتباره كما قال عنه الأرمني أبو فيان-فارس الشرق بلا منازع- وهو يستند بقوته هذه على إيمانه العظيم الذي لايفنى بحق العيش، بل لأنه يمتلك أرومة هذا الحق.
  حين استيقظ ابن-قامشلي- البسيط، المهمش، قبل أيام، فاتحاً عينيه على منظر الدم وهو يسيل على حفافي-شارع الحرية- في مدينته، في نقطة عناقه للطريق الذي يربط مرئياً أو لا مرئياً بين عين ديوار وديرك وتربسبي وقامشلو وعامودا ودرباسية وسري كاني باتجاه كوباني وعفرين، في دورة مسماة، كان مقتنعاً بالرغم من جسامة حجم  هول الألم، و تصادي أنين الجرحى في الجهات الست،  و فوح رائحة الدم ومنظر أشلاء الأطفال والنساء والشيوخ تحت الأنقاض، وتفحم بعضها ضمن دورة حدود جحيمية ووبائية- الداعشي المفخخ- سليل التكفير، والزندقة، والفسق، فإن لسان حاله كان: المجزرة لم تنته، وما هذا غير فصل منها، ما دمنا على هذه الحال من  التنابذ و تضارب الأهواء المستولد، وهوما يدفع به إلى أن يطرح سؤاله من جهته: إلام تستمر هذه الفرقة التي تدفع كل حثالات الجغرافيا والتاريخ إلى التفكير الغريزي بالتهامنا لقمة سائغة ما دمنا على هذه الحال..!.
العدد451- جريدة كوردستان- زاوية نوافذ العدد 541

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…