قامشلو.. وجراح شاحنة الموت

عمر كوجري
لم تكن جريمة شاحنة الموت الزؤام، المحملة بأطنان المواد المتفجرة هي الأولى في قامشلو حتى يثير الأمر الاستغراب والريبة، وحتى التفجع والتحسُّر، رسائل كثيرة وصلت لقلب كوردستان سوريا، لعاصمة كوردستان سوريا” قامشلو” قبل هذه الشاحنة، لكن للأسف لم تلق أذناً صاغية، ولا قلباً رؤوفاً بما يمكن أن يحل بهذه المدينة.
من نصّب نفسه ” حاكماً على عباد وطننا كوردستان دون وجه حق، لم يفتح قبل هذه المجزرة تحقيقاً شفافاً حول الحوادث التي حصلت سابقاً في عين المكان بالمدينة، وحصدت أرواحاً بريئة، ولم نسمع أن أسايش ب ي د قد اعتقلت، أو أبطلت مفعول مخطط ” جهنمي” يستهدف البقية المتبقية الصامدة المتشبثة في أرضها، ولهذا لم يكن مستغرباً حدوث هذه المجزرة المروعة التي راح ضحيتها خيرة رجالاتنا وشبابنا وأطفالنا ونسائنا، ونكأت جروحنا الغائرة، والتي لن تشفى في قادمات الأيام.
من نصّب نفسه حاكماً على أمن المواطن، عليه أن يفسّر وبصراحة، كيف أن هذه شاحنة الموت وصلت للمكان الذي وصلت إليه؟ من سهّل عبورها؟ هل كانت ترتدي طاقية الإخفاء حتى وصلت، ونجح سائقها الداعشي المجرم في تفجيرها وإلحاق كل هذا الألم بالناس الغلابة أصحاب المحلات والمارة والساكنين في بيوتهم قرب جامع قاسمو الذي كان مهد التظاهرات الكردية قبل أن يفشلها، ويفضّها بالعصي والهراوات أنصار حزب الاتحاد الديمقراطي، وأنا كنت شاهداً على إحداها في إحدى جُمَع التظاهر وهتاف الشباب الكردي أمام الجامع بالشعب السوري الواحد، والثورة السورية التي مآلها الظفر قبل أن تصير ثورة الأيتام على موائد اللئام من دول اقليمية واوروبا وامريكا الآيل “للنسيان” اوباما.
الغريب والمفجع أن هؤلاء القائمين على” أمر العباد” قد برروا وقوع المجزرة بطريقة أبعد لاحترام حتى كرامة الشهداء وأهلهم، حين ” أفتوا” أنه لا يمكن حصر الارهاب، وهو يحدث في كل مكان!! أو أن النظام هو من قام بهذه الجريمة ومن اللحظات الأولى للتفجير، أو أن التفجير جاء رداً على انتصارات ” قوات سوريا الديمقراطية” في منبج والرقة!! 
وبدلاً من أن تطالب هذه “الإدارة الحكيمة” عوناً دولياً لمعرفة ملابسة الجريمة المروّعة، باعتبارها لا تملك الخبرات الكافية للوصول الى الفاعل، سارعت جرافاتها ل”تنظيف” المكان من أي أثر قد يفيد جهة خبيرة بهذه القصص، كما سارعت تريكساتها لحمل أنقاض المنازل المهدمة دون طلب العون من جهات أو منظمات تستطيع الوصول للجريح المحاصر تحت سقف أو حائط مهدّم.
باختصار: ما تسمى الإدارة الذاتية فشلت في حماية البقية المتبقية من الكرد المتشبثين في وطنهم، ولن ننتظر حدوث استقالات، أو محاكمات لطاقمها، بل تبريرات غير مفيدة كما العادة.
 زاوية” العدسة”
صحيفة” كوردستان”- العدد 541 تاريخ: 1-8-2016
  

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين مؤتمر جامع في قامشلو على انقاض اتفاقيات أربيل ودهوك الثنائية لسنا وسطاء بين الطرفين ( الاتحاد الديموقراطي و المجلس الوطني الكردي ) وليس من شاننا اتفقوا او اختلفوا او تحاصصوا لانهم ببساطة لن يتخلوا عن مصالحهم الحزبية الضيقة ، بل نحن دعاة اجماع قومي ووطني كردي سوري عام حول قضايانا المصيرية ، والتوافق على المهام العاجلة التي…

شادي حاجي لا يخفى على أي متتبع للشأن السياسي أن هناك فرق كبير بين الحوار والتفاوض. فالحوار كما هو معروف هو أسلوب للوصول الى المكاشفة والمصارحة والتعريف بما لدى الطرفٍ الآخر وبالتالي فالحوارات لاتجري بهدف التوصّل إلى اتفاق مع «الآخر»، وليس فيه مكاسب أو تنازلات، بل هو تفاعل معرفي فيه عرض لرأي الذات وطلب لاستيضاح الرأي الآخر دون شرط القبول…

إبراهيم اليوسف باتت تطفو على السطح، في عالم يسوده الالتباس والخلط بين المفاهيم، من جديد، وعلى نحو متفاقم، مصطلحات تُستخدم بمرونة زائفة، ومن بينها تجليات “الشعبوية” أو انعكاساتها وتأثيراتها، التي تحولت إلى أداة خطابية تُمارَس بها السلطة على العقول، انطلاقاً من أصداء قضايا محقة وملحة، لا لتوجيهها نحو النهوض، بل لاستغلالها في تكريس رؤى سطحية قد…

شادي حاجي القضية الكردية في سوريا ليست قضية إدارية تتعلق بتدني مستوى الخدمات وبالفساد الإداري وإعادة توزيع الوظائف الادارية بين المركز وإدارات المناطق المحلية فإذا كان الأمر كذلك لقلنا مع من قال أن المشكلة إدارية والحل يجب أن يكون إدارياً وبالتالي حلها اللامركزية الادارية فالقضية الكردية أعقد من ذلك بكثير فهي قضية شعب يزيد تعداده على ثلاثة ملايين ونصف تقريباً…