وثانياً، حين ىصبح الحامي حرامي

 ابراهيم محمود
عائلات كردية تفجَّعت بالموت المجّاني وليس المجاني طبعاً، والمحسوب طبعاً لأكثر من فرد فيها في كارثة قامشلو ” 27 تموز 2016 “، ولم يكفها تفجُّعها بهذا الموت المخطط له لحساب من ليسوا كرداً يستهدفون الكرد في القرب والبعد، لحساب كرد ليسوا كرداً في منطق القرابة الفعلية، ومشهد الأنقاض الذي استغرق مساحة واسعة، ومن صاروا أنقاضاً لحمية معجنة بأنقاض بلوكية وغيرها، إنما عبر ما هو مترامي الأطراف داخل المشهد المريع مسيلاً للعاب من أرادوها فرصتهم: نهب المدفون بين الأنقاض.
القول ليس تجنياً، إنما من شهود عيان، وهم يرون المعنيين بالأمن من أسايشنا الكرد وأضرابهم، وهم يضربون طوقاً أمنياً حول المكان المنكوب، ومراقبة كل يد تمتد تحت الأنقاض إلى شيء آخر غير لملمة اللحم المفروم والعظم المهروس، لأن تلك بغيتهم. في بيوت مفجوعة بكل ما فيها ومن فيها: ثمة أدوات وأموال، وهذه يجب ألا تذهب إلى أحد، باستثناء القيمين على موت الكرد حديثاً، أو المعنيين بموتهم الفجائعي، بمصيرهم المجهول المعلوم كثيراً.
ثمة ذهب، حليٌ، نقود، وما خف وزنه وحمل، والأَولى بكل ذلك، من وهب نفسه لإدارة تفجيعية لكرد مفجوعين وهم برسم أحياء في الآونة الأخيرة، وهم برسم الموت تباعاً، وتلك مهزلة تضاعف هول الجاري: أن يصبح الكردي حرامي الكردي.
لا شيء يدخل المدينة ” الكردية ” المحلَّة ” الكردية ” القرية ” الكردية ” والأسايش هم القيّمون عليها بامتداد روجآفا إلا بإذن مسبق من ” الإغارة ” الذاتية وإلى إشعار آخر وآخر.
لكم تعمَّقت المأساة المتمثلة- فعلاً- في رعب القائم، بين الأنقاض، حيث المفجوع بموت أهله، والحامي ينمّي حاسة البصر لديه لا لمراقبة تحركات ” العدو ” إنما ما يمكن أن يبرق أو يلوح تحت الأنقاض، أو يبرز في جيب جسد كردي ممعوس.
أترانا نعيش لعنة تاريخ لم نفهمها بعد، أم هو إنشاء كردي آخر، وبتعهد لا كردي، في حلقة أخرى من حلقات نيل الكردي من الكردي، وهي الحلقة الأخطر في تاريخ كرد روجآفا المعاصر، وقد شاب كل ما فيها قبل الأوان؟
كيف يمكن أن يصبح الحامي حرامياً ؟ لا غرابة في وضع يتقاسم كرد قلة” شلَّة ” باسم الكردية مصير كرد بالملايين، هم علَّة هؤلاء، ويريدون الاستئثار بمصير الكرد أجمعين ليتنفس أعداء الكرد الصعداء في الجهات كافة ، ويقولوا: الآن يمكننا أن ننام نوم قرير العين هانيها!!!!!!
دهوك في 29 تموز 2016 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين   في السنوات الأخيرة، يتصاعد خطاب في أوساط بعض المثقفين والنشطاء الكرد في سوريا يدعو إلى تجاوز الأحزاب الكردية التقليدية، بل والمطالبة بإنهاء دورها نهائياً، وفسح المجال لمنظمات المجتمع المدني لإدارة المجتمع وتمثيله. قد تبدو هذه الدعوات جذابة في ظاهرها، خاصة في ظل التراجع الواضح في أداء معظم الأحزاب، والانقسامات التي أنهكت الحركة الكردية، لكنها في عمقها…

عدنان بدرالدين   بينما تتجه الأنظار اليوم نحو أنطاليا لمتابعة مجريات المنتدى الدبلوماسي السنوي الذي تنظمه تركيا، حيث يجتمع قادة دول ووزراء خارجية وخبراء وأكاديميون تحت شعار ” التمسك بالدبلوماسية في عالم منقسم”، يتبادر إلى الذهن تساؤل أساسي: ما الذي تسعى إليه أنقرة من تنظيم هذا اللقاء، وهي ذاتها طرف فاعل في العديد من التوترات الإقليمية والصراعات الجيوسياسية، خصوصًا…

جليل إبراهيم المندلاوي   في عالمنا المليء بالتحديات الجيوسياسية والأزمات التي تتسارع كالأمواج، هناك قضية كبرى قد تكون أكثر إلهاما من مسرحية هزلية، وهي “ضياع السيادة”، حيث يمكن تلخيص الأخبار اليومية لهذا العالم بجملة واحدة “حدث ما لم نتوقعه، ولكنه تكرّر”، ليقف مفهوم السيادة كضحية مدهوشة في مسرح جريمة لا أحد يريد التحقيق فيه، فهل نحن أمام قضية سياسية؟ أم…

أمجد عثمان   التقيت بالعديد من أبناء الطائفة العلوية خلال عملي السياسي، فعرفتهم عن قرب، اتفقت معهم كما اختلفت، وكان ما يجمع بينهم قناعة راسخة بوحدة سوريا، وحدة لا تقبل الفدرلة، في خيالهم السياسي، فكانت الفدرالية تبدو لبعضهم فكرة دخيلة، واللامركزية خيانة خفية، كان إيمانهم العميق بمركزية الدولة وتماهيها مع السيادة، وفاءً لما نتصوره وطنًا متماسكًا، مكتمل السيادة، لا يقبل…