اكرم حسين
تعتمد بعض الكتابات الكوردية اليوم على الاثارة والتضليل وتشويه الحقائق في معانيها ومقاصدها ، وتتبع في بعض الاحيان لاجندات محددة في تناولها لقضية الشعب الكوردي ومشكلاته وتعتمد في جذب القارئ والسيطرة عليه علىي كتابة عناوين ومانشيتات صادمة ومحددة ،لكن سرعان ما يكتشف القارئ بعدم صلتها بالعنوان !!، و يدرك زيفها وانحرافها ويمتنع عن قبول ما يحاول الكاتب الوصول اليه بتسميم فكر القارئ واستلابه،وفي هذا الاطار ترتفع وتيرة بعض الاصوات القائلة بعدم وجود قيادات كوردية في اقليم كوردستان سوريا؟ رغم ان اغلب قياداتها لا زالت تناضل بين شعبها في الداخل وهي قيادات تاريخية باتت تمتلك الخبرة والحنكة السياسية والتنظيمية وتتقن فن الاستقراء والتحليل والاستنتاج والحوار وافنت عمرها وضحت بمالها ومستقبلها وعانت ما عانت من اجل قضية الشعب الكوردي ودافعت عن وجوده ومصالحه ، ولا ننسى ما للمكان والزمان من تأثير في تكوين شخصية هذه القيادات وفي نسقها الفكري والثقافي ،
وسؤالنا الاساس ينطلق من المعايير والاسس التي تنفي وجود قيادات كوردية سورية ؟ ما هي الاسباب التي تمنع من ظهور هذه القيادات؟وما هو الفرق بين هذه القيادات والقيادات الكوردية في الاجزاء الاخرى ؟وبماذا تتميز ؟ اليست القيادات الكوردية في كوردستان تعد على الاصابع اذا استثنيا الرئيس مسعود البارزاني وجلال الطالباني وعبد الله اوجلان ؟ الا تتشابه القيادات الكوردية الاخرى وتمتلك صفات وامكانات قريبة من امكانات القيادات الكوردية السورية؟ ففي كوردستان تركيا لا نستطيع ان نعثر على قيادات مناضلة ومجربة اكثر من اصابع اليد الواحدة رغم تعداد الكورد الكبير هناك والذي يتجاوز 25 مليونا ، والوضع ليس افضل حالا في كوردستان ايران ؟ فلماذا جلد الذات والتصغيير من شأن قياداتنا الكوردية السورية رغم كل ما يمكن ان يقال هنا او هناك بحقهم؟؟!!
قيادة كورد سوريا يعيش معظمها في الداخل ولم يرتهن الى اية قوة اقليمية او دولية ،في حين أن اغلب القيادات الكوردية الاخرى تقيم علاقات اقليمية ودولية بما فيها مع الدول التي الحقت بها كوردستان وحصلت منها على الدعم المالي والعسكري وكل ما يلزم من اجل استمراريتها ؟ بينما ابتعد معظم القيادة الكوردية السورية بناء هذه الغلاقات ، وتمسكت بالقيم والمثل الانسانية والاجتماعية ،ولم تساوم يوما على قضية الشعب الكوردي وحقوقه القومية والديمقراطية!!
ما أود قوله هنا بان قيادات كورد سوريا رغم التهجم اللاذع عليهم وانتقادهم بانهم جماعة الدولار ونزلاء الفنادق كانوا الاستثناء بين القيادات الكوردية الاخرى ،فهم حتى الامس القريب كانوا يعملون بامكاناتهم الذاتية ويعتمدون في نضالهم على اشتراكات الاعضاء والدعم الذي كان يقدمه لهم ابناء المجتمع الكوردي !! وتعرًض اغلبهم للاعتقال والتمييز !! فنفي وجود قيادات كوردية سورية يدل على عقم المجتمع الكوردي في انتاج القادة والزعماء وهواهانة لمجموع الشعب الكوردي وقواه الحية واذا كان ذلك كذلك ،فان هذا الشعب “عقيم” ولا يستحق الاحترام والعيش الكريم ؟!! وهذا الكلام باعتقادي فيه تجني كبير ومغالطة ؟ لان الشعوب عادة ما تفرز قاداتها وزعاماتها التاريخية وتسير خلفها في ساحات النضال والمقاومة ؟فالنقد والتجريح الذي يطال هذه القيادات من قبل بعض الكتاب والمثقفين بنفي وجود هذه القيادات فيه ظلم واجحاف كبيرين يسيئ الى هؤلاء الكتاب انفسهم قبل غيرهم لانهم بذلك ينفون استحالة تحولهم الى قادة في المستقبل !! ويصدرون مواقفهم الرومانسية والمثالية هذه وهم قابعون في ابراجهم العاجية ، او بعيدون عن ساحات النضال ، وقسم كبير منهم امتهن اللجوء والعيش في المنافي او العمل في الجامعات والمؤسسات التعليمية او ممارسة حياته الطبيعية دون احساس بما يعانيه هذا الشعب يوميا، رغم ما عاشته سوريا خلال السنوات الماضية، لم نجده يوما يحرك ساكنا او يخرج في مظاهرة تنديدا بما يحصل من قتل وتدمير!! لأن الانتقاد وحده لا يكفي فهو اضعف الايمان ، واحيانا يكون لغاية في نفس يعقوب ، او كلام حق يراد به شيئا اخر ؟ بينما المطلوب هو الانتقال من حيز القول الى حيز الفعل، فقد عشنا مرحلة طويلة من الوعود والكلام المعسول ،وقد اتيحت لنا الفرصة للنضال والعمل وتخفيف جزء من معاناة الكورد التاريخية ؟ فالعمل والعمل الجدي فقط هو المقياس الحقيقي والمعيار السليم للوطنية والثورية والقيادة ؟!!!