د. محمود عباس
يحاول حزب الليبراليين الحصول على دعم من الأروقة السياسية من خلال دعمهم للرابطة الوطنية للبنادق الأمريكية (RNA). (أنظر الهامش)، ويتوافقون في هذا مع الجمهوريين، وكذلك في إعادة تغيرات البيئة إلى العامل الطبيعي، مهمشين تأثيرات الإنسان والتكنلوجيا. ومرشحهم في التوقعات الأخيرة لقناة (سي إن إن) حصل على نسبة 11% من أصوات الناخبين الأمريكيين.
أما حزب (الإصلاح) والذي برز على الساحة مع ضجة إعلامية، في بداية تكوينه، ثم تراجع بعد انعزال مؤسسه عن الأضواء السياسية ، علماً أن الحزب يدعي بأنه يملك ما يقارب 20 ألف عضو، لكن ولعدم وجود مرشح معروف على سوية مؤسسها روس بيروت، لم يبرز أسمه في الحملة الانتخابية، ولم يتمكن في الحفاظ على صعوده كالفترة الأولى بعد تأسيسه،
وقد كانت فترة ترشح روس بيروت هي القمة التي بلغه الحزب، تحت تأثير شخص المرشح، والذي أشتهر أثناء التنافس بينه وبين كلينتون وبوش الأب، عام 1992م كمرشح ثالث مستقل، بعدها أسس حزب(الإصلاح) بنهج ليبرالي، وعاد ليترشح ثانية عام 1996م تحت اسم الحزب، وحصل في المرة الأولى على نسبة 19% من الأصوات، علما أنه كان في البدايات يتقدم على المرشحين، وكان ثلثي منتخبيه من الداعمين للحزب الديمقراطي أو من المستقلين، وكان قد أثر بدوره في عدة ولايات على الأصوات الداعمة لبوش، أي أنه جذب شريحة من أصوات المحافظين.
أتوقع أن تصعد هذه الأحزاب، فيما إذا تمكنت من طرح البديل المناسب لمناهج الحزبين الكلاسيكيين، والماضي السياسي الأمريكي تشهد على أن تغيرات مشابهة رافقت المسيرة السياسية والثقافية للمجتمع الأمريكي، وأدت إلى ظهور أحزاب وضمور أخرى. فهذه الطفرة أو الموجة الصاعدة من الأحزاب الحديثة، خلال العقدين الماضيين، وأقدمها تعود إلى السبعينات من القرن الماضي، دلالة على ظهور شريحة من الأمريكيين أصبحوا غير مقتنعين بهيمنة الحزبين الحاكمين، وأصبحا يتأخران عن تطورات العصر، ولا شك الأحزاب الحديثة تحتاج: إلى فترة زمنية، لجلب انتباه المجتمع إلى ذاتهم. وإلى قوة مادية لنشر مفاهيمهم، وتهيئة شريحة متمكنة لعرض مناهج منافسة، وهم يعلمون بأنهم في هذه الحملات الانتخابية لن يحصلوا على أية أصوات مناسبة، مع ذلك يشاركون فيها لجلب الانتباه، وخلق دعاية حزبية.
لم تتمكن أي من هذه الأحزاب إيصال عضو إلى الكونغرس أو حتى إلى مجلس النواب، رغم نجاح مرشحين مستقلين، كالسناتور الحالي عن ولاية ميّين(Main) (أنكوس كينك) المستقل في مجلس الشيوخ وكذلك رئيس ولاية ألاسكا (بيل والكر). ليس لأن هذه الأحزاب لا تملك برامج مناسبة لمستقبل الشعب الأمريكي، بل لعوامل أخرى، منها: أغلبها لا تزال أحزاب حديثة العهد، والإنسان الأمريكي تثقف ليتماشى مع الجاري على الساحة من خلال الإعلام، وشريحة ضيقة تهتم بالاختلافات المنهجية ضمن الأحزاب، والأغلبية تعير الانتباه للمطروح الآني من القضايا الاقتصادية والسياسة الداخلية على الساحة الانتخابية، كما وأن القوى المادية، كالشركات الرأسمالية، والشخصيات السياسية، لا يجازفون بالخروج من جغرافية الحزبين، ومساندتهما، إلى جانب أن أغلبية هذه الأحزاب الحديثة، لم تأتِ بعد بشيء جديد على الساحتين السياسية والاقتصادية ليجرّ الناخب إليه. ومعظم المطروح لا يخرج عن برنامج الحزبين العريقين، أو حتى من ثانوياتهم، عدا بعض المفاهيم الاشتراكية المرفوضة من أغلبية الشعب الأمريكي، والمبنية على خلفية الحرب الباردة أيام الحقبة السوفيتية، ويساعد هذا الرفض الدعاية الإعلامية المناهضة للأفكار الاشتراكية. مع كل ذلك ففي إحصائية قناة ألـ (سي إن إن) الأخيرة نسبتهم من الأصوات بلغت 8%.
يظهر جليا أن الأفكار التي يطرحها المرشح المنافس لهيلاري كلينتون (بارني ساندرز-75 عاما) فيها الكثير من الحيز الاشتراكي، وأُتهم من قبل الجمهوريين بميوله الاشتراكية؛ كونه ركز على الضمان الاجتماعي، والتأمين الصحي، وطالب بالدعم الحكومي الواسع لهذين القطاعين، ويطالب بمجانية التعليم في الجامعات، وزيادة نسبة الضرائب على الشركات الرأسمالية، والشريحة الثرية، ورفع السقف الأدنى للرواتب، ومنع بيع وشراء الأسلحة، وغيرها من الطروحات الاقتصادية التي تصنفه في خانة الاشتراكيين. بالرغم من ميوله الاشتراكية حصل على نسبة انتخابية واسعة بين الديمقراطيين، لكنه لم يحصل على ترشيح الحزب الديمقراطي له؛ لأنه لم يكمل النصاب القانوني من الكتل الانتخابية ضمن الحزب والتي حصلت عليها هيلاري كلينتون، وهي دلالة على أن هناك نزعة اشتراكية أو قريبة منها تظهر بين ثنايا شريحة من الناخبين الأمريكيين، أو على الأقل لم يعد ينفروا من الطروحات المتهمة بالاشتراكية. بالمناسبة انسحب هذا المرشح الديمقراطي الليبرالي، بعد كتابة المقال، وهو الأن، الأسبوع الثاني من الشهر السابع، يدعم المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون، ويطالب داعميه والبالغ عددهم قرابة 13 مليون صوت، رغم بعض الاختلافات التي كانت، بدعم منافسته في الحزب (هيلاري كلينتون) وأسند دعمه هذا بخطاب مشترك بينهم، لذلك ارتفعت نسبة داعميها إلى 45% حسب إحصائيات قناة ألـ (سي إن إن) مقابل 36% لمرشح الحزب الجمهوري دونالد ترمب.
يتبع… تحت عنوان (امرأة ستقود العالم)
الولايات المتحدة الأمريكية
mamkurda@gmail.com
6/22/2016
=======================
-(RNA) الرابطة الوطنية للبنادق الأمريكية، أسست كمنظمة غير ربحية في مدينة نيويورك، عام 1871م، في البدايات كانت تهتم بتدريب الناس على الرمي وحمل السلاح، نظمت منافسات في هذا المجال على مستوى الدول، اقتحمت بعد السبعينيات المجال السياسي وبقوة، بلغ عدد أعضاءها أكثر من 5 ملايين عام 2013م، معظمهم من النخبة الأمريكية، أقطاب سياسيون وعائلات كبار، كآل بوش، وديك جيني، وكيسنجر، وأعضاء من مجلس الشيوخ، واقتصاديون، وعلماء، وكتاب، وصحفيون كبار وإعلاميون، وممثلون، أمثال (تشارلتون هستون) هي الرئيسة الحالية للمنظمة معظمهم جمهوريون أو محافظون متطرفون. تسند المنظمة، وخاصة بعد هيمنة السياسيين على إدارتها وتوجهها، شركات الأسلحة في أمريكا، أو بالأحرى جميع رؤساء تلك الشركات أعضاء فيها، وكذلك أقطاب الحزب الجمهوري، والعديد من رجال الأعمال والشركات الرأسمالية الكبرى، يرى المراقبون بأنها أحد المنظمات الثلاث الأكثر تأثيرا على سياسة واشنطن، يؤثرون على السلطات الثلاث، لهم الإمكانية بتعيين ونجاح أو فشل أعضاء من السلطتين التشريعية والتنفيذية، ففي عام 1976م كانوا من أكثر المنظمات صرفاً على الحملة الانتخابية. ومن خلال واشنطن تتحكم في معظم القرارات المتعلقة ببيع وشراء الأسلحة، داخل وخارج أمريكا. بينهم وبين الحزب الديمقراطي صراع حاد، الديمقراطيون يقفون ضد تدخلاتها وهيمنتها، مع ذلك خسروا والجمهوريين العديد من مشاريعهم أمام الديمقراطيين، لكنهم مع ذلك لا يزالون يتحكمون بأسواق السلاح في الداخل والخارج. والمنظمة كانت وراء ما جرى البارحة واليوم داخل قاعة مجلس النواب من صراع بين الجمهوريين والديمقراطيين، والتي أدت إلى تظاهر الأعضاء الديمقراطيين داخل قاعة المجلس، حاملين لافتات تندد بقرار الأغلبية وهم الجمهوريين، وهو حدث نادر في تاريخ المجلس، وذلك على خلفية محاولتهم تمرير قانون الحظر الجزئي على بيع الأسلحة في الشارع الأمريكي. يحركون لوبيهم والحزب الجمهوري للوقوف ضد حملة الديمقراطيين المناهضة لهم، ويستندون في ذلك على البند الثاني من الدستور الأمريكي. يتفرع منها أكثر من عشر منظمات ومراكز استراتيجية سياسية واقتصادية. تمتلك المنظمة قوة مادية ضخمة، بلغت ميزانيتها السنوية 348 مليون دولار حسب تقديرات عام 2013م وقد تم صرف أكثر من 291 مليون في تلك السنة على منظماتها ولوبيها.