أحمد حسن
اسم عفرين -آفرين Avirîn كلمة كوردية تعني الخلق والعطاء ونهر عفرين بمياهه المتدفقة كان ولا يزال مبعثاً للحياة ومنبعاً للعطاء وهناك تفسير آخرهو Ava riwîn أو Av riwîn” آفا روْين أو آفروين” وهي صيغة مطابقة لكلمة “عفرين” وتعني المياه ذات اللون الأحمر الترابي وهذه صفة ملازمة لنهر عفرين أثناء الفيضان.
منطقة عفرين (كورداغ) تتبع إداريا لمحافظة حلب ومتنفسها السياحي بمواقعها الأثرية والطبيعية الجميلة حيث تقع في الزاوية الشمالية الغربية من الخريطة السورية، وهي جزء من أراضي كوردستان التاريخية، وتُعد من مناطق الاستقرار الأولى في سورية حيث تتميز بزراعة الزيتون والحبوب ومختلف أنواع الفاكهة والخضروات، وفيها سدٌ مائي (سد ميدانكي) يُغذي المنطقة بمياه الشرب والري وتشترك مع تركيا بحدود طولها 130 كلم مجاورة ولايتي هاتاي وكلس التركيتين فيها معبران قديمان حمام – جنديرس غرباً وهو مغلق تماماً وميدان أكبس شمالاً الذي كان مخصصاً لعبور قطارات الحمولات والركاب لحين إغلاقه ربيع عام 2012 حتى الآن ورغم كل المناشدات الدولية والمحلية فإن تركيا لم تفتح ولو معبرا إنسانيا .
هذه البقعة الجغرافية المعطاءة بأرضها وشعبها لم تبخل يوما ولن تتقاعس عن القيام بواجبها القومي والإنساني من مناهضة الفرنسيين الى دعمها لثورة البارزاني الخالد الى نوروز كتخ عام 1986 حيث تفجر الشعب في وجه الأمن وشرطة النظام تضامنا مع مظاهرة دمشق أمام القصر الجمهوري واستشهاد سليمان آدي الى انتفاضة كوردستان سوريا عام 2004 حيث لبت عفرين نداء شقيقتها قامشلو لتهب في وجه النظام الدكتاتوري وراح ضحيتها العديد من الشهداء ومنهم الشهيد ( آري فوزي ولو ) كما أنها شاركت ومنذ الأيام الأولى لثورة الحرية والكرامة ( 15/3/2011 ) رافعة العلم الكوردستاني الى جانب علم الثورة مطالبة بإسقاط النظام الدموي الأكثر وحشية في العالم لكن تواطؤ المجتمع الدولي والإقليمي مع النظام الذي لعب على عدة أوتار وحبال ( قومية – طائفية – مذهبية –اقتصادية ……. ) ونجح فيها الى حد ما ولو بشكا مؤقت أدى الى اطالة عمره وأمده لكن في النتيجة سيكون النصر حليف الشعوب وستذهب الدكتاتوريات الى مزابل التاريخ. لكن منطقة عفرين (كورداغ) كغيرها من المناطق الكوردية في كوردستان سوريا وسوريا عامة تعيش بين المطارق والسندانات المطبقة عليها إقليميا ومحليا وداخليا:
1) سلطة الوكالة للنظام السوري: ما جرى في عفرين منذ بداية الثورة ( 15/3/2011 ) كان تسليم واستلام للسلطة بين النظام وحزب (PYD) وهذا ليس سرا فالأفرع الأمنية لازالت موجودة في عفرين بكل أنواعها تارة تعمل بالخفاء وتارة تظهر الى العلن كما أن محاكم الدولة لازالت قائمة والنظام يمد سلطة الوكالة بالأسلحة والخطط والبرامج والتعليمات والطرق في كيفية إدارة المنطقة فبدت سلطة الوكالة أبشع من النظام بكثير حيث شوهت العلاقة الأخوية مع المحيط العربي الذي كنا نعيشها آلاف السنين في سلام ووئام وأساءت الى العلاقات التاريخية كما أنها أساءت الى الشعب الكوردي أكثر من غيرهم باتباعهم سياسة محاكم التفتيش مع كل من يخالفهم في الرأي وما التهديدات الأخيرة لمسؤول في الـ ( YPG ) بقطع رؤوس كل من يرفض الالتحاق بالتجنيد الاجباري الا سلوك صارخ لمحاكم التفتيش ذو العقلية القروسطية فعطلوا الحياة السياسية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية ……. الخ كما هدموا البنية التعليمية والتربوية بفرضهم التعليم باللغة الكوردية (لغاية في نفس يعقوب) وبالتالي عدم تمكن الطلاب من استكمال دراساتهم الجامعية وما بعد الجامعية لعدم مشروعيتها الدولية والإقليمية وما كم الأفواه وزج المناضلين والوطنيين في السجون السيئة الصيت ( أمثال عبدالرحمن آبو وادريس علو وأحمد سيدو ….. وغيرهم) الا سياسة يومية يتبعونها في قرى وبلدات عفرين كذلك اجبار الشباب والبنات لضمهم الى التجنيد الاجباري ومن ثم تسويقهم الى جبهات القتال التي ليس للكورد فيها لا ناقة ولا جمل إضافة الى الغلاء الفاحش الذي يلتهم المواطن الفقير كل ذلك أدى الى الهجرة المرعبة من منطقة كورداغ حيث خلت المنطقة من الطاقات الشبابية والفكرية والأكاديمية ورافقت ذلك هجرة كبيرة من المناطق العربية الى عفرين مما ينذر بحدوث تغيير ديمغرافي للمنطقة وباتت المنطقة تحكم من مافيات سياسية واقتصادية وعسكرية هما الأول والأخير رأسمال.
2) المجاميع الإسلامية المتطرفة: من الطرف السوري (من أطمة الى اعزاز) تفرض هذه المجاميع حصارا خانقا على الشعب الكوردي في عفرين نتيجة الفهم المشوه لكلا الطرفين (المجاميع الإسلامية – سلطة الوكالة) للثورة السورية فقامت بقطع الطريق (الشريان الحيوي) بين حلب وعفرين لكن النظام قام بفتح طريق عسكري بين عفرين وحلب لاستخدامه كطريق امداد بين الطرفين حيث أن المجاميع والفصائل الإسلامية قامت باعتقال والإساءة الى الكثير من الكورد البريئين من سلطة الـ ( PYD ) كما أنها فرضت حصارا اقتصاديا على منطقة كورداغ أهلكت الشعب في الحصول على قوته اليومي إلا أن العلاقة المافياوية ( اقتصاديا – تجاريا – …… ) لم تنقطع ومستمرة لكن الضحية دائما هو الشعب .
3) الحصار التركي: منذ بداية الثورة فتحت تركيا الحدود على مصراعيها فكانت الحركة نشطة من ذهاب واياب وتجارة وزيارة المشافي ……. الخ لكنها منذ فترة أحكمت الحدود على المسافرين والحركة التجارية حتى أنها قامت بإغلاق كافة المعابر والبوابات التي تؤدي الى عفرين فزادت من معاناة الشعب الكوردي في عفرين من فقدان للمواد الأساسية والغلاء الفاحش التي تكوي المواطنين نتيجة تحكم المافيات الاقتصادية بحركة السوق الباحثين عن الربح الاقتصادي لا عن كرامة الشعب ولقمة عيشه.
كل ذلك بالإضافة الى عدم وجود مرجعية كوردية موحدة جعلت الشعب الكوردي في عفرين تعيش بين المطارق والسندانات التي لن تزول الا بزوال النظام الدكتاتوري الدموي في دمشق وبالتالي زوال كل أدواته التي يستخدمها باسم الدين تارة وباسم القومية تارة أخرى ……… الخ
سيذهب كل من خان عفرين وأهلها الى مزبلة التاريخ وستبقى عفرين عروسة كوردستان شامخة كأشجار الزيتون رمزا للمحبة والسلام وقوية كسندياناتها ترد وتلفظ كل الغرباء عنها .. وستبقى عفرين مدينة التآخي والتعايش الأبدي.
Ahmed.hesen.714@gmail.com