شيفرة دي مستورا – 3/3

د. محمود عباس 
 استنتاج
كلنا يعلم أن السيد دي مستورا يعلم علم اليقين نسبة الكرد في سوريا أكبر من خمس بالمائة. فهو مبعوث أممي ووثائق أمم المتحدة تتضمن نسبة أعلى من هذه بكثير، وليس من المعقول أن يصرح هذا المبعوث تصريحا من هذا العيار ارتجالا.
لا ندري هل يقصد بهذه النسبة، الكرد المحاربين أم أنه عنى بتصريحه هذا، جموع الكرد في سوريا. مهما يكن؛ أدخلنا السيد المذكور في ظنون قد تتوضح لنا من خلال مناقشة ما يتحمله تصريحه، المستفز كل الاستفزاز للكرد، من حكم المنطق والاحتمالات.
إذا أخذنا نسبة الخمس بالمائة، الكردَ المقاتلين، يتبين لنا أن لهؤلاء الكرد قوة جبارة لا تقهر! وهذا يخالف المنطق؛ لأن الخمس بالمائة من الكرد يقاتلون تنظيما، صرحت أميركا بأنها مع حلفائها بحاجة إلى ثلاث سنوات للقضاء عليه، بطائراتهم الحربية المتقدمة، فكيف لخمس بالمائة وهي تدحر داعش وتحرز، يوما بعد آخر، انتصارات تفوق انتصارات القوات الدولية على نفس التنظيم في العرق! يرشدنا هذا التصريح كأن السيد دي مستورا يريد أن ينبهنا إلى شيء نجهله.
دعونا لا نكثر من الاحتمالات، ونكتفي بسرد احتمالين، ربما يرشداننا إلى ما نجهله:
1.    على ما يبدو أن الكرد قوة جبارة في المنطقة، هم وحدهم قادرون على استتباب الأمن والاستقرار فيها؛ وذلك بوقوفهم في وجه داعش، وتحقيقهم الانتصارات عليه واحدا تلو الآخر.
2.    والمعارضة السورية ليست لها حول ولا قوة حيال داعش، أو أنها جهادية مثله.
قلنا سابقاً: ربما أراد السيد دي مستورا، من استفزاز الكرد؛ دفع المعارضة السورية لتقدم تنازلات للنظام، قبل فوات الأوان. وإلا ستكون مسؤولة؛ أن تكون هناك فدرالية كردية.
وهذا محرج للمعارضة. إن هي رفضت سيصبح الكرد شركاء في الوطن، وهذا ما ترفضه منذ المجلس الوطني السوري إلى اللحظة، فالكرد في الائتلاف مثلهم مثل الشركس والأرمن وغيرهما من الأقليات السورية، لهم حق المواطنة، وليس حق الشراكة.
إذا هي قبلت بالتنازلات وجلست مع النظام لتوقيع الاتفاقية، ستبدو كأنها كانت تطالب بالكرسي وليس بإنهاء حكم البعث. وقوف روسيا وإيران خلف البعث الأسدي، تشعرانها بوهن قدرتها على قهره. لماذا كان كل هذه التضحيات والخراب التي حلتها بسوريا، بجريها خلف أجندات إقليمية فوقعت في فخ النظام بعسكرتها الثورة السلمية.
فهي الآن بين نارين، نار شراكة الكرد ونار شراكة البعث الأسدي، أحلاهما مر.
لقد ضرب المبعوث الأممي عصفورين بحجر. المهم هنا صمت المعارضة حيال هذا التصريح. ظانّة أنه يخص الكرد وحدهم. ولكنه يطالها أيضا. فوضع تركيا يدعوها إلى الارتماء في أحضان بوتين، وهذا الأخير يلزمها بالتصالح مع سوريا وإيران كما تصالحت مع إسرائيل قبل فترة.
أليس هذا يدعونا أن نعتقد أن معارضتنا الجديرة تعيد نفس الخطأ السابق! حيث تشير المؤشرات أنها ستقبل بسوريا الأسد متخلية عن الكرد. بإدخال الدب الأحمر صواريخ ألـ “S400” إلى سوريا رفعت ناتو الراية البيضاء حياله.
صمتها، علامة واضحة أنها تفضل الأسد على شراكة إخوتهم الكرد في الوطن، دون أي اعتبار، متجاهلة ما جرّته على سوريا عندما ركبت التظاهرات السلمية واختطفتها.
وتتحمل سبب هذا الصمت، ولو بجزء يسير، الحركة الكردية لعدم تطرقها إلى صمت المعارضة بصدد نسبة الخمس بالمائة؛ كانت عليها لوم المعارضة؛ لأن التصريح يحمل في طياته رذاذ الشر للجميع.
إذا كانت المعارضة تظن أن صمتها ستقي سوريا من الفدرالية، ستندم مستقبلا كما نندم على ما آلت إليه الأوضاع حاضرا. وتأخير الفدرالية لسوريا وقتي، سيأتي زمن ستكون سوريا فدرالية، ومن ضمنها الفدرالية الكردية. فالمؤشرات ظاهرة للعيان مهما تغاضينا عنها. 
الولايات المتحدة الأمريكية
mamokurda@gmail.com
7/2/2016م 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…