حوران حَم
«إن الأديان دائماً تكون هفيون الشعوب وصراعاتها في المنطقة، وخرق الأنظمة الدكتاتورية، لتكون أداة وقاعدة لها».
معظم القراءات والتحليلات لكبار الخبراء السياسيين والعسكريين وحتى المجتمعات المثقفة تقول أن الإرهاب صنعته المخابرات الأمريكية والأوروبية والروسية والإيرانية، أي أن الإرهابيين هم مجموعة متأسلمين لا مسلمين تجمعوا من جميع أنحاء العالم تحت يافطة “إعادة الخلافة الإسلامية” في القرن الواحد والعشرون، والعودة بهذه الشعوب في ظل تطوير العقل البشري عَولمياً وتكنولوجياً في جميع الأفق إلى بدايات نشر الدعوة الإسلامية، أي إلى ما قبل 579 عاماً، تحديداً في عام ١٤٣٧ للهجرة.
كل نظام ديكتاتوري يستعين بالأديان، ليبقى أطول مدة حكم ممكنة، كنظام وكبعبع جبروتي على رقاب الشعب، عندما تحشر في الزوايا الضيقة وخرق القوانين الجامعة، لتكون الوسيلة المتاخمة لزرع بزور الإرهاب في ظل أيّ من الظروف التي تضايق خناق الدولة من قبل شعوبها، ألا وهو إرهاب الإسلام المتطرّف وسنّ قوانينها في جامعة الدول العربية والإسلامية، واعتمادها من قبل جميع هذه الدول.
الأسد وفي بداية الثورة السورية قال أن سوريا تواجه جماعات إرهابية مسلحة ومؤامرة كونية، فهو بذلك هيأ الأرضية لتنظيم داعش، ليأتي الأمريكان والروس والأتراك والإيرانيين.. والقائمة المستفيدة تطول في إدارة هذا الإرهاب، وكذلك الأمر نفسه بالنسبة لزعماء أفريقية والخليج وعلى رأسهم معمّر القذافي وحسني مبارك وعلي عبد الله صالح، الذين فعلوا بشعبهم ما فعله الأسد.
إذاً الإرهاب صناعة دولية، لها مصانع محلية تديرها الأنظمة الشمولية والدكتاتورية، للحفاظ على سلطتها، وتثبيت هذا من خلال اعتماد القانون الجزائي الموحد الذي تبنّته جامعة الدول العربية عام 1996م، وقد صاغه وزراء العدل لاثنان وعشرون دولة، وتثبيت كل من المواد التالية: (144 – 153 – 162 – 165 – 168)، والجامعة أبدت هذه القوانين واعتبرتها موافقة تماماً لدين الإسلام، وما زال هذا القرار ساري المفعول في جامعة الدول العربية والإسلامية، واليوم يقولون أن داعش والقوى الإرهابية الأخرى لا تمثل الإسلام.
داعش والجامعات الإسلامية المتصفة بالإرهاب تستحق مقعداً «العضوية» في جامعة الدول العربية حسب المواد التي ذكرتها، فهو صناعة وطنية وبامتياز من هذه الأنظمة المستبدة على شعبها، من خلال هذه الثورات التي سمّيت بالربيع العربي، انطلاقاً من تونس ومروراً بمصر وليبيا واليمن وتمركزها منذ ست سنوات في سوريا، معظم دول وقادة العالم كانت تدرك هذه المعضلة في العالم العربي، ويأتي أسبابها بتربّص هذه الأنظمة على عرش الدولة ونهج جميع ممتلكاتها وتولي الخلافة عليها، وهذا ما أدى إلى نتائج وخلق حالة من التشنج لشعوب هذه المنطقة من وضعها المزري بالنسبة لمعيشته وعدم قدرته على التوظيف وإعانته كل الظروف الحياة المدنية من حريته في التكلم وأدائه بالشكل الديمقراطي وعدم قدرته مواكبة الحياة بالشكل المطلوب في ظل فتح الأفق والتطوير وعدم مواكبة هذه الأنظمة هذا التطوير، وكل هذا والأسباب كثيرة مما أدى إلى ثوران هذه الشعوب على أنظمتها القمعية والدكتاتورية والشمولية بفكرها، والمستبدة بممارستها الفعلية والمتربّصة على خلافة الأبناء واحداً تلو الآخر على عرش النظام، وإطالة عمر الثورة السورية لكل هذا الزمن وخلق وتعريفها من قبل صناع القرار في المنطقة من أجل مصالحهم فقط.
في ظل الظروف المتاحة التي سنتها الحالة الإسلامية من قوانين وفتح المساحة الكافية لتحريف الثورة من واقعها إلى الإرهاب، خاصة أن شعوب المنطقة لم تعرف قواعد اللعبة وإلى أين ستؤدي، ولم يمر بتجاربها أغلب ساسة العرب، وهم من صناعة هذه الأنظمة، أمثال ميشيل كيلو وبسام جعارة وكمال اللبواني وآخرون.
اللعب بوتر الطائفية والقومية مما أتاح للنظام الفرصة وكيفية التحريف وخلق الإرهاب من خلال منظومتها الاستخباراتية، وبمساعدة العديد من الدول وقوانين مسبقة الصنع، والعامل السياسي الذي يديره في الأقبية المظلمة، وشراء النفوس من المعارضة الموجودة بداخل جميع المكونات، ومنها أدى إلى حالة خلق الإرهاب الطائفي والإسلامي وإلى فشل الثورة وسيطرة أغلب المناطق السورية، وفي العديد من الجبهات منها النصرة والفتح الإسلامي وغيرها من القوى وفرض قوانين إسلامية من غرق وحرق ورجم وذبح وقطع الأيدي وإبادة جماعية ومحاربة الكورد بإدعائهم أنهم كفار، وهذه ليست الحقيقة، وإنما يعود الحال إلى الإرث الموجود لدى هذه الأنظمة ومحاربة الكورد من خلال هذه القوة الإرهابية، ومنها يتم محاربتهم تحت هذه الحجج والضرائر، ومن خلاله يتم تهجير الكورد وتشريدهم وتفكيكهم في أماكن تواجدهم، وكل هذا يأتي من خلال تصريحات المعارضة والنظام وحتى النظام الإسلامي كوردياً، الحال ليس بأفضل من الوضع العربي نسبياً وخاصة الكورد منذ الأمد عانوا الأمرين من الحكومات المتعاقبة والمغتصبة لكوردستان من الاتفاقيات المبرمة من قبل هذه الدول وحلفائها، وبفرض الواقع الكوردي غير المتأقلم والمتشتت تقسيماً، وعدم استعدادها لوضع برنامج عمل وقواعد يناسب الظروف الراهنة، والتصدي لمثل هذه المؤامرات التي كانت يعدها النظام من خلال حلفائه الكورد، ولن نستطيع تخديم القضية بالواقع المفروض على واقعنا الكوردي والاستفادة منها.
الشعب الكوردي كان دائماً مستعداً لمثل هذه الثورات، وكان لديه قواعد كافية – من خلال تجاربها السابقة – إن فسح لها المجال لاستطاع قفز أشواط متقدمة بالنسبة لقضيته، والسبب دائماً يكون الأحزاب هي العائقة، خوفاً على مكانتها، وقادة هذه الأحزاب ليسوا بأحسن من الذي كنا بذكرهم، ففي وارد قضيتهم الشعب الكوردي أثبت وجوده للعالم أجمع بأنه لا يخلط بين الدين والدولة، وبين ذاته والدين، وبين الإرهاب والدين، وحتى بين الثورة والإرهاب. فأول مَن حضن الإسلام بدون حروب، وأول من تصدّ للإرهاب الإسلامي المتطرّف هم الكورد، من خلال مواجهتهم في الكثير من المناطق، فهو هاجم جميع المدن الكوردية والكوردستانية وكنا لهم دائماً بالمرصاد، بدايتها كانت في كوردستان الجنوبية ونهايتها كانت في كوردستان الغربية وتحديداً كوباني وقامشلو وعفرين.
فالشعب الكوردي أثبت هذا النجاح من خلال محاربته وتصديه للإرهاب وعدم استيعابه للفكر الإسلامي المتطرف، وخوضه الدائم في أن يعيش كريماً مسالماً وحراً في بلده كوردستان.
كان فكرة أن الدين هو افيون الشعوب الدائم، ولن نخضع له أبداً. مطلبنا هو إتمام قضيتنا العادلة، ورفض الفكر الإسلامي المتطرف بكل معانيه ومعاييره.