الاصطفافان الدولية الجديدة كورديا

وليد حاج عبدالقادر
في تتبع سريع لأي متابع لحركة الأحداث الجارية في المنطقة سيلاحظ وببساطة شديدة ما يتماس مع جوهر الأزمة الشرقية والتي يتهرب من توصيفها غالبية المهتمين بذرائعية ثقافية معاصرة ، وفي محاكاة لا منطقية وأيضا لا متوافقة وأسس هذه الأزمة وبالتالي قدرتها في إعادة تدوير وانتاج ذاتها ، ولكنها / هذه التدويرات / تتمنهج وتطوق بشبكة مشاكل اخطبوطية فتبدو المسألة أشبه ببركان نشط ولكن متحكم فيه بروموت كونترول فتتداخل ضمنها حمم المصالح المتناقضة شكلا ضمن نطاقية التوافق وصراعات هامشية ولكنها / ثانية / ضمن نطاق التحكم والسيطرة !! وقد تجلى ذلك بوضوح في يوميات الثورة السورية الأولى، وبالتالي، الإستدراج الممنهج لاستئصال سلميتها ولعل مجريات خمسة اعوام حبلى بآلاف الأمثلة، ولتثبت الأيام عجز المنظومة العالمية أسوة بعصبة الأمم بعد الحرب العالمية الأولى، والتي أفشلت لا فشلت في الحد من التراكمات التي ساهمت في ايصال البشرية الى الحرب الكونية الثانية.
وهنا، لا يخفى على أي واحد حجم الفشل الدولي في ايجاد أية أفق لحل بالرغم من سيل اللقاءات والمؤتمرات، لابل أن كل واحدة منها حملت جينة فشلها معها، كل ذلك وسط أبشع كارثة بشرية في العصر الحديث، والآن وأمام الانكشافان الصريحة وتشكل الخارطة السياسية لعلاقات باتت صارخة في انعكاسها للمصالح الدولية وعلى حساب آلام سوريا سايكس بيكو وناسها. هذه الاتفاقات والمصالحات التي تبدو وكأنها نتاج تفاهمات مركزية محكمة، وأعني بها التفاهم الأمريكي / الروسي ومن الهرم (أوباما – بوتين) ولتتمحور في ما كان يتردد سرا وبات مكشوفا الآن واعني به اتفاق كيري – لافروف وما يتسرب من مضامينها بين الفينة والأخرى ، ولتدخل المنطقة في أتون البحث عن ما يمكن استغلاله كمصالح خاصة للدول المحيطة أو المهمة والمتداخلة في نطاقية الأزمة السورية، أو هي على حافة الإرتجاجات التكتونية لها / أوروبا بالكامل / وكذلك الدول العربية المعنية بالصراع وإن كانت بوتيرة أخف عكس الدول الأخرى والمنخرطة عمليا بشكل او بآخر في الأزمة السورية وتعتبرها / سوريا / كمسألة استراتيجية ووضعها يمس امنها الوجودي بالضرورة واعني بها اسرائيل وايران وتركيا ، ولعل مجريات الأسابيع الماضية خير دليل على ذلك، وجود نتنياهو في موسكو بالتزامن مع اجتماع وزراء دفاع روسيا وايران والنظام السوري في طهران ونتائجها اللاتوافقية التي توضحت من خلال العمليات العسكرية التي تلت ذلك وبالتالي الصفعة الروسية للممانعين المذعومين من خلال تحريكها لقطع بحرية عائدة لها بالتوجه مباشرة من طرطوس الى ميناء حيفا للمشاركة في مناورات عسكرية، والأدهى من كل هذا، ومع دورة العنف الدموي الفظيع في سوريا، إلا أن تسريبات مذهلة لاتزال تتسرب وعلى شكل تطبيقات عملية وانعكاسا لتفاهمات كيري / لافروف المحسومة على مايبدو للحل في سوريا، وعلى قاعدة تطمين الدول المنخرطة والمؤثرة في الأزمة أولا، وإرضائها وجوبيا بما يمكن تسميتها بالرشوة السياسية أو استحقاقاتها من الحل المزمع فرضه وقد تجلت ايرانيا في التمهيد الداخلي بمتغيرات لامست شخوصا قوية ومتمسكة بقوة بالملف السوري سواءا في وزارة الخارجية / عبد اللهيان / ورئاسة الأركان ورافقتها تصريحات ظريف الشهيرة في بروكسل واعلانه باستعداد ايران لوقف شامل لإطلاق النار في حال وجود نية حقيقية عند امريكا بالغاء العقوبات الإقتصادية، وهنا !! أفلا يوحي الأمر هنا ، بأننا فعليا دخلنا عتبة تقسيم الكعكة ؟! سيما اذا ما تعمقنا وبموضوعية في دلالات إعادة العلاقات بين كل من تركيا وإسرائيل ، وبين تركيا وروسيا وتوقيتها وسط تسريبات مؤكدة بأن الجانب التركي أيضا قد أطاح بقيادات مهمة كانت تدير الأزمة السورية في حكومتها. هذه الأمور كلها !! ألا يستشف منها ولوج الأزمة الى ما يمكن تسميتها بنطاقية ترتيب او تحييد الدول المحيطة، أو التي لها اليد الطولية في الأزمة السورية وبخاصية غير عربية، أو / أقله / تبدو غير واضحة عربيا كانعكاس مكشوف وخاصة للدول العربية الداعمة للشعب السوري، وما يتسرب خاصة من الجاتب التركي وسعيها الحثيث الى مصالحات لها عربية ايضا ومواقف مستجدة إن من الأزمة الليبية او مصر، وهنا، فأن تركيا تبدو مستعدة للإنكماش الى حدودها المرسومة بموجب اتفاق لوزان، خاصة بعد الأزمة التي استفحلت داخل منظومة الإتحاد الأوربي كانعكاس لنتائج استفتاء الشعب البريطاني والتي أفرزت بوضوح بأن الشعور القومي لايزال له سحره وجاذبيته الأقوى، الأمر الي حرك مشاعر قومية خامدة كانت، إن في ايرلندة او اسكوتلتندا ولامست اسباتيا في كاتالونيا وبلجيكا لازالت تترنح.. ولعل ما سرب وضمن حلقات التسويات النطاقية ما سرب من معلومات حول فحوى لقاءات منتظمة تمت وستتم بين نظامي دمشق وتركيا / في الجزائر وعلى قاعدة الحد وكبح الطموح القومي الكوردستاني كنتيجة لوصولها الى مراحل اكثر نضوجا وفي اكثر من جزء كوردستاني، وما رشح من هذه اللقاءات يدل على أن خطوات مهمة قد تم التوافق عليها وجاءت / التوافقات تلك / بالتزامن مع تحالفات بينية لمجموعات متقاربة بالأساس وتدور في فلك دولة تتحكم بقرار ومصير دولتين معنيتين بجزأين من كوردستان / العراق وسوريا / . وهنا، ووسط هذه الدائرة التيفونية المستدامة والتي تطوق جغرافيتها بالكامل ، ماذا نقدم كورديا وبغض النظر عن تحولنا الى رأس الحرية في مواجهة قوى الر والإرهاب ؟! .. في كوردستان العراق وعلى الرغم من حقول الألغام العديدة إلا أنها تسعى بجدية لتلبية استحقاقات وآمال جماهير كوردستان، خاصة ما يتعلق بالمادة ١٤٠ ومسألة الإستفتاء على حق تقرير المصير، ويبدو واضحا بالفعل أن الحدود اخذت ترسم بالدم بالرغم من كل العبث الذي يمارسه بعضهم. أما في كوردستان سوريا ، فيبدو بأن النظام كان قد استوعب، أو ضمن. آلية التعامل مع الكورد وبالكورد وبالفعل مازالت يدها العميقة تتحرك في اتجاهات عديدة واستطاعت تجميع تيارات تلامس البعد القومي فضائيا والتي أسست لعامل جد مهم : التطبيق العملي وبعقلية الغائية ممنهجة ما عجز النظام وبكل ممارساته وعنجهيته من تطبيقه، ففرض حالة قمعية قلت نظيرتها وبالتوازن مع قمع النظام ومثالثة مع طغيان داعش فمهدت لهجرات واسعة وحاصرت واعتقلت كوادر الأحزاب والقوى التي ناضلت للحد من ممارسات النظم السابق ووقفت بقوة في وجه الاستهدافات الممنهجة والتي سعت حينها في دفع الكورد للهجرة من مناطقهم. وباختصار شديد ومآلات ما تفرزه راهنية الأحداث بإفرازاتها السياسية وبغياب ممثلية كوردية حقيقية سعت الجهة المهيمنة على مسرح الأحداث وبقوة على إجهاض أية محاولة جادة بايجادها رغم المحاولات العديدة والتي توضح فيما بعد بأنها واحدة من الخطوط الحمر المرسومة لتلك الجهة بعدم تجاوزها، وهنا وبتلخيص شديد وما يمكن استنتاجها من مجمل التشابكات بمحوريها العسكري والسياسي ووسط كل هذا الضجيج والتوافقات البينية، العلنية منها والسرية وبدأت نتائجها تطفح على السطح، وبالتالي وبالرغم من التضحيات الجسيمة وسيل الشهداء وما ترافق منذ بدايات الإعلان عن تأسيس وحدات حماية الشعب الكورظي ومن ثم شطب اللاحقة الكوردية كانت ناقوس الانفصام الحقيقي عن خصائصيتها ولتصبح وحدات الحماية الشعبية ومن ثم الى مدلولية توائم نطاقية المهام المنوطة بها ولتتحول الى ق د س / قوات سوريا الديمقراطية / ولتتوائم نظريا مع مهامها تم طرح الفيدرالية الديمغرافية كتفسير مبهم ولكن بعداء صارخ للمفهوم القومي بشقه الكوردي وكتفسير غير موفق حتى لمدلول أخوة الشعوب وتكبيق عملي مجحف بحق شعار الأمة الظيمقراطية، وكل ذلك ضمن أطر دول لقوميات أخرى !! وقداسة جغرافياتها بخرائطها !! .. ولعل السؤال الأبرز هو والمدعو فعلا للإستغراب هو السر في إصرار النظام السوري والإيراني والروسي / سابقا / وبمباركة ابراهيم الجعفري على حصر التمثيل الكوردي بهم بالرغم من تصريحاتهم المتكررة بأنهم لا يملكون أي مشروع قومي، أن تطويب الحق القومي للآخرين وبعثرته ذاتيا بالإلتجاء الى فائض ايديولوجي مبهم ووفق فيدرالية روج آڤا / شمال سوريا وإسباغها باللبوس الديموغرافي وبشكل غير متجانس في بنيانه التاريخي والجغرافي وبمصطلح متموضع وبحرفية متقنة ، أي البعد الاجتماعي وبنطاقية جغرافية تتموضع فيها القضية الكوردية لتصبح ومن جديد أقلية قياسا الى المجموعات الأخرى المزمع الحاقها في الفدرالية المنشودة، خاصة وجرعات الضغط والقمع الممنهج تجاة القاعدة الجماهيرية الكوردية وكانت ولم تزل من العوامل الدافعة الى هجرة مئات الألوف من ابناء الشعب الكوردي الى الهجرة. وهنا يتوضح / برأيي / الثمن الأساس الذي يدفع سياسيا وكضمانة ثابتة لممارسي هذا النهج بالحد والوقوف في وجه المشروع القومي الكوردستاني، وبالمحصلة وفي العودة الى جوهر الموضوع ، وبالرغم من التصريحات في نطاقية الدائرة كاملة بدءا من كيري ولافروف ومرورا الى الحلقات الأدنى، والتي تركز على وحدة سوريا ارضا وشعبا، وهذه لاشك فيها نظريا، غير أن تف – دم ومن خلال تذويبها الخاص الكوردستاني وبعمقه الكوردي في نطاقية جغرافية صرفة وبدولانية محددة ومؤطرة بصبغة قوموية أخرى والغلبة فيها للعنص غير الكوردي الأمر الذي يدفع الى طرح السؤال التالي استنادا الى تصريحات روسية وامريكية عديدة بأنهم يتعاملون مع وحدات الحماية أو ق د س عسكريا ولمحاربة داعش فقط ؟! وختاما: أو ليس حريا بنا جميعا أن نقرأ بعضا من خفايا / حقائق المستقبل.. شخصيا أشك بذلك طالما لا نفكر كورديا …

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية، وبالمشاركة مع أطفال العالم وجميع المدافعين عن حقوق الطفل وحقوق المرأة وحقوق الانسان، نحيي احتفال العالم بالذكرى السنوية الثلاثين لاتفاقية حقوق الطفل، التي تؤكد على الحقوق الأساسية للطفل في كل مكان وزمان. وقد نالت هذه الاتفاقية التصديق عليها في معظم أنحاء العالم، بعد أن أقرتها الجمعية…

نظام مير محمدي* عادةً ما تواجه الأنظمة الديكتاتورية في مراحلها الأخيرة سلسلةً من الأزمات المعقدة والمتنوعة. هذه الأزمات، الناجمة عن عقود من القمع والفساد المنهجي وسوء الإدارة الاقتصادية والعزلة الدولية، تؤدي إلى تفاقم المشكلات بدلاً من حلها. وكل قرارٍ يتخذ لحل مشكلة ما يؤدي إلى نشوء أزمات جديدة أو يزيد من حدة الأزمات القائمة. وهكذا يغرق النظام في دائرة…