دبابيس كورمانجية .!

عنايت ديكو
 في الحوار الأخير للسيد ” صالح مسلم ” مع جريدة ” الصباح الجديد ” العراقية ، ينصح فيه الكورد على وجه الخصوص بجملة نصائحٍ مهمة وقيّمة ، ويخرج باستنتاجات مهمة الى جانب مواعظٍ سياسية خارقة للشعب الكوردي ، وفي رؤيته هذه ينافس كبريات المدارس والمعاهد ومراكز التحليل النفسي والسياسي والاستراتيجي في العالم. 
 لقد اكتشف السيد ” صالح مسلم ” للعالم ، وقبل علماء الاجتماع والتاريخ ، بأن زمن الدولة القومية قد ولّى وإنتهىٰ الى غير رجعة .! وعلى الكورد أن يدركوا أن  ” بغداد ” هي المنفذ الاستراتيجي الوحيد للكورد وفي جميع أجزاء كوردستان ، لأن بغداد اعترفت بالكورد قبل كل العالم .
 وأتحفنا السيد ” صالح مسلم ” أيضاً في حواره مع الجريدة العراقية بفلسفةٍ أيكولوجية خاصة قائلاً : إن فلسفتنا تعتمد على تعايش الشعوب ونحن نرفض مبدأ الدولة القومية الذي أدّى الى القتل والمجازر والابادات . ولا نؤيد إقامة دولة قومية ، ونحن الآن مع الأمة الديمقراطية .
وللردّ على السيد باش مهندس الاستاذ ” صالح مسلم ” … نقول له :
 أولاً …  يا سيد صالح مسلم … أنت تطير يميناً وتسافر يساراً وتحل ضيفاً عزيزاً على كل العواصم المحتلة لكوردستان من دمشق الى بغداد الى أنقرة وإلى طهران ، فكان من الأجدر والأولى والأفضل لك ،أن تذهب الى قاعات الجامعات ومعاهد التاريخ وتحاضر هناك في العقل التركي والفارسي والعربي في بغداد وطهران وأنقرة ، وأن تطرح وتُخاطب هذه الفلسفة أمام تلك النخب المثقفة والواعية هناك ، وأن تُسمِع الدكاترة والفلاسفة والاساتذة والمؤرخين في حرم تلك الجامعات بفلسفاتك هذه ، وأن تطرح نظريتك أمامهم بالمطلق . وكان من الأفضل لك أيضاً أن تذهب وتُخاطب النخب الثقافية والسياسية في تلك البلدان وأن تَجلس مع وسائل إعلامهم ، وأن تقول لهم ولهذه الحكمداريات : يا أيها التركي ويا أيها العربي ويا أيها الفارسي … كفّوا عن ممارساتكم وبنائكم للدولة القومية والصراع القومي والاضطهاد القومي والاستغلال القومي والانصهار القومي . لعلمك يا سيد ” صالح مسلم ” ان الكوردي لا يملك مقومات العنف القومي والصهر القومي والحرب القومية والقضاء على القوميات الأخرى ، حتى تأتي حضرتك وتطلب منه بعدم تبنيه للدولة القومية الكوردستانية . فهذا الكوردي الذي تتكلم عنه لا يريد سلب أراضي الغير ولا يسعىٰ لاحتلال جغرافيات الغير ، فهو يريد فقط أن يعيش مثله مثل باقي الشعوب والقوميات في هذا العالم وأن يمارس حقوقه الطبيعية على أرضه التاريخية ” كوردستان ” بحرية وهدوء .! 
 فمَن الذي قال لك بأن زمن الدولة القومية قد ولّى وانتهىٰ الى غير رجعة ؟ .فلو كان كلامك صحيحاً وصائباً لما رأينا الرفيق الروسي يرفع علمه ويأتي به الى فرنسا قاطعاً الحدود والدول لحضور كأس الأمم الأوروبية لتشجيع فريق بلاده وقتاله الشرس مع الإنكليز على أساس التفوق القومي ورفع العلم الروسي والتغني به والافتخار بألوان علمه القومي ؟  ففي السابق كان لهذا الروسي علمٌ أيكولوجي سوڤييتي ، وكان يستظل تحته كل الشعوب في الاتحاد السوڤييتي السابق. فلماذا بدّل هؤلاء الرفاق الشيوعيون الروس علم السوڤييت بعلم روسيا والألوان القومية الروسية والتي ترمز حصراً الى الشعب الروسي وعرقه وجنسه ؟ أرأيت شخصاً تركياً واحداً يرفع غير علمه القومي ..؟ أرأيت فرنسياً أوالمانياً او أمريكياً أو إنكليزياً يرفع ألوان زمبابوي مثلنا بدلاً من ألوانه القومية ؟ وسأعطيك مثالاً آخر على عدم صحة كلامك يا أستاذ ” صالح مسلم” :  هل نسيت بأن كل شعوب الأرض وبلا استثناء لا زالت تمجد تاريخها وحضاراتها ولغاتها القومية والعرقية وخاصة في أناشيدها الوطنية ومارشاته القومية وأثناء استقبال قياداتها لضيفٍ أو فريقٍ أو ما شابه ذلك ؟ فلا يوجد شعبٌ على وجه هذه البسيطة لا يفتخر ولا يمجّد حضارته القومية والعرقية في نصوصهم وأناشيدهم الوطنية . فهذا دليلٌ آخر على أن دور الدولة القومية لم ينتهي بعد مثلما تفضلت به في حوارك .!
 ثانياً … تقول بأن بغداد هي البوابة الاستراتيجية للكورد ولكل الكورد.! أليست بغداد هي من أزهقتنا بالكيماوي والخردل والسيانيد وكانت هي أيضاً أول عاصمة في العالم تستخدم المبيدات الحشرية والبيف باف ضدنا ؟. فهل اعتراف بغداد بنا كشعبٍ كوردي أتٍ من طهارة قلب صدام حسين وعلي الكيماوي والمالكي والجعفري … أم أن تضحيات هذا الشعب ودماء شهدائه والأنفال هي التي انتزعت الحقوق ؟. وهل جاء ذاك الاعتراف الذي تتكلم عنه ، نتيجة حب ” بغداد ” لنا ، أم أن الهجرة المليونية وكفاح البيشمركة وحرق الأخضر واليابس هي التي ضغطت على إنتزاع الاعتراف بنا .؟
 ثالثاً …  تقول هنا: إننا نحن الآن مع الأمة الديمقراطية وتعايش الشعوب والعلاقات فيما بينها .! طيب يا عزيزي …. أليس الحزب الشيوعي السوري ينادي مثلكم بنفس المطالب والحقوق والأهداف وبنفس المشروع السياسي ؟. فلماذا تتعبون أنفسكم وتشكلون الجبهات والتيارات والمجالس؟. فإذهبوا “وانضبوا” عفواً: انضموا للحزب الشيوعي السوري والجبهة الوطنية التقدمية ، حيث ستشاهدون هناك خيرة الأممين الآيكولوجيين والشعوبويين اللاقوميين واللاعنصريين المحترمين الأكابرية . فلماذا تستهلكون طاقاتكم وطاقات هذا الشعب المسكين في المكان الزمان الضائع .؟ فهناك كل شيء جاهز لكم من مؤسسات وإدارات ومكاتب وأعلام وألوان وقاعات ومواصلات ورحلات ومهرجانات وغيرها ؟ فالشيء الذي تطالبون به اليوم من ( ديمقراطية وعلاقات الشعوب والتضامن الاممي والعلاقات مع هوغو شافيز ومقاومة الرأسمالية وتحرير الجولان وطرد إسرائيل ) فهذا هو بالضبط والتحديد والكمال ما يطالب به الحزب الشيوعي السوري بلا زيادة ولا نقصان .!؟
 وفي الأخير يمضي السيد ” صالح مسلم ” في حواره ويقول : بأن المُضي في رفع مبدأ الدولة القومية سيؤدي الى المجازر والكوارث والإبادات . فيا باش مهندس … هل مطالبة الكورد بدولة كوردية لهم إلى جانب الدول الأخرى في المنطقة … ستؤدي في النهاية وبحسب فلسفتكم الى الجرائم والكوارث والمذابح ؟. وهل كل تلك المجازروالمذابح والقتل والجرائم التي حدثت وتحدث يومياً في كوردستان الشرق الأوسط سببها مطالبة الكورد بالدولة القومية .؟؟؟
أظن بأنك لن تتوفق في حوارك الأخير مع الإعلام هذه المرّة …. ياعزيزي .
نقطة إنتهىٰ

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…