من قتل الشيخ الخزنوي ؟ وأنتم هل أنصفتموه ؟

لافا خالد 
 
كان الملتقى الأول لي  به  حينما دعا  الفعاليات السياسية والثقافية والإعلامية في الجزيرة  إلى مكتبه الذي لا يهدأ مركز أحياء السنة في القامشلي ,لم تكن عندي الفكرة الكافية عن الخزنويين سوى إنهم رجال دين وكفى والجانب القومي مهمش في صفحاتهم , اتصل بي الكاتب إبراهيم اليوسف وأخبرني بضرورة الحضور سيما إنها المرة الأولى التي يتمكن أحد ما من جلب السفارات الأجنبية  إلى القامشلي  للوقوف على معاناة الكرد ومشاكلهم  واخبرني إن الشيخ الشهيد رجل دين متنور وكان كذلك 
رحب بنا وأشاد بضرورة مشاركة المرأة في مختلف الفعاليات فكل الشرائع تؤكد هذا الحق ,  بمقدمته المختصرة في ذاك اللقاء الذي تكرر مرة ثانية وأخيرة في مشروع حوار بدأ بأسئلة ولم تجد لها من إجابات , اختصر منهجه في الحياة بأنه طالب علم وباحث في الدراسات الإسلامية ويسعى لتصفية العقيدة مما شابها  داعياً للأخلاق الفضيلة والإصلاح ولم يخفي ألمه لما يعانيه أبناء جلدته الكرد المسلمين من المظالم والاضطهاد  فالساكت عن الحق شيطان أخرس والكرد أصحاب حق وهم جزء من نسيج هذا الوطن,  بحضور السفير النروجي  و كل تلك الفعاليات وبكل تأكيد مع الوجود الأمني كانت تلك  الانعطافه الكبرى والمنزلق الأخطر الذي كان أحد أسباب نهايته المبكرة جداً  لتأتي انتفاضة 12 آذار ويكون الشيخ الشهيد أحد أعمدتها ولا يترك فرصة أو مناسبة إلا وله فيها رأي سديد في زمن الصمت الرهيب  

 ظهور قوي وإخماد سريع  / قصة البداية /
 
الشهيد محمد معشوق الخزنوي  سليل أسرة الخزنويين الكردية  العريقة  والتي خدمت ولاتزال الدين الإسلامي ,ولد في قرية تل معروف القريبة من مدينة القامشلي  /25/1/ 1957/ درس العلوم الشرعية حصل على أعلى المراتب العلمية في سوريا والمدينة المنورة عمل خطيباً في أحد مساجد القامشلي متبعاً نهج لا تخشى في الله لومة  لائم الساكت عن الحق شيطان اخرس كلكم لآدم وآدم من تراب لافرق بين عربي وأعجمي إلا بالتقوى , بدا شديد الجرأة في خطبه فقد فضح الانتهاكات التي يتعرض لها أخوته الكرد منع على إثر ذلك مرارا إلقاء خطبه , شارك في الكثير من الندوات والمؤتمرات الإسلامية خارج سوريا وداخلها وارتبط بعلاقات وثيقة مع منظمات  دولية حقوقية ودينية داعياً خلالها لحوار الحضارات والأديان  

بعض نشاطاته قبل الاختطاف والنهاية

   1-  يدير مركز إحياء السنة للدراسات الإسلامية  ,كمجمع لنشاطاته الدعوية الإصلاحية العلمية والاجتماعية   والصحية والوطنية
  2- عمل خطيبا في جامع البر الإسلامي في القامشلي
 3- عضو مجلس أمناء القدس ببيروت
 4-  عضو مجلس أمناء الدراسات الإسلامية بدمشق
  5- عضو اللجنة السورية للعمل الإسلامي-المسيحي المشترك
6- عضوا مؤسسا لرابطة الكتاب التجديديين
  7- عضو لجنة حقوق الإنسان الكوردية ماف
   8- عضو اتحاد المثقفين الكورد
الخوف لايرهب غير القلب الفاسد / الإمام علي/
كانت انتفاضة القامشلي الحدث الأكبر في حياة الشيخ  صحيح إن الكرد تعرضوا ولازالوا لمظالم بأشكال مختلفة ولكن أن يفتح الجيش الرصاص الحي في وجه أبناءه فهو ما لايمكن السكوت عنه أبدا وبدأت خطبه شديدة اللهجة  غير مكترث للعواقب استنكاراً وألماً لاستمرار تهميش الكرد, في الذكرى الأولى لاستشهاد الشاب فرهاد الذي قضى في أقبية السجون ألهب الجمهور الكردي بضرورة المطالبة المستمرة في الكشف عن أسماء قتلة شبابنا الكردي الذي بقي مقموعاً وهاهو يجد له لسان حال, يقول إن الحقوق  لا توهب صدقة عن أرواح الأموات إنما تؤخذ الحقوق  بالقوة ونقشوا هذه العبارة على قبره 

النهاية المرعبة والمؤلمة معاً

تبدو القصة أشبه بسيناريو مضحك مبكي في آن ,اختطف في العاصمة دمشق  في 9 أيار ولم تتبنى أية جهة المسؤولية ليعلن في 29 من الشهر نفسه العثور على الجثمان مقتولاً في حلب ويبلغ ذويه بأنه مدفون في دير الزور وتستكمل هذه القصة المرعبة بفتح المقبرة ونقل الجثمان في 1/ 6 /2005 الذي بدا شديد التشوه وآثار التعذيب شديدة الوضوح كما صرح بذلك عائلة المرحوم, وينقل ليدفن في مقبرة قدور بيك في القامشلي حيث الرحلة الأبدية

ماذا عن ردود الأفعال

خبر الاغتيال كان كالصاعقة فالمحظور قد وقع  ليخرج آلاف الكرد  للشوارع وفاءً لمن دفع حياته ثمناً لأجلهم ليبقى الشيخ الشهيد الرمز والذاكرة لكل الكرد يحيون ذكراه كل عام بالكثير من الوفاء والإجلال  , وقعت العرائض وبدأت الحملات تطالب بكشف الحقيقة من قبل كل المهتمين والمثقفين , ونددت منظمات حقوق الإنسان ومنظمة العفو الدولية بالجريمة ولكن لم تحرك ساكنا بعد سنتين من الحدث الكبير اكتفت بالشجب والاستنكار كعادتها , واللافت هو الموقف الخجول للكثير من السفارات الأجنبية وبالأخص ممن كانوا ذات يوم في حضرة الشيخ ضيوفا كرام

أصابع الاتهام

أعلنت الجهات الرسمية اعتقال خمسة أشخاص اعترفوا بضلوعهم في الجريمة ينتمون بحسب تصريحاتهم لأحد الجماعات السلفية  المتطرفة , وآخرون رأوا في كل ما حدث عملية تصفية عائلية على ا إثر خلاف قديم بين الخزنويين أنفسهم وهوماتنفيه الأسرة جملة وتفصيلاً أما عائلة الشيخ  نفسه تشير بأصابع الاتهام للأجهزة الأمنية فالشيخ معشوق بحسب منظمة العفو الدولية أكدت تعرضه للمضايقات قبل اختطافه وتعرضه لتهديدات ورؤيته من قبل بعض الأشخاص في أحد الفروع الأمنية ومن ثم في مشفى تشرين العسكري وهو ما تنفيه هذه الأجهزة بأي دور لها في مجمل ما حدث

ماذا بعد النهاية

الشيخ معشوق عنواناً  لقضية عادلة وشائكة لفها الصمت طويلا لن تكون النهاية اسهل من طريق البداية فثمن الحرية هو دائما المزيد من التضحيات والسؤال للجميع ماذا فعلتم لإنصاف قضيته  ؟
 / على روحك السلام مع الصديقين والشهداء وللقضية أرواحنا جميعاً/
 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ماجد ع محمد بعد أن كرَّر الوالدُ تلاوة قصة الخريطة المرسومة على الجريدة لأولاده، شارحاً لهم كيف أعادَ الطفلُ بكل سهولة تشكيل الصورة الممزقة، وبما أن مشاهِدَ القصف والتدمير والتدخلات الدولية واستقدام المرتزقة من دول العالم ومجيء الجيوش الأجنبية والاقليمية كانت كفيلة بتعريف أولاده وكل أبناء وبنات البلد بالمناطق النائية والمنسية من بلدهم وكأنَّهم في درسٍ دائمٍ لمادة الجغرافيا، وبما…

صلاح بدرالدين لاتحتاج الحالة الكردية السورية الراهنة الى إضفاء المزيد من التعقيدات اليها ، ولاتتحمل هذا الكم الهائل من الاخذ والرد اللذان لايستندان الى القراءة العلمية الموضوعية ، بل يعتمد بعضها نوعا من السخرية الهزلية وكأن الموضوع لايتعلق بمصير شعب بكامله ، وبقدسية قضية مشروعة ، فالخيارات واضحة وضوح الشمس ، ولن تمر بعد اليوم وبعبارة أوضح بعد سقوط الاستبداد…

المهندس باسل قس نصر الله أتكلم عن سورية .. عن مزهرية جميلة تضمُّ أنواعاً من الزهور فياسمين السنّة، ونرجس المسيحية، وليلكة الدروز، وأقحوان الإسماعيلية، وحبَق العلوية، ووردة اليزيدية، وفلّ الزرادشتية، وغيرها مزهرية تضم أطيافاً من الأكراد والآشوريين والعرب والأرمن والمكوِّنات الأخرى مزهرية كانت تضم الكثير من الحب اليوم تغيّر المشهد والمخرج والممثلون .. وبقي المسرح والمشاهدون. أصبح للوزراء لِحى…

د. آمال موسى أغلب الظن أن التاريخ لن يتمكن من طي هذه السنة بسهولة. هي سنة ستكون مرتبطة بالسنوات القادمة، الأمر الذي يجعل استحضارها مستمراً. في هذه السنة التي نستعد لتوديعها خلال بضعة أيام لأن كان هناك ازدحام من الأحداث المصيرية المؤدية لتحول عميق في المنطقة العربية والإسلامية. بالتأكيد لم تكن سنة عادية ولن يمر عليها التاريخ والمؤرخون مرور الكرام،…