أكرم حسين
تكشف الاتفاقية الموقعة في السابع عشر من أيار 2016 في مدينة السليمانية بإقليم كوردستان ، بين الاتحاد الوطني الكوردستاني و حركة التغيير (كوران ) حجم الخلافات القائمة على الارض وحساسيتها ، كي تضمن تفوقها لمواجهة الانعطافات القاسية والغير متوقعة التي يمكن ان تحدث ،رغم التفاهم النسبي بين الاتحاد الوطني والديمقراطي الكردستاني ، لكن مقاربة الافاق المتاحة أمام الإقليم تكشف الواقع العنيد الذي ينطلق منه كل طرف في مقاربته للتحديات التي يواجهها ، أكثر التحديات تلك المتعلقة بالاستفتاء والدولة الكردية القادمة التي يتمسك بها الرئيس مسعود البارزاني ويصر عليها ، في مقابل طرفي الاتفاقية بعدم استبعاد النظام البرلماني وانتخاب الرئيس من البرلمان .
هذه التناقضات والتحديات بدت واضحة وملموسة طيلة الفترة الماضية ، بل حاول البعض النيل من شخصية البارزاني وتاريخه النضالي رغم تصريحاته المتكررة وعبر الاعلام ، بعدم تمسكه بموقع الرئاسة وتفضيله العودة للعيش كمقاتل في البيشمركة ، وقد صرح في احدى مقابلاته مع احدى القنوات عن سؤاله حول الاشياء التي ندم عليها في حياته قائلا بان من الاشياء التي ندم عليها قبوله بموقع رئاسة الاقليم . تواصل ايران تدخلها السلبي في شؤن الاقليم وزيادة ضغوطها السياسية والاقتصادية والعسكرية على شخص البارزاني لإضعافه ودفعه للانخراط في المشروع الشيعي وعزله عن محيطه ، عبر دعم القوى الاخرى باثارة القلاقل والفوضى وقطع مستحقات الاقليم من خلال حكومة بغداد ،لتأليب الرأي العام، وهي اجندة باتت مكشوفة الهدف منها انخراط البارزاني في المشروع الايراني ، لأن ايران تعرف كيف تدير وتوظف اوراقها بكثير من الدهاء والحنكة السياسية وهنا يستحضرنا سؤال هل اتفاقية كوران –الوطني جاءت لكسر الجمود السياسي في الاقليم و تقريب وجهات النظر ؟ ام لتوسيع الخلافات ونسف الاتفاقية الاستراتيجية التي قامت كردستان على اساسها ؟ وهل الدخول في اجندة ايران يأتي لمصلحة الشعب الكردي ؟ في الوقت الذي يجب ان لا يغيب عن اذهاننا بان ايران هي من تتنكر لوجود الشعب الكردي لديها ، ولا تعترف بحقوقهم وتقوم كل يوم بإعدام خيرة مناضلي شعبنا الكردي وشبابه الذين لم يقترفوا ذنبا ، سوى مطالبتهم الاعتراف بوجودهم وهويتهم القومية
وردا على السؤال وبغض النظر عما جاء في نص الاتفاقية ، فإنها ستوسع الخلافات الداخلية وتعمق الازمات القائمة وتضر بالاتفاق الاستراتيجي ولن تساعد على ايجاد الحلول لمشاكل الاقليم ، لان الهدف من هذا الاتفاق هو خلق محور داخل الاقليم في مواجهة الحزب الديمقراطي الكردستاني لإضعافه وارغامه على الانخراط في المشروع الايراني الذي يهدد المنطقة ككل ويدعم انظمة القمع والاستبداد .
وفي كردستان سوريا لا يعترف العقل العروبي السلطوي بأية هوية ثقافية كردية ، رغم كل ما قام به الكرد لحماية مناطقهم ، ويرفض وجود واقع كوردي بذاته ، لا بل يناور ويتعامل مع الواقع الافتراضي القائم كتكتيك أو لعب على الوقت، للتلويح بالخطر الكردي الانفصالي في مواجهة تركيا والمعارضة السورية بأن واحد .وسيشهد الكرد في قادم الايام مواجهة و حربا مكشوفة مع القوى الاقليمية والمحلية ، لأن المعارضة السورية تستعد لذلك ، وفي هذا السياق يأتي قصف عفرين وبعض المناطق الكردية الاخرى وما جرى في مدينة القامشلي في شهر نيسان/ابريل الماضي، وفي هذه النقطة يتفق العقل السلطوي والمعارض بالقيام بحرب استباقية للحد من النفوذ الكردي المتزايد نتيجة واقع الثورة وما خلقته من قوى وظروف دفعت الكرد الى واجهة الاحداث ، بعد محاربة الارهاب والتنسيق مع التحالف الدولي في العراق وسوريا.
أخيرا، هناك حرب شعواء واتفاق على معاداة كردستان يجب ان يحتاط الكرد لها جيدا لأنها حقيقة ، كما يجب توافق القوى الرئيسة في الاقليم وبالأخص الاتحاد والديمقراطي ، بالعودة الى الاتفاق الموقع بينهما وتوسيعه ليشمل معظم القوى الموجودة في الاقليم بما فيها حركة كوران اذا اردنا الاستقرار والسير بالعملية السياسية نحو الامام .لأن الاتفاق الاخير بين الاتحاد الوطني وحركة كوران لن يطعمنا سوى الجوز الفارغ ؟
_____________________
نشرت في صحيفة كوردستان –العدد 537-1/6/2016 م-2716 ك