إبراهيم اليوسف
جاء المؤتمر الاتحاد العام للكتاب والصحفيين الكرد في سوريا والذي عقد خلال مطالع شهر نيسان-إبريل، الماضي، عشية ذكرى يوم الصحافة الكردية وانطلاقة صحيفة -بينوسانو- وضمن حرم ذكرى تأسيس رابطة الكتاب التي عملنا تحت اسمها منذ عقد ونيف، وصار لها حضورها الفاعل في المشهد الثقافي، ليس إلا نتيجة الموقف المبدئي الذي التزمته، منذ تأسيسها، وكانت أسيرة مجرد عنوان محدد، وأفراد أسرة محددة، كي تستقطب أسماء كبيرة -تدريجياً- منذ وضع حجر أساسها، ولتكبر تدريجياً بحيث تضم المئات من الكتاب والإعلاميين الذين ينتمون إلى الأجيال الفاعلة في حقلي الثقافة والصحافة عامة.
الأدوات الأولى التي اشتغلت عليها الرابطة، في تلك السنوات الرهيبة تجسدت في محاولة إيجاد تنظيم نقابي للمشتغلين في عالم الكلمة: كتاباً وصحفيين، انطلاقاً من الحاجة الماسة إلى مثل هذه المؤسسة، بعد أن استشرست آلة عنف النظام، وباتت تضيق الخناق على هؤلاء، وكان هذا يعني في المقام الأول: رصد الانتهاكات التي تتم بحق المثقفين، وإن تم بعض التجاوز من قبلنا – وأعترف بمسؤوليتي الشخصية إزاء ذلك- حيث أننا وبعيد الاعتقالات التي كانت تتم حتى وقت متأخر، كنا ننسب صفة: الصحفي- أو حتى الشاعر أو الكاتب، على من يتم اعتقاله، من دون التدقيق اللازم، وذلك انطلاقاً من هدف نبيل، وهو تشكيل ضغط على آلة الاستبداد، كما كان يخيل إلينا، في إطار استدرار تعاطف المؤسسات الدولية المعنية بحقوق الإنسان، وشؤون الحريات، للعمل على إطلاق سراح هؤلاء، ما جعلنا، وفي أمثلة -عدة محددة- ألا نكون دقيقين، وهو ما انتبهنا إليه، لاحقاً، ولابد من ذكر ذلك، وإن من قبيل النقد الذاتي بلغة السياسي..!.
حقيقة، إننا في هذه المؤسسة أمام تراث ضخم اشتغلنا عليه، خلال اثنتي عشرة سنة من عمر هذه النواة النقابية العامة. إذ صدرت لنا مئات البيانات منذ انتفاضة آذار وحتى اللحظة، بيد أننا -وللأسف- افتقدنا الكثير منها، لاسيما في ما يتعلق بوثائق البدايات، نتيجة أخطاء العمل الفردي الذي فرض نفسه على أدائنا، حتى العام 2011، إذ تمت الانطلاقة الجديدة للرابطة، وباتت ملامح وجهها المؤسسي تظهر، من خلال جدية عدد من الزملاء الذين أداروا دفة المؤسسة في الخارج، بتفان، ولابد من تسميتهم واحداً واحداً، وهم: عبدالباقي حسيني- خورشيد شوزي – د. محمود عباس- عنايت ديكو – قادو شيرين- فدوى كيلاني- أوميد أحمد “الذي انقطع مبكراً لظروفه الخاصة” – كهيئة متابعة- لتنضم إليهم بونيا جكرخوين- ومن ثم نارين عمر و نسرين تيلو، ضمن أسرة أكبر كانت قد ضمت زملاء آخرين منهم: لافا خالد- حفيظ عبدالرحمن- جيهان إبراهيم- إلخ، ناهيك عن الهيئة الإدارية لزملاء الداخل التي انطلقت -لاحقاً- في العام 2012 وعمل فيها عدد من الزميلات والزملاء، واستمر بحمل لوائها عدد من زملائنا، وكان في المواجهة الزميل الشاعر عمران علي، وسيتم الحديث عنهم، ضمن وثائق المؤسسة، ومعهم قائمة كبيرة من أسماء زملاء الداخل الذين التحقوا في فترات متلاحقة، منهم من استمر بالرغم من التضييق على الرابطة إلى حد التهديد بالتصفية الجسدية بحق من يعمل فيها، ومنهم من انضم إلى المؤسسات التي ظهرت لاحقاً، لأسباب خارجة عن أيدينا، ونتحمل جزءاً من أسباب مغادرة هؤلاء الزملاء والزميلات لهذه النواة النقابية، و قد عملوا بإخلاص، سواء من خلال مشاركاتهم مع شارع الحراك -ميدانياً- وهم يرفعون لافتات مؤسستهم- بعد انخراطهم فيها- أو من خلال إقامة فعاليات كثيرة لمجلس الإدارة، وكان أحد أسباب الخلاف يكمن في: هل سيكون لهذه المؤسسة مكتبها أم لا؟، بالإضافة إلى نقاط أخرى تم تناولها، في وثائق رابطة الكتاب، في فترات سابقة، لاسيما أثناء حمى أزمة تشكيل النوى المماثلة، الجديدة، ومشاريع الوحدة التي لم تنجح بسبب وجود بون بين تصورات الهيئة الإدارية والزملاء الذين تنطعوا للتكليف بتمثيلها، في لجان الحوارات، من جهة، وبين الرابطة ومن تحاورهم من تلك النوى، من جهة أخرى، مع الإشارة إلى أننا- في الهيئة الإدارية وقعنا على بياض بأننا لن نكون في أية هيئة إدارية للجسد الوحدوي المتوخى، غير أنه حدث ما حدث، أن تم فرض بعضهم على لجان الحوارات، راح يعمل بعكس تصوراتنا. للعلم، أن كل من قدمناهم كلجان حوارات كانوا قد رشحوا أنفسهم بأنفسهم، ماعدا حالة واحدة ربما، طالبين منا، أن نمنحهم ضمانات نهائية بأن مخولون باتخاذ أي قرار، وأن شؤون الرابطة في أيديهم..إلخ، ولئلا نظلم جميعهم، فإن هناك من صمد، إلى اللحظة الأخيرة، قبل أن يتم استجرارهم عبر: الترهيب، والترغيب، ضمن حملة إساءات إلى الرابطة، بما يتماهى مع خطاب النظام، من مؤسسة لها موقفها الواضح من هذا النظام الدموي..!.
هنا، لا ننسى الدور الإيجابي للزميل: توفيق عبدالمجيد -أول من وقف مع الرابطة، بعيد الإعلان الأولي عنها، وذلك في إطار حدود دائرة مقدرة تحركه الحزبي، باعتبار أن عيون بعض المتشدقين من حوله كانت له بالمرصاد، وهو ما جعل نشاطه في مشروعنا-المدني- محفوفاً بالحذر إلى جانب حبه، ودعمه المعنوي الضمني الخاص لنا. كما أن هناك زميلات وزملاء آخرين واجهوا محاولات محو الرابطة إلى وقت طويل، كما أحمد حيدر وشهناز شيخه، إلا أنهما لم يتمكنا من مواصلة الديمومة كما فعل زملاؤنا الآخرون الذين كان الزميل عمران علي في واجهة تمثيل الرابطة، وهو موقف يسجل له اسمه في السجل الذهبي للرابطة.
أعرف، أنني هنا، أظلم كثيرين من الزملاء الذين لم أورد أسماءهم، وكانت لهم مواقفهم هنا وهناك، كما أنني لم أرد التحدث عمن تصرف من داخل- الرابطة- بعدوانية، من أجل أجندات شخصية صرفة- وأشير أدناه إلى ما هو مشخص- محاولاً جعل الرابطة مطية له، عبر سلوك غير رشيد، أو غير محمود، وهو محفوظ إرشيفياً لدينا -بتفاصيله- ودوافعه، التي لا نريد إثارتها، وإن تصرفنا في الوقت المحدد، من خلال الانتباه إليه، والتحذير مما يعمله..!.
ثمة ما لابد من الإشارة، وهو أن عمل هذه الهيئة حقق أهدافه -عبر مؤسسيتها- التي بدأت منذ 2011، حيث حدثت نقلة كبيرة في الخط البياني لعملها، إن على صعيد الجوائز التي كانت أطلقتها في وقت سابق، أو تلك التي أطلقتها في ما بعد، بالإضافة إلى جريدتيها: بينوسا نو- الكردية- وبينوسا نو العربية واللتين عمل فيهما عدد من زملائنا وأصدقائنا: خورشيد شوزي- عبدالباقي حسيني- قادو شيرين د. أحمد خليل وإبراهيم محمود ، ويسجل لزميلنا شوزي “دينامو الجريدتين بل الرابطة” الذي يعمل تقنياً على الجريدتين على امتداد ساعات متواصلة حوالي عشرين يوماً من كل شهر، حتى استطعنا حتى الآن أن نصدر ثمانية وأربعين عدداً من كل منهما على حدة، بما يعادل جهود مؤسسة من عشرات الموظفين المتفرغين، وإن كان عملنا جميعاً طوعياً، بما يكفل استقلاليتنا.
لن نلتفت إلى هؤلاء الذين كلما قويت شوكة الرابطة، وواصلت مسيرتها، بثقة، ملتزمة برسالتها، حاولوا وضع العصي أمام عجلاتها، وهي حملة بدأت ونحن نطلقها في الوطن، عندما كان بعضهم يلعب دور المؤلب على نويتها، ومهادها، وازدادت ضراوة خطاب هؤلاء لتتجاوز كل أخلاقيات الحوار، مادامت هذه المؤسسة تقدم أوراقها الثبوتية كأحد حصون الثقافة الكردية، وقلاعها، وتعد حاضنة بعض أهم الأقلام النبيلة التي تعمل بتفان ومبدئية. إننا لمتفهمون لما يقوم به كل هؤلاء، لأنهم يؤدون أدوارهم بشكل طبيعي، إن جهلاً، أو تحاملاً وضغينة، أو على نحو ممنهج، وهم-في النهاية-، يصبون، في ساقية واحدة، ويبقى مشروعنا الثقافي مفتوحاً، لاحتضان كل أصحاب الأقلام الغيورة، المبدئية، الصادقة، لأننا واثقون أننا لسنا إلا جزءاً من هؤلاء، حتى وإن كانوا في مواقع مختلفة، وسيكون مؤتمرنا التالي ترجمة لشعار الدعوة إلى وحدة صف هؤلاء- باعتبار أننا الجهة الثقافية الأكثر استقلالية-لأن لا خطورة لأية مرحلة أشد من خطورة مرحلة الحرب، بل أن المهمات التي تنتظرنا، في ما بعد هذه الحرب اللعينة التي جمعت كل تجار الحروب ضدنا لهي أشق وأصعب، وها نمد يدنا إلى جميع مثقفينا، ضمن التوصيفات التي ننطلق منها، موقنين، أننا سنعمل عاجلاً أو آجلاً تحت -إطار واحد- في خدمة رسالة وجود أهلنا ووطننا..!.
تحية إلى أرواح زملائنا أعضاء الرابطة الذين غادرونا: الشيخ الشهيد معشوق خزنوي الشهيد مشعل التمو الراحل د. عبدالرحمن آلوجي الشهيد عماد حمو.
تحية إلى كل من وضع لبنة واحدة، في هذا الصرح الثقافي المهم، منذ التأسيس وحتى الآن..!.
• العدد48- بينوسانو