مفهومان بشأن «وحدة الصف» الكردي السوري

صلاح بدرالدين
أمام الصحوة الشعبية العامة والتحرك الشبابي في الوطن والشتات باتجاه رفض المشهد العدائي المؤلم بين القبائل الحزبوية وممارسات الأحزاب الكردية التي تكرس الانقسام وازاء الهوة التي تتعمق وتتوسع أفقيا وعموديا بين جماعات الأحزاب المستولية بالعنف وعبر الطرق الملتوية على السلطة والثروة والجاه وبادعاء تمثيل القضية من جهة وبين الشعب الكردي وقواه وتعبيراته الوطنية الحية من الجهة الأخرى يجب وبالضرورة ومن أجل عدم اضاعة البوصلة وقطعا للطريق على المستغلين والمنتفعين من أصحاب النوايا المبيتة السيئة من أرباب ” الثورة المضادة ” المتحزبين في محاولاتهم الجارية لقلب المعادلة وافراغ التحرك الشعبي العفوي من محتواه وتجييره لصالح ماهو قائم بكل قتامته بل واعادة الاعتبار لما هو مرفوض ومدان ومستهدف بالأساس من الموجة الاحتجاجية الراهنة علينا وضع النقاط على الحروف وتسليط الضوء الكاشف على مضمون وأهداف الحراك الذي يشغل الشباب والوطنييون المستقلون مكانة القلب منه . 
ان الاختلاف الفكري – الثقافي العميق حول تعريف ( وحدة الصف الكردي أو الاتحاد أو الوحدة أو التحالف … ) ينعكس الآن جليا خلال التعامل السياسي مع وقائع الحراك الذي يختلف شكله وشعاراته ومجاله بين ساحات الوطن والشتات في الأولى محكوم بقوانين وقرارات أجهزة سلطة الأمر الواقع المدارة من حزب – ب ي د – ولاتتعدى شعاراتها المرفوعة حدود تفاهمات الأحزاب أما في ساحات الجغرافيا الحرة خارج الوطن فالحراك يهدف تحقيق أمر آخر وهو البحث عن بديل من أخفق طوال أعوام خمسة كما هو معلوم وكما أشار اليه راعي مساعي تقارب أحزاب المجلسين وأقصد السيد مسعود بارزاني رئيس اقليم كردستان العراق .
  مسؤولو الأحزاب الكردية السورية الذين لم يحصدوا سوى الفشل منذ عقود وخصوصا منذ اندلاع الثورة السورية وأخفقوا ليس في انتزاع حقوق الكرد فحسب بل ضلوا السبيل الموالين منهم للنظام أو الذين وجدوا في المعارضة سبيلا لتحقيق المآرب الخاصة أولا ثم الحزبية بدرجة ثانية بحيث كانت ومازالت علاقات الطرفين مع كل من النظام والمعارضة تفتقر الى أية أسس مبدئية أو برامج وعقود ومشتركات واضحة وملزمة كما لاتستند على أية التزامات سياسية لافي الحاضر ولا في المستقبل .
  علينا الاعتراف بحقيقة أن قسما لابأس به من التحرك الشعبي والشبابي قد غرق في بحر العفوية والمشاعر وبسبب التعلق بضرورات ( الوحدة القومية المشروعة ) في مثل الظروف السورية الحالية ومخاطر نظام الاستبداد وتصاعد النبرة العنصرية لدى بعض الأوساط المحسوبة على المعارضة وقمع سلطات الأمر الواقع وتهديدات التهجير وافراغ المناطق الكردية وجدنا مشاهد غير مستحبة ومما له دلالته انسحاب طالبة كردية سورية جامعية من تظاهرة أربيل واعلانها في تغريدة على وسائل التواصل الاجتماعي أنها انسحبت بعد تغيير هدف التحرك من جانب الأحزاب من الدعوة الى بديل وطني مستقل شبابي لقيادة المرحلة الراهنة الى رفع الأعلام والشعارات الحزبية الفاشلة التي كانت أكبر من العلم القومي الجامع .
  بكل أسف نجحت الأحزاب مرة أخرى في اجهاض التحرك المنطلق من أهداف ومبادىء نبيلة بل أن معظم التحركات تعرضت الى الاختراق المنظم والى تحريف المسار والى محاولات حثيثة في تجاوز ماصرح به السيد رئيس اقليم كردستان بشهادته الواضحة والدقيقة بعد اختبار دام سنوات أربع حول اخفاق الأحزاب الكردية السورية وفشلها ودعوته غير المباشرة الى كرد سوريا للبحث عن بديل مناسب يعيد بناء الحركة الوطنية الكردية من جديد وعلى المنظمات الشبابية بشكل خاص أن تقوم بمراجعة وتقييم شاملين عن مسؤليتها الرئيسية في ماحصل مع التأكيد على أن الوقت لم يفت بعد وأن هناك متسع لاعادة النظر وتجديد التحرك بشكل أكثر تنظيما وأوضح أهدافا .
   كانت انطلاقة التحركات بغالبيتها الشبابية بمثابة جرس انذار لكل الأحزاب الكردية لأنها تزامنت مع تصريح رئيس الاقليم كماذكرنا ومع التحولات السورية على صعيد الحرب والسلام والمفاوضات ومع اقتراب زمن الاستحقاقات والبحث عن صياغة الدستور الجديد واحتمالات تجديد الثورة واعادة بنائها وانبثاق كيانات وقيادات جديدة لقيادة المرحلة القادمة وقد تابعنا كيف أن بعض أكثر المسؤولين الحزبيين سوءا في السمعة والتاريخ قد استنفروا أبواقهم وأزلامهم لتلميع صورتهم بغية الالتفاف على تصريح الرئيس بارزاني أولا وقطع الطريق على التحرك الشعبي العفوي ثانيا وللتاريخ نقول أن أصحاب المصالح ( الخاصة المعروفون ) في ادارة فضائية كردية معروفة قد سخروا خدماتهم لأولئك وأرادوا الحاق الأذى بالحركة الوطنية الكردية السورية ولكنهم لن يحصدوا سوى الندامة بالقريب العاجل كما أن بعض المواقع الكردية السورية قد نأوا بالنفس عن طرح ومتابعة الموضوع بدون أية مبررات مقنعة .  
  ماجرى خلال اسبوع في الساحة الكردية السورية وفي بلدان الشتات أكد مجددا على مفهومين في تعريف ( الوحدة الكردية ) واحد ينطلق من حقيقة فشل الأحزاب وسقوط برامجها وعقم سياساتها وانتهاء مرحلتها بالبدء بمرحلة جديدة في الفكر والتنظيم والموقف أي باعادة بناء والاستناد الى الغالبية الشعبية من الحراك الشبابي والوطنيين المستقلين ومنظمات المجتمع المدني وفي ظل البرنامج القومي – الوطني القاضي بترميم البيت الكردي والتلاحم المبدئي الثابت مع القوى الديموقراطية السورية والثورة على أسس واضحة سليمة وتعزيز العلاقات القومية الأخوية وخصوصا مع اقليم كردستان العراق أما الثاني فيمثل قيادات أحزاب ( المجلسين ) ويدعو الى تفاهمها وتقسيم المصالح والحصص بينها واعادة سيطرتها المشتركة على مصير الكرد أي تكريس مبدأ سيادة الأحزاب على ارادة الشعب .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…

خليل مصطفى مِنْ أقوال الشيخ الدكتور أحمد عبده عوض (أُستاذ جامعي وداعية إسلامي): ( الطَّلَبُ يحتاجُ إلى طَالِب ، والطَّالِبُ يحتاجُ إلى إرادة قادرة على تحقيق حاجات كثيرة ). مقدمة: 1 ــ لا يختلف عاقلان على أن شعوب الأُمَّة السُّورية قد لاقت من حكام دولتهم (طيلة 70 عاماً الماضية) من مرارات الظلم والجور والتَّعسف والحرمان، ما لم تتلقاه شعوب أية…

أحمد خليف الشباب السوري اليوم يحمل على عاتقه مسؤولية بناء المستقبل، بعد أن أصبح الوطن على أعتاب مرحلة جديدة من التغيير والإصلاح. جيل الثورة، الذي واجه تحديات الحرب وتحمل أعباءها، ليس مجرد شاهد على الأحداث، بل هو شريك أساسي في صنع هذا المستقبل، سواء في السياسة أو في الاقتصاد. الحكومة الجديدة، التي تسعى جاهدة لفتح أبواب التغيير وإعادة بناء الوطن…