في صناعة الوهم.. وانشقاقات الأحزاب!!

روني علي
لو حاولنا أن نتجرد قليلاً من الرتابة وتنميق الكلمات، كان علينا القول بأن صانعي الأحزاب” المتشظية عن نفسها” في غرب كوردستان، منذ ما بعد الحراك السوري خلال أكثر من خمسة أعوام للآن، هم الأكثر نخراً في القيم النضالية والأخلاقية والأكثر تسطيحاً وتشويهاً لمفردات الفعل النضالي، لأسباب عدة ولعل أهمها تكمن في أن هذه الفئة التي ملأت “الغرف المغلقة” ضجيجاً بأحاديثها عن الديمقراطية، لم تحاول إعادة قراءة اللوحة انطلاقاً من ذاتها، لتجد أنها واقعة أسيرة كذبة هي من صناعتها، فهي بل الغالبية الغالبة منها انساقت إلى الخيار الأجوف “تشكيل الحزب” لكونها فشلت في تحقيق مآربها ضمن الأحزاب التي كانت جزءاً من محطاتها التنظيمية الأخيرة ترشيحاً وتصويتاً، وحين أخفقت في الوصول إلى “الكرسي” كان تشكيل الحزب شكلاً من أشكال الانتقام من نفسها قبل الآخرين،
بمعنى آخر، لجأت إلى هذه الوسيلة كما يلجأ الطفل إلى لي عنق اللعبة حين لم يتمكن من استنطاقها كما يريد.
هذه الفئة التي تتحدث عن البديل النضالي، لم تقرأ التاريخ من زاوية الطاقات والكفاءات، حتى تعيد النظر في ملاكاتها، لأنها لو امتلكت جرأة الوقوف أمام مرآة حقيقتها، ربما حاولت أن تبحث عن القيم النضالية في ذاتها قبل البحث عن البديل، بحكم أنها تفتقد إلى أدنى إحساس بالمسؤولية والتي تتجسّد في احترام مشاعر البسطاء الذين هم من ضحايا التشظي ووباء النخر في أوصال العائلة الواحدة، فضلاً عن بحثها عن الطاقات التي يستوجب البديل فيمن يدعي مثل هكذا طرح، ناهيكم عن المشروع البديل الذي يرتكز على الثالوث الفكري والسياسي والمعرفي .
هذه الفئة التي تحاول الدخول من خلال النافذة إلى ذاك المستنقع الموبوء، والذي يعج بجراثيم الارتزاق على حساب المبادئ وتقديم الولاءات على حساب المقدسات، شوهت مضامين الفعل النضالي وكذلك محاولات البحث عن مخارج حقيقية من لدن كل من يمتلك الطاقات والكفاءات، بحكم أنها وبممارستها، كانت بمثابة الأشنيات التي تطفو على السطح، وتعكّر صفو الجمال الكامن في جنبات الفعل النضالي .
وحتى لا نكون في موقع المتجني فإن ما أوردته ليس تعميماً، لكنه ظاهرة عامة في خاصرة الحياة الحزبية الكوردية .
صحيفة ” كوردستان” العدد 533

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…