دراسة في الانتخابات الأمريكية ومصير الكرد

د. محمود عباس

   تجاوز الصراع حدود
المنطق السياسي، في المرحلة الأولى من الانتخابات، بين مرشحي الحزب الجمهوري، دون
الديمقراطي، المتساقط أكثر من نصفهم حتى الأن من أصل اثنا عشر مرشحا، كان بينهم
شخصيات معروفة، ينتمون إلى عائلات عريقة في التاريخي الأمريكي السياسي وعالم المال،
ك) جون أليس “جيب” بوش،1953م) رئيس ولاية فلوريدا لدورتين متعاقبتين، الأبن الثاني
لرئيس أمريكا الواحد والأربعين (جورج هيربرت بوش”1924م_ …) الخاسر في الدورة
الثانية أمام الرئيس الديمقراطي ويليام جيفرسون كلينتون (1946م_…) والذي يعرف ب
بيل كلينتون. 
كانت التوقعات في بدايات المرحلة، أن عملية مشابهة للتنافس الماضي ستجري بين زوجة
بيل كلينتون وأخ جورج والكر بوش (1946م_…) الرئيس الثالث والأربعين لأمريكا،
لكنها انهارت، لخسارة جيب بوش في ترشيحات الولايات الأكثر أملا فيها، وكان لظهور
المرشح المشهور في عالم المال والفن، الملياردير (دونالد ترمب، 1946م) الدور الأكبر
في إخراجه، وخاصة بعد السجالات التي دارت بينهم على الإعلام، والانتقادات اللاذعة
له، ولأخيه على خلفية دخوله العراق، إلى جانب أن شخصية جيب بوش لم تكن على سوية
التأثير في الجماهير، وطروحاته السياسية الروتينية، في معظم القضايا، لم تكن مؤثرة
في أعضاء الحزب الجمهوري. 
  وللذين لا يعرفون دونالد
ترمب
، فهو المرشح للرئاسة عن الحزب الجمهوري للمرة الثانية، الأولى
عام 2000م، بعد أن أنتقل من الحزب الديمقراطي إلى الجمهوري، والذي لم يعمل سابقا في
مجال السياسية أو الدولة، كان صاحب أحد أكبر منتجعات ومدن القمار في ولاية نيويورك،
أتلانتيك سيتي، قبل أن يصيبها الإفلاس ويبيعها، ومالك أو باني نصف العقارات ضمن
مدينة نيويورك، وله عقارات في معظم المدن الأمريكية المهمة كلاس فيغاس، ثروته تقدر
بسبعة مليارات دولار، متزوج للمرة الثالثة، وله خمس أطفال، وكان يدير مسابقة ملكات
الجمال في العالم.
 لم يلغي (دونالد ترمب) الأخرين من الساحة بعد، لكنه يتقدم
البقية وبدون منازع. تستند دعايته الإعلامية، على تصريحات منافية للمنطق
الدبلوماسي، تعكس عنجهية العرق الأبيض السياسية، والتي على أثرها بدأ البعض من كبار
الحزب الجمهوري يتبرؤون منه، ويهاجمونه، وبقوة، أمثال المليونير (ميت رامني)
السناتور والمرشح سابقا لمرتين متتاليتين. مقابل تأييدا من شريحة محافظة، معظمهم من
حزب الشاي، المنشق عن الحزب الجمهوري شكلياً، وفي الواقع العملي الأغلبية الجمهورية
وليس فقط المحافظين منهم يشعرون بأنه: يعكس مفاهيمهم، ورؤيتهم للواقع الاجتماعي
الاقتصادي الأمريكي، وفي السياسة الخارجية، وقد أختصرها في البدايات بعدة طروحات،
منها إعادة المهاجرين اللاشرعيين إلى بلدانهم، والذين يتجاوز عددهم 11 مليون، وبشكل
خاص مهاجري دول أمريكا اللاتينية و المكسيك، ، متهما الأغلبية، بأنهم تجار مخدرات
وعصابات ويمارسون السرقة وغيرها وهم عالة على المجتمع الأمريكي، وخلق ضجة إعلامية،
وكرها من المجتمع الإسباني الأمريكي، مقابل تأييد من شريحة المحافظين، عندما عرض
فكرة بناء جدار عازل بين أمريكا والمكسيك، مع تهديد  لدولة المكسيك بأنها ستدفع
تكاليفها، فكان رد فعل رئيس المكسيك قاسيا، وصفه بالمجنون، وشبهه بهتلر. وبعد أن
خفت هذه الضجة قليلا، هاجم الإسلام والمسلمون، وبعدها تناوب على مهاجمة المنافسين
له على الترشيح، فلم يترك أحد منهم دون إيذائه شخصيا، وتطاول حتى على البابا
الكاثوليكي (فهو بروتسنتي) أثناء زيارته المكسيك. نطاق تهجمه لا يتوقعه المراقبون،
وكأن خبرائه يبحثون عن النقاط الساخنة التي تشد الجمهوريون المحافظون حوله، وتعكس
رغباتهم الداخلية. كل هذه الضجة الإعلامية مسنودة بقوته المادية، واستغنائه عن دعم
الشركات، أو الأشخاص، مكتفيا ذاتيا، ويقال إنه سخر لحملته الانتخابية قرابة ربع
مليار دولار، لكنه رقم مبالغ فيه، إلى جانب طائرته الضخمة الخاصة، والتي تنقله بين
الولايات بكل سهولة ويسر، مع طاقمه الاستشاري الواسع، وقد بلغ إلى حد أنه لا يدفع
للدعاية بقدر ما تعمل الشركات الإعلامية أرباحاً طائلة من ظهوره ونشر أخباره وخطبه،
فلا يمكن أن تمر ساعة على قناة كقناة أل س ن ن أو الفوكس نيوز، على سبيل المثال،
دون أن يكون له ظهور وحديث عنه.

  المرشحين الجمهوريين،
أكثر منه بلاغة، وعمق سياسي، ورؤية دبلوماسية، لكن معظمهم لم يكن لهم الثقل
الجماهيري بين أعضاء الحزب، بينهم كان أفضل طبيب جراح عصبية في أمريكا، من العرق
الأفرو-أمريكي، وامرأة واحدة، والبقية رؤساء ولايات، وسناتور، وفي الواقعي
الفعلي.

ينافسونه على الساحة ثلاثة مرشحين، أحدهم السناتور عن ولاية تكساس
(رفائيل إدوارد (تيد) كروز، 1970م ) والذي غلبه في ولاية
أوهايو، وبأصوات قليلة، وخسر أمامه في معظم الولايات الأخرى حتى الأن، وهو من
المحافظين، ويواجه إشكالية انتخابية دستورية، فهو من مواليد كندا، ولد في مدينة
كالغري بكندا، والده من أصل كوبي، وكان من بين الذين حاربوا مع كاسترو، حصل والده
على الجنسية الأمريكية بعد زواجه، وكان رجل أعمال ناجح في مجال النفط، تزوج والدته
الأمريكية، وسكنا في كندا لتسيير أعمال شركته المرتبطة بمجال النفط، وهناك ولد
أبنهم، المرشح الجمهوري الحالي، وسناتور تكساس. وهي القضية التي ركز عليها ترمب،
إلى درجة بأنه سيقيم عليه دعوة قضائية لتجاوزه الدستور، وطلب منه مرة في إحدى
سجالاتهم، أن يترشح للانتخابات الكندية وليست الأمريكية. عمليا لا يحق له أن يكون
رئيسا، وهذه أول حادثة في تاريخ أمريكا، بأن يترشح شخص ولد خارج الجغرافية
الأمريكية، مع ذلك يمرر على إن والديه أمريكيين وكانا مضطرين الإقامة في كندا بسبب
العمل، وعلى الأغلب إذا سبق ترمب في الأصوات، أو رشح عن الحزب الجمهوري ستكون هذه
القضية الدستورية من القضايا الأكثر إثارة في تاريخ الصراع الانتخابي، لكن حظه أضعف
من أن يتقدم المرشح الأقوى، دونالد ترمب، ولا يتوقع أن يكون مرشح الحزب الجمهوري. 
ومثله المرشح الأخر، الشاب قياسا بالبقية، والمحتل حتى الأن المركز الثالث، مع
فارق واسع بينه وبين المركز الأول. ينتمي إلى عائلة كوبية الأصل، بسيطة، أب كان
نادل في المطاعم، ووالدته مدبرة في الفندق، حصلا على الجنسية الأمريكية في عام
1956م، المحامي (ماركو أنطونيو روبيو، 1971م) توأمه عضو في
الحزب الديمقراطي، وله أختين، أصبح سيناتور عن ولاية فلوريدا في عام 2011م.   
 لولا منافسة المرشحين، الأخيرين بين بعضهما ضمن أعضاء الحزب الجمهوري الأقل
تطرفاً، حيث يستمدان قوتهما الانتخابية، لكانت المنافسة قوية بين أحدهم وبين دونالد
ترمب، فهما في الواقع السياسي، يختلفان عنه في كيفية حل القضايا المطروحة، وليس في
العناوين، كقضية حل ووضع البديل عن الضمان الصحي الذي طبقه إدارة براك أوباما، إلى
جانب عملية التعامل مع المهاجرين غير القانونيين داخل أمريكا، فلهما أراء أقل حدة،
وأكثر منطقية، كالتعامل مع قضية اللاجئين غير الشرعيين، وتهجيرهم، والتعامل مع
العالم الإسلامي، بعكس ترمب، إلى جانب قضايا أخرى.
   قضايا شخصية لا تثار بشكل
واسع، لكن بعض الكتاب الأمريكيين يضعونها كنقاط رئيسة في حصد الأصوات، كالاسم
(ماركو ورفائيل) والخلفية العرقية والدينية، فالأخيرين يتبعان الكنسية الكاثوليكية،
التي تتبعها أغلبية شعب أمريكا اللاتينية، ومعظم الجمهوريين الأمريكيين
بروتستانتيون. كما وأن دونالد ترمب، من الوجوه البارزة على الإعلام، وفي الوسط
الفني والمالي، كان معروفا، في عدة مجالات، منها مسلسل تلفزيوني، وغيره، بعكس
الأخيرين، اللذين كانا ظهورهما نادرا، وغير معروفين إلا في الوسط السياسي الضيق.
علماً أنهما في تحليلاتهما أدق منه، ورؤيتهما أوسع في مجال قضية الضرائب المثيرة
بين الشعب الأمريكي، والضمان الاجتماعي، وقضية الإجهاض، وزواج المثليين، اللذين
يعتبران أكثر تفتحا من ترمب، لكن في الطرف الأخر أكثر حنكة في الرؤية الاقتصادية.
علماً أن تيد كروز يعد محافظاً، وهي التي ساندته عند ترشحه للسنت عن ولاية تكساس.
وفي السياسة الخارجية، تظهر الاختلافات في بعض النقاط، حول التعامل مع الهيمنة
الروسية، والتعامل مع إيران، والكل هنا متفقون على عدم رفع الحظر عنه، ومنافسة
بوتين، لكن لا ترقى إلى سوية التناقض بينهم وبين مرشحي الحزب الديمقراطي، وخاصة
سياسة أمريكا في الشرق الأوسط.
  التوقعات تؤكد أن مرشح الجمهوريين هو
الملياردير دونالد ترمب، وهو الذي سيكون منافسا لأحد مرشحي
الديمقراطيين،
والذي لم يحدد بعد، علما أن ما تظهره الإعلام والتوقعات
الأولية، أن السيدة الأولى سابقاً، المحامية (هيلاري رودهام
كلينتون
، 1947م) ستكون، مرشحة الديمقراطيين، بين الثلاثة، عمليا
المنافسة بين شخصيتين، فقد كانت وزيرة خارجية أمريكا في الفترة الرئاسية الأولى
لبراك أوباما(2009-20013)، وسناتور قبلها لمرحلتين متتاليتين، عن ولاية نيويورك.
ومنافسها القوي (برنارد “برني” ساندرز، 1941م) خريج جامعة
شيكاغو، يهودي الديانة، أنتسب إلى حزب الجمهوريين عام 2015م، بعد الاستقالة من حزب
الحرية، أو الاتحاد الحر، سناتور عن ولاية فيرمونت، ليبرالي إلى درجة أن أتهمه
مرشحي الحزب الجمهوري بالاشتراكي.
تدور نقاشات الديمقراطيين حول، رفع سوية
التعليم، وسقف الرواتب، والضمان الاجتماعي، والتأمين الصحي، إلى درجة أن ساندرز
يوعد تأمينها لجميع الشعب الأمريكي، وبسهولة، كما وأنهم يتنافسون على حل قضية
المهاجرين، ضمن أمريكا، وليس إعادتهم إلى أوطانهم كما يقوله الجمهوريين، وزيادة
الضرائب على الطبقة الغنية، والشركات الكبرى، عمليا الاختلافات بسيطة بينهم حول
الطاقة النظيفة، والإجهاض وزواج المثليين، والسياسة الخارجية، لكن برني ساندرز،
يركز ويشدد على أنه سيقوم بتخصيص تريليون دولار لتحديث وتعمير البنية التحتية،
والتي ستفتح مجال العمل لأكثر من 13 مليون أمريكي، ويوعد أن يخصص5,5 تريليون دولار
لتأمين عمل لأكثر من مليون شاب أمريكي، وتحويل الطاقة إلى النوعية النقية، بدرجة
ونسبة عالية. 
التنافس بين الديمقراطيين مثلها بين الجمهوريين،
تنحصر ضمن النقاط الرئيسة التي يتفقون عليها، والاختلافات بسيطة، لذلك معظم نقدهم
ينزاح إلى المسائل الشخصية، وماضيهم، وتصريحاتهم القديمة، والاستثناءات قليلة،
بعضهم خرج بقضايا للإثارة والدعاية الإعلامية، وستبقى كذلك إلى أن يتعين مرشحي
الحزبين، لتنتقل النقاشات إلى القضايا الأساسية التي يختلفون عليها، من السياسة
الداخلية إلى الخارجية، من التأمين الصحي إلى سن التقاعد وقضاياها كالضمان الصحي،
وعدم رفع سن العمر التقاعدي، وقضايا مشاكل المحاربين القدماء، ومن المثليين إلى
قضية حرية الإجهاض، من رفع سوية الرواتب إلى الميزانية العامة، ومن قضية الديون وحل
مشكلتها، إلى رفع سوية الدخل القومي العام، إلى المهاجرين اللاشرعيين، من العلاقات
الدولية واستخدام القوة العسكرية إلى سويات التعامل مع الدول الصديقة، ومن سوية
التعامل مع العالم الإسلامي، وعداوتهم لأمريكا  إلى طرق التعامل مع الدول
الإسلامية، وغيرها من المشاكل التي يختلفون عليها وبعمق. وتبقى قضية الشرق الأوسط،
والدول المحتلة لكردستان، مركز الاهتمام، وستكون الاختلافات كبيرة حولها بين
المرشحين. 
  من المتوقع أن تنجح السيدة هيلاري كلينتون، في حال يكون منافسها
دونالد ترمب، ولأسباب منها: أنه يستمد قوته من شريحة المحافظين دون الليبراليين
والمستقلين من الشعب الأمريكي، والشريحة الأولى غير واسعة، فالإحصائيات تبين أن
أعضاء الحزب الجمهوري لا يتجاوزون 25% من نسبة المنتخبين الأمريكيين، والديمقراطيين
27%، أي عمليا هناك بحدود 48% من المستقلين، وهي النسبة التي عادة يتنافسون عليها
فيما بينهم، في الانتخابات العامة، وهي في اغلبها، من الطبقة المتوسطة وما دونه،
ومن الأقليات، الإسبانية والعرق الأصفر والسود، وهؤلاء في معظمه يرفضون دونالد ترمب
على خلفية تصريحاته، ولربما ليس حبا بكلينتون، مع ذلك حظها أوسع في حصد الأغلبية من
هذه الشريحة، ولربما خبراء ترمب انتبهوا إلى هذه المعضلة، فكان أكثر دبلوماسيا في
الحوار الأخير، تناول النقاش بسوية الرئيس الأمريكي، دون انتقادات شخصية لاذعة،
وبدبلوماسية.  مع ذلك فيما لو حل محله ماركو روبيو أو تيد كروز لكانت المنافسة أقوى
وحظهم في أفضل. وبشكل عام، من المتوقع نجاح هيلاري كلينتون، وقد تكون أول أمرأه
تنتخب كرئيسة لأمريكا، مثلما كان براك أوباما أول أسود
يحكمها.

القضية الكردية

 إدارتها ستكون استمرار
لسياسة أوباما الديمقراطية في الشرق الأوسط، وهنا يكون حظ الكرد، محصورا في قرارهم
الذاتي، وسوية تعاملهم مع البعض، ومدى قدرتهم على تشكيل القوة التي تكون مركز ثقة
لدى الإدارة الأمريكية الجديدة، ولديهم قدرة السيطرة على الأرض، ومحاربة داعش
والتكفيريين، والتحكم بالمنطقة التي قد يتوقع أن تبنى فيها قواعد عسكرية. لأن
سياستها ستعتمد أيضا على القوى المحلية، والطيران الأمريكي، ومجموعة من الخبراء أو
قوى عسكرية رمزية كخبراء وموجهين، وتبقى رأيها مع الدول السنية وإيران أضعف، وأقل
ثقة بهم مما كان يقدمه براك أوباما، ربما لبعد ديني، وتأثير اللوبي اليهودي والتي
تستند عليهم في حملتها. وعليه وفي هذه الحالة التي فيها الكثير من الإيجابية
بالنسبة للكرد، معرفة كيفية التحكم بالأمور، والقدرة على التحرر من إملاءات القوى
الإقليمية، لتضييق هوة الخلافات بين البعض، وبالتالي نقل القوة العسكرية الحزبية
إلى قوة عسكرية كردستانية، والتي ترفضها القوى الإقليمية وليست الأحزاب الكردية،
رغم أنهم وتحت إملاءات لا يصرحون بها.
أما إذا كانت التوقعات معاكسة، وخسرت
هيلاري كلينتون، على خلفية، ربما، إثارة قضايا سابقة تخص زوجها، أو قضية الرسائل
الشخصية التي أرسلتها عندما كانت وزيرة الخارجية، وقضية مقتل السفير الأمريكي في
بنغازي، فهي الملامة هنا، بعدم إنقاذه، لكونها كانت وزيرة الخارجية حينها، وتباطأت
في إعطاء الأوامر،  القضية التي ستثار بقوة في الحملة الانتخابية، أو ربما إذا
استطاع دونالد ترمب، تغيير الرأي العام للمستقلين، بقضايا قد تثيرهم، كمنطق إعادة
الهيمنة الأمريكية الخارجية، وإثارة قضية الإسلاميين التكفيريين، وعداوتهم لأمريكا،
وغيرها من المسائل الخارجية إلى جانب قضايا داخلية، كطرح مشاريع لإنقاذ أمريكا من
ديونها المتراكمة والتي تبلغ 18 تريليون دولار، وعرض مشاريع، لرفع الدخل القومي
العام، كرأسمالي يدعي بأنه ناجح في هذا المجال، والقائل بأنه لن يغير من السن
التقاعدي، أو التأمين الاجتماعي، بل سيجد الحلول لدعمها. وعلى الأغلب، سيكون الرئيس
الأكثر إثارة في السياسة الخارجية، وفي الشرق الأوسط، ولاشك سيرفع من سقف ميزانية
التصنيع العسكري وتطوريها، وسيعتمد على القوة الذاتية وقوات ناتو  أكثر من القوى
المحلية، وقد صرح  بأن الكرد يمكن الاعتماد عليهم، لكنه وكرأسمالي، يهمه الرأسمال
العالمي، وسيتعامل مع الدول أكثر من الشعوب، أي بما معناه، مع السعودية وتركيا أكثر
من الكرد، وأن دعم الكرد لضرورات الصراع الجاري في المنطقة، ستكون عن طريق الحكومات
المركزية، رغم تهجمه على الدول الإسلامية والإسلام، لكنه يصرح بأنه سيتعامل معهم من
منطق المصالح والأرباح، وأي دعم سيكون مقابله أموال. علما نعلم وبالتجربة، أن حظ
الكرد مع الجمهوريين أفضل من حظهم مع الديمقراطيين، لكن في واقع دونالد ترمب، يتقلص
هذا الحظ مع الكرد، بعكس تيد كروز أو ماركو روبيو، والذي يؤمل لو ينجحوا في
الانتخابات أن يكون كبيرا، إلى حد الأمل بكيان فيدرالية مشابه لفيدرالية الجنوب،
ومستقبل أفضل، إلى درجة حق تقرير المصير.
لهذا، فسأنتخب
هيلاري كلينتون، أو برني ساندرز اليهودي المتهم بالاشتراكية، إذا كان المنافس
دونالد ترمب، وسأنتخب تيد كروز أو ماركو روبيو إذا تمكن أحدهم من إزاحة ترمب من
الساحة.
مع كل هذه الاحتمالات، لا بد من الانتباه، أن معظم الطروحات والنقاشات،
والعروض هي دعاية إعلامية انتخابية أكثر منها بنود ستنفذ أو ستعرض للتطبيق، برامج
سيحتفظون بها وسيطالبهم بها الشعب مستقبلاً، لكن كل خطوة تحتاج إلى مراحل، وتتطلب
مساندة أغلبية الكونغرس من حزبهم، بدونها لن تمر مشاريعهم بسهولة. وقضية الشرق
الأوسط، ومن ضمنها الكردية، ستمر بمسيرة طويلة، وتحولات، على خلفية ما سيتركها لهم
إدارة براك أوباما، من الحلول الترقيعية، ليعطي زخما لمرشح الديمقراطيين، وفي
النهاية القضية الكردية والكردستانية، جزء منها متعلق بمدى قدرة الكرد، وحنكتهم
بالتعامل مع مجريات الأحداث.

د. محمود
عباس

الولايات المتحدة
الأمريكية

mamokurda@gmail.com

10/3/2016

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

خالد بهلوي تحت شعار “وقف العنف والتهجير – العيش المشترك بسلام”، وبمبادرة من مجموعة نشطاء من الشابات والشباب الغيورين، شهدت مدينة إيسين الألمانية يوم 21 ديسمبر 2024 وقفة احتجاجية بارزة للتعبير عن رفض الاحتلال التركي والتهديدات والانتهاكات التي يتعرض لها الشعب الكردي المسالم. الحضور والمشاركة: حضر الفعالية أكثر من مائه شخصً من الأخوات والإخوة الكرد والألمان، إلى…

د. محمود عباس ستكثّف الولايات المتحدة وجودها العسكري في سوريا وستواصل دعمها لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) والإدارة الذاتية. تدرك تركيا هذه المعادلة جيدًا، وتعلم أن أي إدارة أمريكية قادمة، حتى وإن كانت بقيادة دونالد ترامب، لن تتخلى عن الكورد، لذلك، جاء تصريح أردوغان بعد عودته من مصر، ووزير خارجيته من دمشق اليوم كجزء من مناورة سياسية تهدف إلى تضليل الرأي…

شادي حاجي المرء لا يذهب إلى طاولة المفاوضات وهو خالي الوفاض وإنما يذهب وهو متمكن وقادر والمفاوض يكشف أوراقه تدريجياً تبعاً لسير العملية التفاوضية فعند كل منعطف صعب وشاق يقدم المفاوض بطريقة أو بأخرى معلومة ولو صغيرة حول قدراته على إيقاع الأذى بالطرف الآخر من أجل أن يكون مقنعاً فعليه أن يسأل عن مقومات الندية والتي تتركز على مسألة القوة…

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…