اشارات مضيئة لاستمرارية الثورة

صلاح بدرالدين

   ما أن خفت حدة الهجمات
الجوية والصاروخية الروسية على المناطق السكنية المدنية ورمي براميل النظام
الجائرالمتفجرة حتى ظهرت جماهير الثورة من جديد ومن بين الركام في معظم المناطق
والبلدات المحررة من المنظومة الأمنية الحاكمة في تظاهرات سلمية مستعيدة رفع شعارات
الثورة منذ انطلاقتها قبل خمسة أعوام مثل : ” الثورة مستمرة ” و ” واحد واحد واحد
الشعب السوري واحد ” و ” ليسقط نظام الاستبداد ” و ” لتتوحد صفوف الجيش الحر ” و ”
لامساومة مع الدكتاتورية ” و ” من أجل سوريا ديموقراطية تعددية تشاركية موحدة ” أما
في الأماكن التي مازالـت تنقاد من أجهزة النظام وشبيحته والموالين له فقد أظهرت
النخب الثورية والحركات الشبابية وجموع المستقلين نفس المواقف عبر مواقع التواصل
الاجتماعي .
  ان ذلك المشهد الذي مازال يكتمل وقابل للانتشار في طول البلاد وعرضها ساعة بعد
أخرى ماهو الا التعبير الحقيقي عن ارادة غالبية السوريين بمختلف مشاربهم
وانتماءاتهم الثقافية والسياسية الى جانب أنه بمثابة رسائل متعددة الوجهات والى كل
من يعنيهم الأمر في الداخل والخارج لتؤكد على الحقائق التالية : 
 1 – أن
الأهداف والمبادىء التي قامت من أجل تحقيقها الانتفاضة الثورية مازالت في طريق
الانجاز ولم تكتمل فصولها بعد وفي مقدمتها اسقاط نظام الاستبداد وتفكيك سلطته
ومؤسساته القمعية والاستغلالية واجراء التغيير الديموقراطي واعادة بناء سوريا
التعددية التشاركية الجديدة الموحدة ولذلك فان الثورة مستمرة بكافة أشكالها السلمية
والدفاعية حتى انجاز كامل الأهداف التي استشهد في سبيلها مئات الالاف واعتقل وأسر
ونزح وهجر الملايين ودمر أكثر من نصف البلاد وتحول الوطن الى أشلاء .
 2 – أن
النظام المستبد الجائر وبحماية المحور الروسي – الايراني – الميليشياوي المذهبي
لايبحث عن السلام ولايؤمن بالوحدة الوطنية ولايحترم ارادة الشعب ولايتحمل الحوار
والتفاوض بل يناور لاطالة وكسب الوقت للتمكن من الاجهاز على البقية الباقية من
الشعب السوري وخنق تطلعاته وتطبيق مشروعه الفئوي الاستبدادي حتى لو كان على حساب
تجزئة البلاد وتقسيم الشعب على الأسس المذهبية والعنصرية وبتواطىء واضح من عواصم
دول وأطراف خارجية .
 3 – يجب انقاذ سوريا وانتشالها من براثن الصراعات
الاقليمية والدولية بعد أن نجح النظام جزئيا في جر واستحضار الجيوش والميليشيات
والمنظمات الارهابية  من الجوار ومختلف الأصقاع بهدف اغراق الثورة في مستنقع
المواجهات الدينية والطائفية والعنصرية وتشويه صورتها الحقيقية كحركة شعبية أصيلة
وجزء من ثورات الربيع الهادفة الى نيل الحرية والكرامة وذلك بالعودة الى الجذور
وازالة مالحق بصورة الثورة من تزييف وطمأنة جمهورها الواسع واعادة الأمل الى نفوسهم
أينما كانوا في الداخل أو الشتات وذلك يتطلب مراجعة بالعمق لتجارب السنوت الخمس
الماضية من جانب كل المفكرين والمثقفين والنخب السياسية الذين يعز عليهم الشعب
السوري وتضحياته وثورته .
 4 – أن كل مانتج عن مشروع النظام ومخططاته وألاعيبه
خلال الأعوام الخمس الماضية بدعم واسناد محوره الاقليمي – الدولي يعتبر لاغيا وغير
شرعي وضد ارادة السوريين من دويلات وسلطات الأمر الواقع وترتيبات وخطوط حمر وصفر
وسود وماظهرت من قواعد عسكرية ومراكز مراقبة وتحصينات أجنبية وخلايا مخابراتية
ومعسكرات وماتم من تغيير للتركيبة الديموغرافية في بعض المناطق والمدن والبلدات
بالقوة والاكراه .
 5 – لتعلم – المعارضة – وماتفرع عنها من أسماء أنه في
البداية كانت الثورة ثم ظهرت هي فيما بعد على هامش الثورة وليس من صلبها واختيارها
بل بتحكم – الاخوان المسلمين – بمفاصل ( المجلس الوطني السوري ) واستبعاد الوطنيين
الصامدين المخالفين لسطوتهم والذي تفرع عنه كل المسميات ولم تتخلص حتى الآن من سطوة
الاسلام السياسي عليها أن تعلم للمرة الألف أنها سقطت بالامتحان وعجزت عن تمثيل
الشعب وثورته قولا وعملا وان استعادة زمام الأمور واعادة الاعتبار للثورة والثوار
لن تتم الا عبر المؤتمر الوطني السوري الشامل والخروج ببرنامج سياسي مناسب ومجلس
سياسي – عسكري لقيادة المرحلة القادمة .
 6 – على صعيد الحالة الكردية السورية
نقول أن المشروع الوطني الكردي المستند الى حقيقة وجود شعب كردي وحقه في تقرير
مصيره باطار سوريا الحرة التعددية التشاركية الواحدة وبالتوافق والتراضي مع الشريك
العربي السوري مازال يحتفظ بحيويته وجدارته وهو جزء من الحركة الديموقراطية السورية
والثورة والتغيير ومن الضروري تجسير الهوة واعادة اللحمة وازالة آثار ممارسات
الساعين الى عزل الكرد عن الثورة وربط القضية الكردية بالمراكز الخارجية واثارة
النعرات العنصرية في الوسطين العربي والكردي .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…

شكري بكر هذا الموضوع مطروح للمناقشة قد يؤدي بنا للوصول إلى إقامة نظام يختلف عما سبقونا من سلاطين وحكام وممالك وما نحن عليه الآن حيث التشتت والإنقسام وتبعثر الجهود الفكرية والسياسية والإقتصادية والعمل نحو إقامة مجتمع خال من كل أشكال الصراع وإلغاء العسكرة أرضا وفضاءا التي تهدر 80% من الإقتصاد العالمي ، إن تغلبنا على هذا التسلح يمكن…

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…