بين المثقف والسياسي أيضا.!

دهام حسن

إن الحركة السياسية
الكوردية في تشتتها الراهن غير جديرة بأعباء الرسالة القومية، وتبنيها للشعارات
السياسية النضالية، فغالبية قادة هذه الأحزاب جاءت بهم ظروف غير طبيعية، إثر توالد
غير شرعي لتوائم منغولية، إن الواقع السياسي الكوردي في سوريا لا يتحمل هذا الكم
الهائل من الأحزاب، لا يستطيع احد أن يعدد لنا أسماءها، ولا يتكهن بعددها (عشرون،
ثلاثون، اربعون إلخ.) في مدينة واحدة كمدينة القامشلي وحدها، وأجزم أن هذا التشتت
والتشرذم، من أحد اسبابه هو المال السياسي، فضلا عن أسباب أخرى لا داعي لذكرها
يعرفها المتابع دون شك، من جانب آخر فالحزب أي حزب كان يتحسس من النخب الثقافية
فيتجاهلهم، فلا يسعى للاستفادة من خبراتهم، ويستنير بفكرهم، فسمة هذه الأحزاب أكاد
أقول قاطبة التخلف والعزلة.. 
بالمقابل فعلى المثقف ألا يتعالى على المناضل السياسي، بل ينبغي عليه أن يضع خبرته
في خدمة رجل السياسة، أي في خدمة مجتمعه، ويعد عمله هذا تكليفا لا تشريفا، بالمقابل
على المثقف ان يعي أن الثقافة الامتثالية، والسمة الخضوعية لأي كان تحول دون تقدم
المجتمع وتحرره سياسيا، وأيضا.. فالمثقف المتباهي بثقافته، والمتعالي على أبناء
مجتمعه، لا يعود لمكانته قدر أو قيمة، والثقافة الخضوعية تغدو دونية عندما يتحكم
بها أناس غير جديرين بحمل رسالتها، أيضا علينا أن نعي ان المثقف لا يمكن له ان يبدع
دون إيحاء من واقعه الاجتماعي، فالواقع هو الحافز والإيحاء للإبداع والنتاج الجيد،
إن المرء الواعي لتحلفه يغدو هذا الوعي حافزا له في سبيل التقدم، كما يوحي التحلى
بالمسؤولية، واستشرف الآفاق لدى أي معالجة، فلا يتقاعس عن ممارسة سلطته المعرفية
…. أخيرا اقول.. لا بد من علاقة وتلاقٍ بين الثقافة والسياسة، بين المثقف
والسياسي، فينفتح المفكر على السياسي، كما ينفتح رجل السياسة على منتجات الفكر مما
يدفعهما على تجاوز حالة الجفاء والتباعد، فعلى كليهما السياسي والمثقف، أن يتحليا
بالمسؤولية، ولا يتخليان عن واجبهما الاجتماعي..!

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…