حول بيان بارزاني بشأن الاستفتاء

صلاح بدرالدين

  ثلاثة أمور جوهرية تضمنها بيان السيد
مسعود بارزاني رئيس اقليم كردستان العراق قبل يومين لتجيب عن كل التساؤلات وتوضح
بشفافية مايرمي اليه سابقا ولاحقا بخصوص هذه المسألة المصيرية لشعب كردستان وتضع
حدا لسلسلة ردود الفعل المتواصلة حول دعواته المتكررة الى استفتاء الشعب بشأن حقه
في تقرير مصيره كحق طبيعي مشروع والذي أثار موجة من ردود الفعل تباينت داخليا في
البيت الكردستاني الشعبي والسياسي والحزبي بين تأييد شامل من حيث المبدأ واعتراض
جزئي من حيث التوقيت ورفض وصمت على الصعيد الاقليمي كان الأبرز الموقف الايراني
الرسمي من ( علي أكبر ولايتي ) الذي أدان وهدد وشبه الكيان الكردي المفترض بدولة
اسرائيل على الطريقة البعثية الشوفينية المعروفة .
  الأمر الأول – الذي جاء في بيان رئيس الاقليم أن شعب كردستان هو المنوط أولا
وآخرا باختيار طريقه وبناء مستقبله السياسي والقومي على أرضه وهو المعني بمسألة
تقرير مصيره ولن يتطوع الآخرون في منحه الحرية على المبدأ الذي سارت عليه حركات
التحرر الوطني منذ نهاية القرن التاسع عشر ( الاستقلال يؤخذ ولايعطى  ) لذلك فان
شعب كردستان هو مصدر الشرعية القومية ويجب العودة اليه من خلال تنظيم برامج
استفتائه في القضايا المصيرية خاصة عندما تتنافس وتتجاذب الأحزاب والجماعات
السياسية ذات المصالح الضيقة والمطعونة بصدقيتها وديموقراطيتها أولوية الأحقية في
تمثيله من دون التعبير الحقيقي عن طموحاته وأهدافه القريبة والبعيدة .
  الأمر
الثاني – أن قرار تقسيم كردستان التاريخية وعلى مرحلتين في القرن السادس عشر (23
أغسطس 1514 )بين الامبراطوريتين العثمانية السنية والصفوية الشيعية وفي القرن
العشرين بين الدول الأوروبية الحليفة المنتصرة في الحرب العالمية الأولى وتحديدا
باتفاقية سايكس – بيكو البريطانية الفرنسية ( أيار 1916 ) قبل مائة عام بالتفاهم مع
قيصر روسيا كان اجحافا بحق الكرد وفرض عليهم وعلى سائر شعوب المنطقة بالرغم عنهم
ومن دون ارادتهم ومازالت تلك الأطراف الدولية الاستعمارية التي تتحمل المسؤلية
الأخلاقية لم تعترف بخطيئتها ولم تعتذر للكرد والشعوب الأخرى وهي بالتالي ورغم
جبروتها لن تستطيع الوقوف أمام ارادة الشعوب وبينها الكرد في نشدان الحرية
والاستقلال .
  فهناك العديد من الشعوب الجارة والمجاورة لبلاد الكرد من ضحايا
تلك الاتفاقيات والصفقات الاستعمارية نالت حقوقها واستعادت حريتها وبنت دولها
القومية وهناك شعوب أخرى في أرجاء المعمورة لم تنتزع حقوقها في تقرير المصير ولكنها
عبرت عن ارادتها المشروعة عبر الاستفتاءات بالحرية والاستقلال من دون الانفصال عن
الدول القائمة العضوة في هيئة الأمم مثل شعوب الباسك وكاتالونيا وكيوبك لذلك من حق
شعب كردستان العراق التعبير عن ارادته بكل حرية حول مستقبله ومصيره ومن واجب
تعبيراته السياسية والمدنية والشعبية وممثليه في السلطتين الاشتراعية والتنفيذية
التقيد بارادته وتحمل المسؤلية في تحديد الوقت المناسب .
  الأمر الثالث – هو أن
احترام الشعب والوفاء لتضحياته الجسام يقضيان بضرورة العودة اليه ومعرفة رأيه حول
الحاضر والمستقبل والتقيد بطموحاته المشروعة وتحقيق ارادته بعد تنظيم عملية
الاستفتاء الحر ولاشك أن الشعب الكردستاني الذي كافح من أجل الحرية لأكثر من قرن
وقدم الغالي والنفيس في سبيل الخلاص سيتمسك بحق تقرير المصير كمبدأ انساني سياسي
أخلاقي وستتولى القيادة السياسية الشرعية ومؤسسات الاقليم المنتخبة في تحديد ماهية
وجوهر ومضمون هذا الحق الذي ليس بالضرورة أن يكون الانفصال عن الدولة العراقية
وكذلك في تنفيذ تلك الارادة في الزمان والمكان المناسبين وبذلك فان التحضير
والمشاركة بالاستفتاء من أهم الواجبات القومية والوطنية في المرحلة الراهنة .
   لقد جاء بيان رئيس الاقليم الهام التوضيحي في وقته المناسب منسجما مع الظروف
الداخلية والعراقية ومتجاوبا من متطلبات الوضعين الاقليمي والدولي قاطعا الطريق على
الباحثين عن المتاعب والمخططين لتصفية انجازات شعب كردستان باستغلال الظروف الراهنة
في المواجهة مع داعش والأزمة المالية والعاملين على اثارة الفتن بالداخل الكردستاني
وتهديد وحدة الاقليم وتعميق الخلافات بين الاقليم وبغداد ومع هذا وذاك قطع الطريق
على المزاودين – القومجيين الكرد – من أنصار المواجهة مع الشركاء العرب والانعزال
عن المحيط العربي الذي نقاسمه التاريخ والجغرافيا وحاملي الاوهام والنوازع المغامرة
المبشرين بكونفدرالية كردستانية – اسرائلية مسخة التي وحسب زعمهم ستنال أكثر من 60
اعتراف دولي ؟؟!! .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…

خليل مصطفى مِنْ أقوال الشيخ الدكتور أحمد عبده عوض (أُستاذ جامعي وداعية إسلامي): ( الطَّلَبُ يحتاجُ إلى طَالِب ، والطَّالِبُ يحتاجُ إلى إرادة قادرة على تحقيق حاجات كثيرة ). مقدمة: 1 ــ لا يختلف عاقلان على أن شعوب الأُمَّة السُّورية قد لاقت من حكام دولتهم (طيلة 70 عاماً الماضية) من مرارات الظلم والجور والتَّعسف والحرمان، ما لم تتلقاه شعوب أية…

أحمد خليف الشباب السوري اليوم يحمل على عاتقه مسؤولية بناء المستقبل، بعد أن أصبح الوطن على أعتاب مرحلة جديدة من التغيير والإصلاح. جيل الثورة، الذي واجه تحديات الحرب وتحمل أعباءها، ليس مجرد شاهد على الأحداث، بل هو شريك أساسي في صنع هذا المستقبل، سواء في السياسة أو في الاقتصاد. الحكومة الجديدة، التي تسعى جاهدة لفتح أبواب التغيير وإعادة بناء الوطن…