مفاوضات جنيف فشلت قبل أن تبدأ

توفيق عبد المجيد 

 
من خلال استعراض التصريحات
الاستفزازية ، ومحاولة التدخل السافر في تشكيلة وفد المعارضة السورية إلى جنيف ،
كإضافة أعضاء إليه أو إبعاد أعضاء آخرين ، ووضع الملف الإنساني جانباً ، وعدم
تطبيقه ، أو مناقشته ، وهو من ضمن البنود التي أوردها مجلس الأمن في قراره المرقم
/2254/ وخاصة البندين /12-13/ والذي صدر بالإجماع ، ولم يعترض عليه حتى الروس الذين
استخدموا حق النقض / الفيتو / لأكثر من مرة في وجه أي قرار يصب في مصلحة الشعب
السوري ومعارضته السياسية ، من خلال هذه الاستعراضة السريعة نرى بوضوح أن وفد
المعارضة السورية الذي يسميه الروس والنظام (وفد الرياض) كان جامعاً وشاملاً لكل
مكونات المعارضة عسكرية كانت أو سياسبة ، وكانت الشق الإنساني في قرار مجلس الأمن
يتصدر أولويات أهدافه ، وهو اختبار لحسن نوايا النظام والروس إذا تنفّذ .
لكن ما جرى وخلال التهيؤ للمفاوضات والاستعداد لها يثبت وبشكل لا لبس فيه أن
التصعيد الروسي الأخير أثبت بشكل قاطع أن (نظام الأسد يسعى لحل عسكري وليس سياسي)
وأن الروس بقوتهم وعنجهيتهم (يستهدفون المعارضة السورية المسلحة في حلب ، كما
يستهدفون المدنيين ، ولا يستهدفون داعش ، وكيف يستهدفون داعش وهي صنيعة النظام
؟
النظام يتقدم في مناطق المعارضة ، والخارجية الأمر يكية تحمّل موسكو هذه
المسؤولية (وتحثها على قصف داعش) وتتهمها بدعم هجمات الأسد جواً ، واستهداف
المعارضة ، وليس داعش في حلب ، وفي الوقت ذاته تحمّل الخارجية الفرنسية النظام
وحلفاءه مسؤولية وقف محادثات جنيف ، ولم يغب الصوت الأممي عن التعليق على ما جرى في
جنيف ويجري على الأرض السورية عندما قال بصريح العبارة (التصعيد الروسي يهدف إلى
إذلال المعارضة في جنيف وعلى الأرض ، وهو السبب الرئيسي لتعليق المفاوضات) ولذلك
اضطر ديمستورا لتعليق أو وقف المفاوضات .
لقد كانت المعارضة واضحة في أهدافها
منذ الذهاب إلى جنيف ، وهي اليوم أكثر وضوحاً عند تعليق المفاوضات أو محاولة
استئنافها من جديد ، فها هو مسؤول الهيئة العليا للمفاوضات السيد رياض حجاب يقول
(لن نعود إلى جنيف إلا إذا نفّذ الشق الإنساني من قرار مجلس الأمن)
فهل غاب الحل
وضاع في أروقة الأمم المتحدة وجنيف ؟ ومن المسؤول عن استمرار نزيف الدم السوري مجلس
الأمن بمجمله أم الروس ؟ وإذا كان نظام الأسد مستقوياً بالروس يسعى لحل عسكري ،
والفصائل المقاتلة في المعارضة تفتقر إلى السلاح الذي يردع النظام والروس ، فهل
تبادر الدول الصديقة للشعب السوري بإمداد المعارضة المسلحة بأسلحة نوعية تكون كفيلة
بتغيير المعادلة على الأرض لصالح المعارضة ؟ هذا ما سيكشفه قادم الأيام
؟
4/2/2016

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…