جنيف3.. والفرصة الحاسمة

عبد الحميد درويش

سكرتير الحزب
الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا

بعد جهد جهيد
انعقد مؤتمر جنيف3، الذي أخذ وقتاً طويلاً حتى تم انعقاده، ولكن لازالت هناك عقبات
كثيرة وتناقضات شديدة بين الأطراف المعنية (النظام والمعارضة)، حول جدول أعمال
المؤتمر ومضمونه، إلاّ أن الضغط الدولي وخاصة من جانب الدول الكبرى (روسيا، أمريكا،
فرنسا..)، كان وراء بدء الاجتماعات في جنيف.
ينعقد هذا المؤتمر وأنظار العالم
أجمع تتجه نحوه عسى أن يحقق هذا المؤتمر شيئاً للشعب السوري ويأتي بنهاية لهذه
الكارثة التي يعاني من آثارها أبناء الشعب السوري منذ أكثر من أربعة أعوام من
القتال الضاري الذي راح ضحيته مئات الألوف من أبناء سوريا من الطرفين عدا التدمير
الذي أصاب مئات الألوف من المنازل والمساكن.
صحيح أن الكثير من بلدان العالم شهد مثل هذه الحرب الأهلية ، إلاّ أنه قلما شهد بلد
في العالم مثلما شهدته سوريا من الحقد الأعمى البعيد عن القيم الوطنية والإنسانية،
إن الشعب السوري بمختلف مكوناته القومية والدينية، الذي يكتوي بنار هذه الحرب
القذرة يأمل أن تكون جنيف3 نهاية لهذه الحرب التي عدا عن أنها خلقت كارثة بشرية في
سوريا من حيث عدد الضحايا وحجم التدمير والتهجير، كذلك أفرزت ظاهرة غريبة وخطيرة في
المجتمع السوري، وهي تشكل العشرات من المنظمات الإرهابية المتطرفة التي تستهتر
بالقيم البشرية وتعتمد التفرقة الدينية والطائفية والقومية في ممارساتها السياسية،
هذه المنظمات هي حقاً غريبة ودخيلة على المجتمع السوري، استغلت الظروف المأساوية
التي تمر بها سوريا جراء هذه الحرب الأهلية، واستطاعت أن تحقق مكاسب عسكرية على
الأرض وتحتل مدناً ومناطق واسعة من البلاد، وأكثر من هذا وذاك فإن الحرب القائمة في
سوريا لم تعد سورية فقط نظراً لتدخل أطراف أقليمية ودولية فيها، وهذا يشكل خطراً
جسيماً يهدد السلم والاستقرار في المنطقة والعالم وتتخطى حدود سوريا، فقد تتوسع
لتشمل دولاً إقليمية أخرى أو تتحول إلى حرب أوسع تهدد السلم العالمي، ولهذا يتوجب
على المتحاورين في جنيف من (المعارضة والنظام)، بذل كل الجهود لانجاح هذه الفرصة
السانحة بعيداً عن رغبات تجار الحرب وأمرائها، وكذلك فان محبي الحرية والسلام في
العالم وخاصة الدول الكبرى مدعوة لممارسة الضغط على الأطراف المعنية لوضع نهاية
لهذه الحرب التي أكتوى السوريون بنارها وكذلك لتجنيب البشرية من ويلاتها إذا اتسعت
دائرتها.
السليمانية 1/2/2016

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

أزاد خليل* على مدى عقود من حكم آل الأسد، عاشت سوريا غيابًا تامًا لعقد اجتماعي حقيقي يعبر عن إرادة شعبها، ويؤسس لنظام حكم ينسجم مع تنوعها الثقافي والعرقي والديني. كان النظام قائمًا على قبضة أمنية محكمة وممارسات استبدادية استباحت مؤسسات الدولة لخدمة مصالح ضيقة. واليوم، مع نهاية هذه المرحلة السوداء من تاريخ سوريا، تبرز الحاجة إلى التفكير في نظام…

د. محمود عباس أحيي الإخوة الكورد الذين يواجهون الأصوات العروبية والتركية عبر القنوات العربية المتعددة وفي الجلسات الحوارية، سواءً على صفحات التواصل الاجتماعي أو في الصالات الثقافية، ويُسكتون الأصوات التي تنكر الحقوق القومية للكورد من جهة، أو تلك التي تدّعي زورًا المطالبة بالمساواة والوطنية من جهة أخرى، متخفية خلف قناع النفاق. وأثمن قدرتهم على هدم ادعاءات المتلاعبين بالمفاهيم، التي تهدف…

إبراهيم اليوسف منذ بدايات تأسيس سوريا، غدا الكرد والعرب شركاء في الوطن، الدين، والثقافة، رغم أن الكرد من الشعوب العريقة التي يدين أبناؤها بديانات متعددة، آخرها الإسلام، وذلك بعد أن ابتلعت الخريطة الجديدة جزءاً من كردستان، بموجب مخطط سايكس بيكو، وأسسوا معًا نسيجًا اجتماعيًا غنيًا بالتنوع، كامتداد . في سوريا، لعب الكرد دورًا محوريًا في بناء الدولة الحديثة،…

فرحان كلش طبيعياً في الأزمات الكبرى تشهد المجتمعات اختلالات عميقة في بناها السياسية والفكرية، ونحن الآن في الوضع السوري نعيش جملة أزمات متداخلة، منها غياب هوية الدولة السورية وانقسام المجتمع إلى كتل بطوابع متباينة، هذا اللاوضوح في المشهد يرافقه فقدان النخبة المثقفة الوضوح في خطوط تفكيرها، وكذا السياسي يشهد اضطراباً في خياراته لمواجهة غموضية الواقع وتداخل الأحداث وتسارعها غير المدرك…