بمناسبة الذكرى السبعون لقيام جمهورية كردستان 22 كانون الثاني 1946

اكرم حسين 
دشن الكرد في العصر الحديث تجربتين للحكم المستقل أو شبه المستقل أولاهما تجربة جمهورية كردستان التي تسمى خطأ بجمهورية “مهاباد” في كردستان إيران والثانية تجربة كردستان-العراق الممتدة منذ عام 1992 وحتى الان ولكل من التجربتين دروس وعبر ومعان خاصة ،سنخصص الحديث عن جمهورية كردستان بمناسبة مرور سبعين عاما على تأسيسها وهي حققت الكثير رغم عدم بقائها لأكثر من 11 شهر وبالتحديد 330 يوما
 
مقدمة
 كردستان ايران تطلق على اربع محافظات في الجزء الكردستاني الملحق بالدولة الايرانية والواقعة في غربها وهي : اذربيجان الغربية –كردستان-كرماشان-عيلام ، لكن الحكومة الايرانية تطلق اسم كردستان على محافظة كردستان التي مركزها مدينة سنه او سنندج
تبلغ مساحة كردستان ايران  125000 كم2 وتشكل 8% من مساحة ايران وسكانها يزيدون عن 8 مليون نسمة يشكلون 17% من مجموع السكان يعيش نصفهم تقريبا في المدن .
تعتبر معركة جالديران بين السلطان العثماني سليم والشاه الصفوي اسماعيل نقطة تحول مهمة في تاريخ الامة الكردية ككل وبداية لتقسيم كردستان  ، فقد وقف الكرد الى جانب السلطان سليم “السني” وكان نتيجته انهزام الشاه الصفوي “الشيعي” وبعد انتهاء المعركة حاولت الدولتان بناء سلطة مركزية الا ان مقاومة الكرد البطولية وانتفاضتهم عام 1621 من قبل الخان ذو الكف الذهب البرادوستي في قلعة دمدم التي اصبحت اسطورة من البطولة والفداء حالت دون ذلك ،وتم قمعها لاحقا من قبل عباس الصفوي فتم التنكيل بالكرد وابادتهم في منطقة شرق اورمية ، وفي عام 1639 قسمت كردستان رسميا بين الدوليتين حيث عقد الشاه عباس معاهدة مع مراد العثماني تم بموجبها رسم خط حدود يمر في وسط كردستان الشمالية ويقطعها، ورغم ذلك ظل الكرد  يقاومون سلطة العاصمة وحافظوا على استقلالهم الذاتي حتى النصف الاول من القرن التاسع عشر وكانت اخر دويلة لهم في كردستان ايران لاسرة اردلان عام 1865وعاصمتها سنندج واستمرت الانتفاضات فكانت واحدة بقيادة الشيخ عبيد الله النهري استطاعت تحرير المناطق الممتدة بين بحيرتي اورمية ووان ، بهدف تكوين دويلة مستقلة ، لكنها قمعت هي الاخرى بقوة من قبل الاتراك والايرانيين واصبحت كردستان في فترة الحرب العالمية الاولى مسرحا للحرب والقتال بين الجيوش المشاركة وخاصة العثماني والروسي وتعرضت للنهب والسلب ، وبعد سقوط العثمانيين في الحرب واعتراف معاهددة سيفر عام 1920 بحقوق الكرد وقبول الحكم الذاتي وقيام انتفاضة واسعة  بقيادة الشيخ محمود الحفيد في العراق ، سيطر سمكو ( اسماعيل اغا الشكاكي) في اعوام 1920-1922 على جميع مناطق شمال كردستان ايران واعلن استقلالها  والتقى  في السليمانية بالشيخ محمود الحفيد عام 1923 لتنظيم الحركة الكردية وتوحيد اهدافها في البلدين ، الا انه في عام 1930 دعي سمكو للتفاوض وتم قتله بكمين نصبته القوات الايرانية في ” اشنوية “
ظروف تكون الجمهورية 
في عام 1921 حدث انقلاب عسكري بمساعدة بريطانيا كان نتيجته مجيء رضا شاه للحكم وفي 1925 عرف عن نفسه كشاه ومؤسس للعائلة البهلوية ، وتمكن من تكوين سلطة قوية والقضاء على الانتفاضات الكردية ومقاومة الشعوب الاخرى واصبحت الشوفينية والجور القومي والصهر وتشويه التاريخ وعدم وجود اية قومية في ايران غير الفارسية ..الخ سياسة رسمية للدولة وكان نتيجتها قيام هبات وانتفاضات عشائرية دون ان يكون لها أي مطالب سياسية مثل انتفاضة محمود خان في عام 1926 وانتفاضة عشيرة منكور في اطراف مهاباد عام 1928 وانتفاضة عشائر جلالي عام 1931 وغيرها لكنها قمعت جميعا ولم يكتب لها النجاح
انحاز رضا شاه الى الالمان بعد اندلاع الحرب العالمية الثانية وصارت ايران ميدانا لتحركاتهم ولدى هجوم السوفيت من قبل الالمان عام 1941 قرر الحلفاء( امريكا وانكلترا والاتحاد السوفييتي) مهاجمة ايران لإبعاد نفوذ الالمان عنها وامكانية ارسال المساعدات العسكرية عبرها الى الجيش السوفييتي ، لذلك تقرر ان يقوم الجيش الاحمر من الشمال و الجيش الامريكي والانكليزي من الجنوب باحتلال ايران ، ويعود بنا هذا التقسيم إلى الإتفاقية الروسية ــ البريطانية  التي نصت على وضع النصف الشمالي من إيران تحت سيطرة روسيا والنصف الجنوبي تحت سيطرة بريطانيا في حين ترك وسط البلاد تحت حكم الشاه ، وأمام تدخل قوات الحلفاء تنازل الشاه  عن العرش مجبرا لصالح ابنه  محمد رضا عام 1941 الذي شكل حكومة موالية للحلفاء ووقع اتفاقية مع الاتحاد السوفييتي وبريطانيا وايران وحضور ستالين وروزفلت وتشرشل في مؤتمر طهران في تشرين الأول  من عام  1943  نصت على التزام الدول الثلاث بإجلاء قواتهم من الأراضي الإيرانية بعد ستة أشهر من انتهاء الحرب ، و ان  وجود الجيوش الحليفة في البلاد لايشكل إحتلالا عسكريا ،  وطبقا لبنودها فقد انسحبت القوات الأمريكية في كانون الأول من عام 1945 والبريطانية في شباط 1946 بصورة شكلية مع بقاء قواعدهما في إيران ،لكن القوات  السوفيتية لم تنسحب من شمال إيران بعد ان أدركت اللعبة ، وقامت  بالمساعدة على تأسيس جمهوريتين في منطقة نفوذها العسكري داخل إيران، كانت أولاهما جمهورية أذربيجان بينما كانت الثانية جمهورية كردستان  في المنطقة الكردية من إيران ، لكن الحكومة الإيرانية قدمت مذكرة احتجاج إلى مجلس الأمن في آذار 1946  بتحريك وضغط من كل من الولايات المتحدة وبريطانيا طالبت فيها بانسحاب الجيش السوفيتي
 
يمكن تلخيص ظروف تكوين جمهورية كردستان:
1- قيام اغلب الشعب بحمل السلاح بعد سقوط الشاه في 25 اب 1941 والقيام بأعمال القتل ونهب الفلاحين  في القرى المحيطة بمدينة اورمية مع  بعض المطالب القومية كحمل السلاح في اورمية وما يحيط بها والدراسة والتعلم باللغة الكردية
2- قيام الحكومة الشعبية الاذربيجانية في تبريز في 12 كانون الاول وطرد الحكومة المركزية منها
3-الاوضاع العالمية وتعاظم قوة الاتحاد السوفييتي وانتصار الحلفاء على النازية الالمانية والفاشية الايطالية والاستعمار الياباني ،وانتشار الافكار الديمقراطية وحقوق الامم والافراد
4-الدعم السوفييتي لحركة الشعب الكردي في عامي 1945-1946 وخاصة بعد سقوط نظام شاه في 25 اب عام 1941 ودخول الجيش الاحمر الى ايران واستقراره في القسم الشمالي من كردستان حيث باتوا مباشرة في مواجهة القضية الكردية فتم دعوة 30شخصا لزيارة باكو تم نقلهم الى تبريز ومن هناك ركبوا القطار يرافقهم الجنرال ( سليم اتاكشيوف) وطلب من القاضي  رئاسة الوفد وفي باكو قضوا عدة ايام في زيارة المصانع والمزارع الحكومية وحضروا المسارح والسينمات وبعدها اخذوا الى جعفر باقروف سكرتير الحزب الشيوعي الاذربيجاني ،الذي كان يمثل في الوقت نفسه الدولة السوفيتية ، تحدث عن الصداقة السوفيتية والاخوة الاذربيجانية الكردية ،وابلغهم استعداد السوفييت بمناصرة حركة الشعب الكردي وتكوين سلطة قومية في كردستان الا ان ذلك يحتاج الى صبر وتمهل
وبعد تأسيس الحزب الديمقراطي الكردستاني في ايلول 1945 تم زيارة باكو ثانية وطلبوا من الحكومة السوفيتية مساندة حكومة كردستان التي كانوا يعملون لا نشائها وطلبوا الدعم المادي والاسلحة وحاجتهم الى  مطبعة واستقبال عدد من الطلاب الكرد لا عدادهم للعمل في الجمهورية فوعد باقروف بإعطاء السلاح والعتاد  وحتى الدبابات لحكومة كردستان لكنه لم يف الا ببعضها فمثلا ارسل للقاضي 10 الاف قطعة برنو وطلب ارسال 60 طالب كردي للدراسة في المدرسة الحربية السوفيتية بالإضافة الى اعطائهم مطبعة ساعدتهم في طباعة جريدة كردستان ووثائق الجمهورية وهكذا تهيأت الظروف الداخلية والخارجية لا علان جمهورية كردستان
وفي الثاني والعشرين من كانون الثاني عام 1946، وفي احتفال كبير وأمام حشد من الكرد والعديد من رؤساء العشائر ورجال الدين،  أعلن القاضي محمد في ساحة (جار جرا- المشاعل الأربعة-) في مهاباد عن تأسيس جمهورية كردستان
  رفع العلم الكردي رسميا لأول مرة، وانتخب ممثلو جميع الطوائف والعشائر القاضي محمد رئيسا لجمهورية كردستان
ألقى القاضي محمد خطاباً جماهيرياً في وسط مهاباد وهو يرتدي بدلة من طراز روسي ويعتمر عمامة تشير الى مقامه الديني ،استعرض فيه تاريخ الشعب الكردي مؤكداً حقه بتقرير مصيره.. ودعا في نهاية خطاباه إلى توحيد صفوف الكرد واستغلال هذه الفرصة التاريخية لتحقيق الدولة الكردية والتطلع نحو الاستقلال والحرية ،كما أكد القاضي محمد بأن جمهوريته لا تستهدف الانفصال ، لكن لوضع حد لسياسة طهران تجاه الشعب الكردي وضمان الحكم الذاتي للشعب الكردي، شملت مساحة الجمهورية 30% من المساحة الإجمالية لكردستان الشرقية. وقد جاء إعلان تأسيس الجمهورية بعد بضعة أيام من قيام الحكومة الإيرانية بتقديم شكوى إلى هيئة الأمم ضد الاتحاد السوفييتي متهمة إياه بالتدخل في شؤونها الداخلية وعدم تنفيذ بنود معاهدة 1943
حصلت إيران على دعم بريطاني أميركي في مواجهتها السياسية مع موسكو، لكن انفراجا مفاجئا حصل في المواجهة, حيث أعلن الاتحاد السوفييتي استعداده للانسحاب من الأراضي الإيرانية خلال ستة أسابيع بعد حصوله على امتيازات نفطية في إيران و عقد اتفاقية معها في آذار 1946 والتي نصت على مغادرة القوات السوفيتية الأراضي الإيرانية مقابل تأسيس شركة نفطية مختلطة إيرانية – سوفيتية أمدها خمسون عاما تقوم الأخيرة باستخراج النفط من شمال إيران على ان تكون حصة الاتحاد السوفييتي في الخمسة والعشرين الأولى 51% وحصة إيران 49 % على ان تتساوى في النصف الثاني ويتم بعدها شراء إيران حصة الاتحاد السوفييتي على ان تتم موافقة البرلمان والذي سينتخب خلال ستة أشهر من موعد انسحاب الجيش السوفييتي ، لكن لم تحصل الموافقة ، وهكذا خسرت الحكومة السوفيتية اللعبة السياسية قبل الاقتصادية وخرجت صفر اليدين علما ان هذا السبب كان من أحد الأسباب التي ادت الى انسحابها من إيران ، فضلاً عن الظروف الاقتصادية الصعبة التي كان يعيشها الاتحاد السوفييتي والنفقات الباهظة التي كانت تتحملها قواتها في ايران ، فوجدت من الأفضل الانسحاب اعتقادا منها أنهم حققت بعض المكاسب السياسية والاقتصادية ، وهي الامتيازات التي لم تجد طريقها للتنفيذ بعد ذلك بسبب رفض المجلس النيابي الإيراني لها.
أصبحت إيران بعد الانسحاب السوفييتي جزءا من منطقة النفوذ البريطاني والأميركي، وكانت تصفية جمهوريتي مهاباد وأذربيجان جزءا من أولى نتائج هذه المتغيرات، إذ إنه بعدما تأكد “قوام السلطنة” من حقيقة الموقف الأنجلو أميركي الداعم لإيران, وبعد انسحاب القوات السوفييتية طلب من القوات الإيرانية في ديسمبر/كانون الأول عام 1946 باقتحام جمهورية أذربيجان ، ثم بعد ذلك بأيام باقتحام جمهورية كردستان ، اقترح القاضي في الخامس من كانون الاول تأسيس مجلس حرب مكون من 5 اشخاص وعقد لأجل ذلك اجتماع في مسجد ” عباس اغا” الا ان الاجتماع لم يفضي الى اية نتيجة بعد ان ارتفعت  عدة اصوات قائلة بان الوقت قد فات وان مصير الجمهورية يتوقف على التطورات في اذربيجان وعلى موقف الدول الكبرى ، عرف القاضي بتجربته بالنية السيئة للنظام الايراني وبعدم امكانية القدرة على مواجهته وكان همه الوحيد انقاذ سكان مهاباد وكردستان من القتل والابادة فقرر عدم المقاومة وفي 14 كانون الاول زاره العديد من قادة الحزب لاتخاذ قرارهم النهائي وتوضيح مواقفهم واختيار البلد الذي سيلتجئون اليه (العراق ام الاتحاد السوفييتي ) ابلغهم القاضي بانه لن يغادر وسيبقى مع سكان مهاباد لكنه استحسن عدم استسلامهم ، وعندما التقاه الملا مصطفى للمرة الاخيرة في 16 كانون الاول طلب منه الذهاب مع البارزانيين واستعداده للعمل تحت امرته كقائد ، وكان جواب القاضي محمد ” انا اعرف ان حياتي تقع في خطر ، ولكن لا باس ، فانا لن اترك الشعب ” واعطاه القاضي علم كردستان طالبا منه الحفاظ عليه ورفعه ، وهكذا تم القضاء على الجمهورية دون اية مقاومة ، وقبل اعدام القاضي تم اعدام 11 شخص من رؤساء العشائر ممن اسهموا في نشاط الجمهورية وحكم على بعضهم بالسجن المؤبد وعلى اخرين من 2-15 سنة ،لتقوم الحكومة الايرانية بعد ذلك وتحديدا في30  مارس/آذار 1947 بإعدام قاضي محمد وأخيه صدر قاضي و ابن عمه سيف قاضي وفيما بعد اعدام عدد من معاونيه من قادة الجمهورية و البشمركة ومناضلي الحركة الكردية.
لم يكن شعار جمهورية مهاباد الانفصال بل الحصول على حق الحكم الذاتي رسميا داخل إيران. وشهدت التجربة التي استمرت نحو عشرة أشهر تشكيلات وزارية بزعامة قاضي محمد وقوات عسكرية محلية بزعامة مصطفى البارزاني ،وتمثل جمهورية كردستان نقطة التحول في المطالب القومية الكردية من حيث الإعلان عن شكل من أشكال التنظيم الإداري والسياسي، وإليها يعود الفضل في إنشاء أول مسرح كردي واستعمال اللغة الكردية في التعليم وجعلها اللغة الرسمية في الجمهورية وإنشاء جيش كردي وإذاعة كردية وتكوين نقابات مهنية وفي إغناء الصحافة الكردية والإصلاحات الزراعية والإدارية وفي إعطاء دور للمرأة وتطوير الفن الكردي وتحريك القضية الكردية دوليا …. إلخ.
 اسباب سقوط جمهورية كردستان:
يمكن تقسيمها الى اسباب ذاتية وموضوعية
الاسباب الذاتية :
1- عدم توفر الظروف من اقتصادية واجتماعية وثقافية و تبلور قوى سياسية منظمة قادرة على تنظيم طاقات الشعب ، وضعف الخبرة والكفاءة في ادارة وتسيير مؤسسات الدولة
 2- ضعف الحزب الديمقراطي الكردستاني  وعدم وجود قادة اكفاء لان تجربة الحزب لم يكن قد مضى عليها سوى ثلاثة سنوات وبالتالي لم يكن القادة على مستوى المسؤولية الملقاة على عاتقهم
3-سيطرة رؤساء العشائر والاقطاع على مفاصل الحزب والدولة
4-الفوضى وانعدام الضبط والنظام ودمج الحزب بالدولة ( اللجنة المركزية كانت تقوم باعمال الحزب مباشرة وكان مسؤولوا الدولة يسيرون اعمال الحزب وكان في بعض الاحيان اناس ليست لديهم اية مسؤولية حزبية او حكومية يتدخلون في اعمال الحزب والجمهورية )
5-عدم ضم اراضي جنوب كردستان الى الجمهورية ،30% فقط كانت تحت سيطرة الجمهورية
6- الموقف الشعبي الكردي من السوفييت لأن الكرد بمعظمهم يدينون بالديانة الإسلامية، والدعاية الاستعمارية كانت بين العوام بأن السوفييت كفار و ملحدون
الاسباب الموضوعية :
1-سقوط جمهورية اذربيجان دون مقاومة وتاثير ذلك على معنويات قادة الجمهورية
2-عدم وقوف القوى الديمقراطية الايرانية وخاصة حزب تودة في وجه هذا العدوان لانهم كانوا ينتظرون انكسار الجيش في اذربيجان وكردستان حتى يقوموا بالتحرك
3-تكتيكات حكومة” قوام “التي اعتمدت على المناورة وكسب الوقت وحتى وقوفه الشكلي ضد سياسة الشاه محمد رضا حتى جلاء الجيش الاحمر
4-وقوف البريطانيين والامريكان في وجه جمهورية كردستان بسبب الخوف من ان تصبح نموذجا لكورد العراق بسبب امتلاك شركة النفط البريطانية معظم حصص شركة نفط العراق والتي تستخرج نفط كركوك ومعها شركات النفط الامريكية
5-انسحاب الجيش الاحمر من ايران بسبب الاتفاقية النفطية التي اتينا على ذكرها سابقا وعدم قدرته على الوقوف في وجه امريكا التي كانت تمتلك القنبلة الذرية ولم يكن لدى السوفيت أي استعداد للتصادم مع الامريكان في ايران
6-مساندة الامريكان والانكليز الحكومة الايرانية بنشاط ، وكمثال على ذلك قدوم السفير الامريكي جورج الن مع رزم ارا الى كردستان لقيادة القتال ضد البارزانيين واقامة السفارة الامريكية علاقات وثيقة مع رؤساء العشائر لثنيها عن مقاومة السلطة
وبالمختصر لم تجد الجمهورية من يدافع عنها، وفي السابع عشر من كانون الأول انهارت الجمهورية، وبقيت الأوضاع هادئة حتى الحادي والعشرين من كانون الأول، عندما جمع همايوني قائد الجيش الإيراني ، قادة الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني في بلدية المدينة، وطلب منهم تسليم الأسلحة المستلمة من الاتحاد السوفييتي، فأجابوه أن البنادق وزعت وأحرقت قائمة الأسماء الذين استلموها، وقام الشهيد قاضي محمد، بوضع مسؤولية هذا العمل على عاتقه الشخصي فقط، مضحياً بنفسه في سبيل خلاص وسلامة القادة الآخرين وليتجنب سفك دماء شعبه، وأعتقل العميد همايوني جميع الموجودين من قادة الحزب البالغ عددهم ثمانية وعشرون عضواً، وعلى رأسهم القاضي محمد .
امتاز قاضي محمد بنكران الذات الذي هو صفة لكل ثوري حقيقي ومن محبة الناس له سمي بـ (بشه وا ) (الإمام)، وأثبت خلال المحاكمة حبه لشعبه أكثر من نفسه، وبقي وفياً لمبادئه ولقسمه أمام الشعب بأنه سيضحي بنفسه في سبيل الوطن والشعب، ومات شهيداً ليعيش الشعب الكردي من بعده مرفوع الهامة، ولم يتنازل عن مبادئه المعادية للاستعمار، حيث زاره قبل عشرة ايام من اعدامه وفد من الأمريكان والإنكليز للتفاوض معه ونصحوه بإظهار الندم، وقبول شروطهم ومطامعهم في البلاد، لكنه رفض، وفضل الموت على أن يظهر ندمه، ولم تستطع المحكمة العسكرية أثناء محاكمته، بقيادة المحقق العقيد فيروزي العنصري الحاقد على شخصية قاضي محمد وعلى الحركة الديمقراطية الكردية في إيران، على إركاعه بل أركع المحكمة العنصرية بثباته على مبادئه، ودفاعه عن حق الكرد في العيش الكريم حيث استغرق دفاعه في 9 كانون الثاني قرابة 14 ساعة وكان دفاعا متسقا وجريئا رافضا لكل الاتهامات ومدافعا ببسالة عن امال الشعب الكردي واهداف الحزب واعمال الجمهورية، وحكم عليه بالإعدام في 23 /01 / 1947 وأجل تنفيذ الحكم ست وستون يوماً، حيث نفذ حكم الإعدام على الشهيد قاضي محمد وأخيه صدر قاضي و ابن عمه سيف قاضي في 30 / 03 /1947، في ساحة جارجرا فجراً وهي نفس الساحة التي أعلنت فيها الجمهورية فأصبح بذلك قاضي محمد إماماً للشهداء الكرد وسراجا ينير بذكراه ذاكرتنا المعتمة .
هناك بالطبع عوامل عديدة دولية وإقليمية وداخلية أدت إلى الانهيار السريع للجمهورية الوليدة، وتمثلت أبرز العوامل الدولية في الصراع السوفياتي مع الغرب الذي استثمرته حكومة طهران، إلى جانب العوامل الداخلية المتعلقة بالمصالح الاقتصادية والاجتماعية للقبائل الكردية وعدم استطاعة الحزب الديمقراطي الكردستاني/إيران اعتماد سياسة دبلوماسية ناجحة في احتوائها فضلا عن الافتقار إلى إستراتيجية قومية مع أجزاء كردستان الأخرى (تركيا، العراق، سوريا) إضافة إلى جانب الارتجالية والعفوية والعاطفة القومية التي كانت من سمات هذه التجربة
البارزانيون :
التجأ البارزانيون قبل تكوين جمهورية كوردستان الى ايران وتوجه الزعيم السياسي ملا مصطفى والزعيم الديني الشيخ احمد البارزاني اللذين هربا من مظالم نور السعيد مع عائلاتهم الى منطقة شنو في 11 تشرين الاول 1945 ومعهم حوالي 2000 مسلح وبعض الموظفيين والمعلمين وعدد من ضباط الجيش العراقي الكرد حيث استقبلوا بحرارة واصبح البعض منهم بيشمركة في الجيش الشعبي في بعض مناطق كردستان وخاصة في منطقة نغدة واعطي الملا مصطفى رتبة جنرال وعين قائدا عاما لبشمركة كردستان وعندما رأى البارزانيون انهيار جمهورية اذربيجان اخذوا السلاح والعتاد من المستودعات وتوجهوا الى ضواحي مهاباد وفي 20 كانون الاول قابل الملا مصطفى قائد الجيش الايراني العميد همايوني وطلب منه ضمانات العودة للعراق فاقترح عليه همايوني الذهاب لطهران وهكذا سافر الملا الى العاصمة مع عدد من صحبه وبعد مفاوضات امتدت لحدود الشهر اقترحت الحكومة الايرانية على البارزانيين توطينهم في الزاوية الجنوبية الشرقية من كردستان في سفح جبل الوند قرب همدان ، قبل البارزاني الاقتراح وعاد الى مهاباد ثم طلب الجنرال تنفيذ الاتفاق فطلب منه البارزاني مهلة 24 ساعة كي يلتقي بالشيخ احمد واعلمه بان الشيخ لا يوافق مما ادى الى نشوب معركة مع الجيش الايراني في 11 اذار في معارك طاحنة صمد فيها البارزاني رغم محاربته من قبل بعض العشائر كالهركيين الذين قاتلوا الى جانب الايرانيين وامرت القوات الايرانية بقصف البارزانيين بالطائرات الا ان البارزانيين دخلوا الاراضي العراقية في 13 نيسان 1947 وسلم الشيخ احمد نفسه مع الاطفال والنساء الى الحكومة العراقية وصدر عفو عنهم ورغم معارضة البارزاني لضباط الجيش العراقي تسليم انفسهم وعدم ثقته بنظام نوري السعيد الا انهم لم يسمعوا له وتم تم اعدامهم وهم (مصطفى خوشناو –محمد محمود قدسي-عزت عبد العزيز –خير الله عبد الكريم ) عاد الملا مصطفى مع 500 شخص عبر تركيا الى ايران في 27 ايار وبعد معارك بطولية خاضوها مع الجيش الايراني تمكنوا من عبور نهر اراس والوصول الى الاتحاد السوفييتي، وهكذا اثبتت مقاومة البارزانيين ان لدى الشعب الكردي القدرة على مقاومة السلطات والوقوف في وجهها.
_________________________________________________________________________________
–  تم تأسيس مجلس الوزراء برئاسة الحاج بابا شيخ من 13 وزيرا ونشرت اسمائهم في 11 شباط في جريدة كردستان وهم 1- رئيس الوزراء : الحاج بابه شيخ 2- وزير الحرب: محمد حسين سيف قاضي3- وزير الشؤن الداخلية: محمد امين معيني 4- وزير الصحة: محمد ايوبيان 5-وزير الدولة عبد الرحمن ايلخاني زادة6- وزير المواصلات: اسماعيل ايلخاني زادة7-وزير الاقتصاد: احمد الهي 8-وزير البريد والبرق كريم احمدين 9- وزير التجارة  مصطفى داودي10 –وزير المعارف: مناف كريمي 11- وزير الزراعة: محمود ولي زادة 12- وزير الاعلام صديق حيدري 13 –وزير العمل خليل خسروي
– جرى رفع العلم الكردي في 17 كانون الاول لاول مرة في كردستان واكتسب طابعا رسميا في مهاباد في 22 كانون الثاني 1946 وكان علم كردستان بثلاثة الوان : الاحمر في الاعلى ، والابيض في الوسط، والاخضر في الاسفل، وكان في وسط العلم شعار جمهورية مهاباد وهو عبارة عن قلم وسنبلتي قمح وشمس تشرق في اعلى الشعار
– كان نشيد الجمهورية هو ” اي رقيب  “للشاعر دلدار

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…