بيوار إبراهيم
برقيات تعزية من حقول القمح و البترول, وصلت إلينا نحن معشر النساء و العذارى الكورديات , لتعزي قلوب تعشق حرية القلب كما تعشق حرية كوردستان , نحن العذارى و النساء اللاتي كانت حلمهن بالأمس, أن يكون اليوم لهن, لكن اليوم بات راجماً علينا بحجارة ٍ وحشية, تمثلت على جسد زهرة ٍ يانعة اسمها ( دعاء ) ذات ستة عشر ربيعاً.
طوبى لك يا حقول الرصاص و الحجارة , طوبى لمن كان جبينه مشرقاً بدماء أيلول و كولان و آذار , طوبى لأمةٍ بالأمس أنجبت عادلة خانم الجاف و حفصة خانم النقيب و ليلى قاسم , و اليوم ترجم و تهتف :
– يا حجارة وطني ارجمي جسد دعاء, لأنه طالب بحقه في الحب و الحياة !!!
دم الرائحة, رائحة الحب و العشق… , يجبرنا أن نوقع على أرض الأمهات بالخناجر التي أبت الخروج من أغمدتها بغية السلام, لكن السلام بات اليوم مرجوماً, بين دماء النساء و العذارى المشرق.
عندما سألوا الفنان التشكيلي المصري حسن سليمان:
– لماذا أنت مغرم بالمرأة الكوردية لحد الثمالة ؟
أجابهم قائلاً :
– لأنني لم ألتقي في كل العالم بتضحية , كما تضحي المرأة الكوردية التي تتزوج لليلةٍ واحدة فقط .
هل نسي أهالي بلدة باشيقا , زواج الفتيات الكورديات أثناء الثورات لليلةٍ واحدة فقط , بأمل أن يحملن طفلاً من ذلك الزواج الموسوم بالموت , و ذلك بغية الإكثار من النسل الكوردي و تحديداً الرجال , حيث الشاب يخرج في صباحيته بعد العرس قاصداً الجبال ليلتحق بصفوف البيشمركة , و قل من عادوا أحياء لأحضان تلك الزوجات اللاتي رضين بالزواج لليلةٍ واحدة فقط .
من مبادئ الشعب الكوردي أن يتواضع للحق , حتى بات أعقل الناس , هذا الشعب الذي تعلمت منه الشعوب أن قمم الأمل هي الصمود و التحدي فوق قمم الألم , لكن جهله بالتفريق بين أن يجرح نفسه بنفسه و بين أن يجرحه الآخرين , جعله يجرح أعز الناس في المجتمع الكوردي , ألا و هي المرأة التي ضحت من أجله بكل ما فيها من بأس و قوة , دون أن تتذمر أو تشتكي , و كان الوسام الأكبر لتلك التضحيات , أن يكون الألم الجديد يتربص بجسدها في الشوارع عارية , غارقة بين دمها , ذلك الألم الذي تمثل بجسد عذراء بتول , كان جرمها الأكبر هو ( الحب ) , ألماً أخذ الرذائل من ظلام الجهل , ليزرع نفسه بنفسه , داخل مجتمعنا , دون أن تنتقد له أصوات الدعاء و التراتيل و القوال , و تندد لهذا الظلم الظالم و المفجع .
منذ أن وعيت و حتى اللحظة التي رأيت فيها صور دعاء , تيقنت إن الحرية بكل ما فيها من مسؤولية هي بمثابة الماء و الهواء للبشرية جمعاء دون أية تفرقة عنصرية , كانت الأحجار الإسمنتية تتساقط فوق جسد دعاء الناعم من كل حدب و صوب , دون أن يهرع أحد من أهالي بلدة باشيقا لنجدتها و يلبي استغاثاتها , حتى زوربا كان أشجع منهم بموقف ٍ مشابه في الدفاع عن الأرملة صاحبة الماعز و أزهار الليمون في رواية خيالية اسمها ( زوربا ) , لكن مع الأسف ما حصل لفتاة ٍ كوردية ليس خيالياً من نسج روائي , بل واقع مؤلم و مخيف يؤدي إلى صراخ مدوي , ترى ! هل بات الشرف متعلقاً بحياة المرأة الروحية و الجنسية, أولئك الذين يقتلون و يظلمون و يحتلون الأوطان و يغتصبون الأعراض و الخ… , أما من رجم يقذف عليهم سراً كان أو علانية ؟ أما من عقاب يشفي غليل الإنسانية و يأخذ بثأر الكبرياء منهم ؟
يتحول الرجم و القتل إلى ميزان مقدس للعدالة الأرضية , إذا ما تعلق الأمر بقلوب النساء و بحياتهم الجنسية , إن قتل النساء و الفتيات أبداً لم و لا بد من تشديد / لن / يكون من عادات و تقاليد الشعب الكوردي الذي يعشق و يقدس المرأة بكل جوارحه و كأن الغرب اقتبس منهم عادة حبهم المقدس للمرأة .
قتل النساء و وأد البنات , موروث مستورد من عرب الجاهلية , عندما يوأدون بناتهم بعد الولادة مباشرة ً حتى لا يجلبن لهم العار , حسب مفهومهم القبائلي المتوحش و بعد ظهور الدين الإسلامي , صرح علانية بمنع وأد البنات حسب الآية القرآنية التالية : ( و إذا الموؤدة سئلت بأي ذنب ٍ قتلت ) , لكن مع الأسف حتى الأديان لم تستطع حماية المرأة من القتل و الرجم , خاصة الدين الإسلامي , إذ لم يحاول الباحثين و المختصين البحث عن سبل تمنع جرم قتل المرأة بتهمة غسل العار و الشرف .
رباعيات الدم من ربيع كوردستان تحصد الثأر الميدي و الحيثي و الهوري , الذي ينبش زمن أمسه بغده باحثا ً عن الجدائل و الضفائر التي قطعت كي تستنجد استغاثته و تتحول إلى ألجمة لصهوات الريح , لكن رياح يومنا ستحمل النبأ المجنون عن قتل دعاء و تسافر به إلى أجدادنا , ليشتكي ذلك النبأ من ظلم الظلم الذي أبى إلا أن يذبح فجر أحفادهم على قارعات الدروب ,
بالتأكيد لن نحمل كوردستان عبأ دم دعاء و أخواتها السابقات و اللاحقات , لكننا سنصرخ بكل ما فينا من قوة بين جداول دماء العصر المتجدد , مطالبين بالخروج من تحت عباءات الآخرين المستوردة , رافضين القتل المتوحش للنساء و الفتيات , مدافعين عن حق المرأة في الحب و الحياة بكبرياء .
نيران الليالي تشتعل في دمنا الذي يصرخ :
يا حجارة وطني,
احمي الظالمين بين جدران قسوتك !!!
و صلي على جسد الحب المرجوم !!!
الموت يطرق أبوابنا في الشوارع ,
لم نخرج بعد من التعب الأخير
لصمت المقابر بين الأسوار الحزينة … ؛
يا حجارة وطني,
تساقطي فوق الوصل و الفصل,
بين الرحم و بين القطيعة و الجبروت ,
أقتلي براءة نهد بحث عن الأمان !!!
و ارجمي طفولة روح بحث عن شفاه الحب و الحرية !!!
سكبنا وجودنا داخل الوجود ,
بين سبع سموات و سبع أرض ,
كي ينقلنا من عشق ٍ إلى عشق… ؛
كي تنطق سخرية القدر,
بلسان زمن أبعد من المدى و أقرب إلى الجنون .
لكن ! ستتحدث قصصنا المنسية عبر استغاثاتها
في شوارع متعبة تبتلع أحزانها بين غلس الليالي ,
تنسحب بهدوء من نطاق الزمن ,
لتسرد قصة جديدة – قديمة ,
قصة حب اسمها دعاء .
لنرفع صوتنا عالياً , يملأ حناجره بالغضب و الألم :
لا ….
لوحشية قتل النساء بغية غسل العار و الشرف , نعم … للحب و الحرية, رسل الحياة و دم ديمومتها, هما غصن زيتون و حمامة بيضاء في قلب الشمس الذي يشرق على مسيرة بنائنا للإنسان و الأوطان.
– يا حجارة وطني ارجمي جسد دعاء, لأنه طالب بحقه في الحب و الحياة !!!
دم الرائحة, رائحة الحب و العشق… , يجبرنا أن نوقع على أرض الأمهات بالخناجر التي أبت الخروج من أغمدتها بغية السلام, لكن السلام بات اليوم مرجوماً, بين دماء النساء و العذارى المشرق.
عندما سألوا الفنان التشكيلي المصري حسن سليمان:
– لماذا أنت مغرم بالمرأة الكوردية لحد الثمالة ؟
أجابهم قائلاً :
– لأنني لم ألتقي في كل العالم بتضحية , كما تضحي المرأة الكوردية التي تتزوج لليلةٍ واحدة فقط .
هل نسي أهالي بلدة باشيقا , زواج الفتيات الكورديات أثناء الثورات لليلةٍ واحدة فقط , بأمل أن يحملن طفلاً من ذلك الزواج الموسوم بالموت , و ذلك بغية الإكثار من النسل الكوردي و تحديداً الرجال , حيث الشاب يخرج في صباحيته بعد العرس قاصداً الجبال ليلتحق بصفوف البيشمركة , و قل من عادوا أحياء لأحضان تلك الزوجات اللاتي رضين بالزواج لليلةٍ واحدة فقط .
من مبادئ الشعب الكوردي أن يتواضع للحق , حتى بات أعقل الناس , هذا الشعب الذي تعلمت منه الشعوب أن قمم الأمل هي الصمود و التحدي فوق قمم الألم , لكن جهله بالتفريق بين أن يجرح نفسه بنفسه و بين أن يجرحه الآخرين , جعله يجرح أعز الناس في المجتمع الكوردي , ألا و هي المرأة التي ضحت من أجله بكل ما فيها من بأس و قوة , دون أن تتذمر أو تشتكي , و كان الوسام الأكبر لتلك التضحيات , أن يكون الألم الجديد يتربص بجسدها في الشوارع عارية , غارقة بين دمها , ذلك الألم الذي تمثل بجسد عذراء بتول , كان جرمها الأكبر هو ( الحب ) , ألماً أخذ الرذائل من ظلام الجهل , ليزرع نفسه بنفسه , داخل مجتمعنا , دون أن تنتقد له أصوات الدعاء و التراتيل و القوال , و تندد لهذا الظلم الظالم و المفجع .
منذ أن وعيت و حتى اللحظة التي رأيت فيها صور دعاء , تيقنت إن الحرية بكل ما فيها من مسؤولية هي بمثابة الماء و الهواء للبشرية جمعاء دون أية تفرقة عنصرية , كانت الأحجار الإسمنتية تتساقط فوق جسد دعاء الناعم من كل حدب و صوب , دون أن يهرع أحد من أهالي بلدة باشيقا لنجدتها و يلبي استغاثاتها , حتى زوربا كان أشجع منهم بموقف ٍ مشابه في الدفاع عن الأرملة صاحبة الماعز و أزهار الليمون في رواية خيالية اسمها ( زوربا ) , لكن مع الأسف ما حصل لفتاة ٍ كوردية ليس خيالياً من نسج روائي , بل واقع مؤلم و مخيف يؤدي إلى صراخ مدوي , ترى ! هل بات الشرف متعلقاً بحياة المرأة الروحية و الجنسية, أولئك الذين يقتلون و يظلمون و يحتلون الأوطان و يغتصبون الأعراض و الخ… , أما من رجم يقذف عليهم سراً كان أو علانية ؟ أما من عقاب يشفي غليل الإنسانية و يأخذ بثأر الكبرياء منهم ؟
يتحول الرجم و القتل إلى ميزان مقدس للعدالة الأرضية , إذا ما تعلق الأمر بقلوب النساء و بحياتهم الجنسية , إن قتل النساء و الفتيات أبداً لم و لا بد من تشديد / لن / يكون من عادات و تقاليد الشعب الكوردي الذي يعشق و يقدس المرأة بكل جوارحه و كأن الغرب اقتبس منهم عادة حبهم المقدس للمرأة .
قتل النساء و وأد البنات , موروث مستورد من عرب الجاهلية , عندما يوأدون بناتهم بعد الولادة مباشرة ً حتى لا يجلبن لهم العار , حسب مفهومهم القبائلي المتوحش و بعد ظهور الدين الإسلامي , صرح علانية بمنع وأد البنات حسب الآية القرآنية التالية : ( و إذا الموؤدة سئلت بأي ذنب ٍ قتلت ) , لكن مع الأسف حتى الأديان لم تستطع حماية المرأة من القتل و الرجم , خاصة الدين الإسلامي , إذ لم يحاول الباحثين و المختصين البحث عن سبل تمنع جرم قتل المرأة بتهمة غسل العار و الشرف .
رباعيات الدم من ربيع كوردستان تحصد الثأر الميدي و الحيثي و الهوري , الذي ينبش زمن أمسه بغده باحثا ً عن الجدائل و الضفائر التي قطعت كي تستنجد استغاثته و تتحول إلى ألجمة لصهوات الريح , لكن رياح يومنا ستحمل النبأ المجنون عن قتل دعاء و تسافر به إلى أجدادنا , ليشتكي ذلك النبأ من ظلم الظلم الذي أبى إلا أن يذبح فجر أحفادهم على قارعات الدروب ,
بالتأكيد لن نحمل كوردستان عبأ دم دعاء و أخواتها السابقات و اللاحقات , لكننا سنصرخ بكل ما فينا من قوة بين جداول دماء العصر المتجدد , مطالبين بالخروج من تحت عباءات الآخرين المستوردة , رافضين القتل المتوحش للنساء و الفتيات , مدافعين عن حق المرأة في الحب و الحياة بكبرياء .
نيران الليالي تشتعل في دمنا الذي يصرخ :
يا حجارة وطني,
احمي الظالمين بين جدران قسوتك !!!
و صلي على جسد الحب المرجوم !!!
الموت يطرق أبوابنا في الشوارع ,
لم نخرج بعد من التعب الأخير
لصمت المقابر بين الأسوار الحزينة … ؛
يا حجارة وطني,
تساقطي فوق الوصل و الفصل,
بين الرحم و بين القطيعة و الجبروت ,
أقتلي براءة نهد بحث عن الأمان !!!
و ارجمي طفولة روح بحث عن شفاه الحب و الحرية !!!
سكبنا وجودنا داخل الوجود ,
بين سبع سموات و سبع أرض ,
كي ينقلنا من عشق ٍ إلى عشق… ؛
كي تنطق سخرية القدر,
بلسان زمن أبعد من المدى و أقرب إلى الجنون .
لكن ! ستتحدث قصصنا المنسية عبر استغاثاتها
في شوارع متعبة تبتلع أحزانها بين غلس الليالي ,
تنسحب بهدوء من نطاق الزمن ,
لتسرد قصة جديدة – قديمة ,
قصة حب اسمها دعاء .
لنرفع صوتنا عالياً , يملأ حناجره بالغضب و الألم :
لا ….
لوحشية قتل النساء بغية غسل العار و الشرف , نعم … للحب و الحرية, رسل الحياة و دم ديمومتها, هما غصن زيتون و حمامة بيضاء في قلب الشمس الذي يشرق على مسيرة بنائنا للإنسان و الأوطان.