صلاح بدرالدين
تحت ظل الظروف الاستثنائية الراهنة ومنذ اندلاع الانتفاضة الثورية في بلادنا وفي أجواء اشتداد المعارك واستهداف السوريين الذين مازالوا في الوطن من قوى النظام واعوانه الروس والايرانيين والميليشيات المذهبية والجماعات المسلحة الوافدة من كل حدب وصوب وتحت وطأة انعدام الثقة والاختراقات الحاصلة في صفوف مختلف الجماعات المسلحة وتشرذم تشكيلات الجيش الحر والانقسامات الحاصلة في صفوف القوى المحسوبة على الثورة وافتقارها الى مركز موحد المواقف وتوسع الهوة بين الثوار من جهة والكيانات المعارضة وخصوصا الائتلاف من الجهة الأخرى نقول لمجمل هذه الأسباب تتسرب مفاهيم خاطئة حول الكرد السوريين وتجد مكانها في بعض العقول والمواقع الاعلامية نتيجة التفسيرات العصبية المتسرعة تحت أصوات المدافع وقصف الطائرات لابد من التصدي لها وتصحيحها خدمة لوطننا في وحدة مكوناته ولثورتنا في تعزيز لحمتها .
في حقيقة الأمر لست معنيا بمتابعة ماهب ودب من مواقف صادرة من جماعات أو تيارات أو أفراد من شوفينيين عنصريين أصحاب مواقف عدوانية مسبقة من الكرد وحقوقهم موالين للنظام أم في صفوف المعارضة ولكنني أشعر بواجب مناقشة الأمر مع من أراهم شركاء المصير ورفاق الدرب في مسيرة ثورتنا الوطنية حتى لو اختلط عليهم الأمر تجاه القضية الكردية وأخطأوا التقدير نتيجة جهل بتفاصيلها المعقدة وعدم اطلاع على خلفيتها التاريخية كما حصل مع الضابط الحر العميد أحمد رحال في مقالته الموسومة ” معارك وحدات الحماية الكردية في الشمال … معارك تحرير أم تقسيم؟؟؟ ” المنشورة في موقع : كلنا شركاء في اليوم الأول من العام الجديد وسأحاول ايجاز مداخلتي بالخلاصات التالية :
أولا – قبل معاتبة الآخر ” الخارجي ” من أمريكيين وأتراك وأوروبيين واتهامهم بالتقصير وعدم التزامهم بخطوطهم الحمر وتدخلهم بشؤوننا الداخلية حسب مقتضيات مصالحهم وليس كما تقتضيه شروط وحدتنا الوطنية وتعزيز صفوف مكوناتنا وانتصار ثورتنا علينا الالتفات الى أوضاعنا الداخلية المزرية وتفكك قوانا وخطل سياسات معارضتنا ليس بخصوص الثورة والسلم والحرب والصراع بل بما يتعلق بالموقف من الداخل السوري ومشاكله المتراكمة وبالأخص سبل حلها وفي المقدمة برنامج حل القضية الكردية بالشكل السلمي الذي تفتقره الساحة الوطنية والذي ان توفر سيشكل حافزا لالتفاف الغالبية الكردية السورية الساحقة حول الثورة .
ثانيا – طبعا لست في وارد وضع الشروط المسبقة لمشاركة الكرد في الثورة – وهم مشاركون على أي حال – ومن المؤمنين بأن المسائل الوطنية الداخلية لن تحل الا بتوفر النظام الديموقراطي في سوريا التعددية الجديدة أي بعد انتصار الثورة وتحقيق اهدافها في التغيير ولكن لايجوز لأي فصيل أو جهة أو جماعة أو تيار أو فرد فرض مواقفه في هذه المرحلة الانتقالية أو الاساءة لأي مكون وطني لأي سبب كان مع تفهم كامل لطموحات كل السوريين بمختلف أطيافهم بما فيهم الكرد بشأن ما ستكون عليه سوريا ما بعد الاستبداد ولكن من دون فرضها على الآخرين لافي مرحلة الثورة ولا ما بعد انتصارها الا من خلال التوافقات الوطنية وصناديق الاقتراع .
ثالثا – هناك اشكالية التمثيل المعارض في الجانبين العربي والكردي فعلى الصعيد العربي السوري نجد هوة واسعة بين قوى الثورة من جهة والمعارضة وخاصة ( المجلس والائتلاف ) من الجهة الأخرى تنعكس سلبيا على الطرف الكردي حيث تتوزع الأحزاب الكردية بين كل من – الائتلاف وهيئة التنسيق – ويتم تجاهل الحراك الثوري الكردي من تنسيقيات الشباب ومنظمات المجتمع المدني والمستقلين والشخصيات الوطنية والفكرية والثقافية وهو كان المبادر الأول في الانتفاضة والمعبر الحقيقي عن طموحات الكرد والغائب السياسي الآن عن المسرح وعن كل المؤتمرات بما فيها مؤتمر الرياض بارادة النظام أولا والأحزاب ثانيا والمعارضة السورية ثالثا .
رابعا – هناك خلط يكاد يكون متعمدا من جانب بعض الأخوة والأصدقاء بين مواقف أحزاب وجماعات كردية وبين الموقف الشعبي الغالب فأحزاب – المجلسين – ( غرب كردستان والمجلس الكردي ) لاتعبر عن ارادة الشعب الكردي تماما مثل أحزاب وجماعات – الائتلاف – التي لا تمثل لا الشعب العربي السوري ولا ثورته لذلك ليس من المناسب سحب موقف حزب كردي معين على شعب بأكمله حتى لو كان مسيطرا بقوة السلاح على مناطق شاسعة وبالمقابل هل يجوز اعتبار تبعات مواقف – داعش – المحتل لمناطق ومحافظات سورية بأضعاف ماهو تحت سلطة الأمر الواقع ( الحزبية الكردية ) وهو تنظيم عربي على الشعب العربي السوري ؟
خامسا – يمكن تفهم رفض مشروع – ب ي د – وخططه السياسية والعسكرية وادانته بالتواطىء مع مخططات النظامين السوري والايراني وتجاوبه مع التآمر الروسي ولكن لايجوز تقبل الاساءة الى الحركة الوطنية الكردية والتشكيك في ارادة عشرات الملايين من الكرد المقسمين قسرا الموزعين بدون ارادتهم في دول المنطقة في الجوار حول حقهم في تقرير المصير كما يشاؤون بالتوافق مع الشعوب التي يتعايشون معها أو الاساءة لاقليم كردستان العراق ونعته بأنه كانتون في حين أنه اقليم فدرالي بحسب الدستور العراقي ما بعد الدكتاتورية أو ليس تعزيز الصداقة والتفاهم مع ملايين الكرد بالمنطقة لمصلحة سوريا الجديدة القادمة ؟.
لن تستقيم العلاقات بين المكونات الوطنية السورية بما فيها العلاقات الكردية العربية الا بالاعتراف بتعددية المجتمع السوري القومية والدينية والمذهبية واحترام وجودها وحقوقها وتثبيت ذلك وضمانه في دستور سوريا الجديدة القادمة والى أن يتحقق ذلك فان قدرنا جميعا أن نكون معا وسوية واعادة اللحمة عبر المؤتمر الوطني العام والخروج ببرنامج الانقاذ وانتخاب المجلس السياسي – العسكري لمواجهة تحديات الحرب والسلام وهو السبيل لانتصار الثورة واسقاط الاستبداد .