ابراهيم محمود
” إلى الأصدقاء السريان والأرمن، في محيط
قامشلو وشِتات الغربة القسرية “
قامشلو وشِتات الغربة القسرية “
أعرف أن كل شيء فيكم ملتهب: الروح والجسد
والمكان والزمان، وأن السيد المسيح مسيحكم/ مسيحنا ذاهل عما جرى ويجري فيكم، وعاجز
عن رد مؤاساة نظيره في الإسلام لرعب الصدمة، وأنه غير قادر منذ حين من الدهر والآن،
ومنذ ليل 30 كانون الأول 2015 على دخول بيته الرباني ليلتقي بكم وهو يردد على
طريقته” كلوا هذا جسدي، اشربوا هذا دمي “، فقد آثر أعداء الحياة نسف الجسد المقدس
تحت سمع ” الآب ” وبصره. أعرف أن البيت الرباني: الكنيسة ملجومة اللسان، والجامع
عاجز عن إسنادها، وهو ماض في ” بلاء ” أهله العميق.
والمكان والزمان، وأن السيد المسيح مسيحكم/ مسيحنا ذاهل عما جرى ويجري فيكم، وعاجز
عن رد مؤاساة نظيره في الإسلام لرعب الصدمة، وأنه غير قادر منذ حين من الدهر والآن،
ومنذ ليل 30 كانون الأول 2015 على دخول بيته الرباني ليلتقي بكم وهو يردد على
طريقته” كلوا هذا جسدي، اشربوا هذا دمي “، فقد آثر أعداء الحياة نسف الجسد المقدس
تحت سمع ” الآب ” وبصره. أعرف أن البيت الرباني: الكنيسة ملجومة اللسان، والجامع
عاجز عن إسنادها، وهو ماض في ” بلاء ” أهله العميق.
أقدّر الألم المشترك والدم المشترك وقد تمازج الدم السرياني والأرمني والكوردي
والعربي، على وقع الانفجار، وما تلا ويتلو الموت الجماعي في الانفجار من تقطيع أو
تشويه للمشترك.
والعربي، على وقع الانفجار، وما تلا ويتلو الموت الجماعي في الانفجار من تقطيع أو
تشويه للمشترك.
أعرف أن النفحة المتبقية من حياة من تبقُّوا في مدينة لا تعرف
كيف تغمض عينيها، فالفرح محتجَز، والضحكة محتجزة، وقابلية التعاطي مع المتبقي من
الحياة فيها محتجزة، والموت تحت التهديد إن لم يحل كل شيء، كل زاوية، وشارع، وساحة
ومقعد خراباً، كما يريد سدنة الهمجية، من داعش ومن هم في مقام داعش، وهم ينتشرون في
المكان المستباح دون استثناء، رغم الصحوة الملعلعة لدعاة الأمن فيها، وهم يبثون في
المكان كل ما يجرد المكان عن أصوله، ويفرّغون السماء من أصولها، ويسلخون عن الحياة
ما يصلها بالحياة.
كيف تغمض عينيها، فالفرح محتجَز، والضحكة محتجزة، وقابلية التعاطي مع المتبقي من
الحياة فيها محتجزة، والموت تحت التهديد إن لم يحل كل شيء، كل زاوية، وشارع، وساحة
ومقعد خراباً، كما يريد سدنة الهمجية، من داعش ومن هم في مقام داعش، وهم ينتشرون في
المكان المستباح دون استثناء، رغم الصحوة الملعلعة لدعاة الأمن فيها، وهم يبثون في
المكان كل ما يجرد المكان عن أصوله، ويفرّغون السماء من أصولها، ويسلخون عن الحياة
ما يصلها بالحياة.
أقدّر نوع الجرح الاستثنائي الذي يستنزف دماءكم جميعاً،
أعماركم جميعاً، ذكوركم إناثكم جميعاً، ويغرق المكان اللامكان والجهات من حوله
بالأحمر الذي يستصرخ ذات الله إن بقيت لها باقية في عهدة الناطقين باسمه وهم
ينسفونها، أقدَّر عنف القادم الأعظم، وماذا يعني هذا الانفجار تلو الآخر، في حي ”
الوسطى ” من مدينتكم، مدينتنا المشتركة، ماذا يعني في طابعه الإنذاري، كما لو أنه
في رسالة فظيعة من أولي أمر الدمار والعار الإنسانيين، ما يقول أن ليس من ضمان لأن
يأخذ أي كان منكم، من أي جنس كان، حتى ولو قسطاً عابراً من الراحة خارج بيته أو
داخله، أن ليس من ضامن أمن إن خرج أحدكم من بيته ويعود كما خرج، إن انتقل من غرفة
إلى أخرى، ويعود سالماً، إن نام تحت وطأة التعب، ويضمن استيقاظه بسلام، إن رفع
اللقمة إلى فمه، ويضمن بلوغها فمه.
أعماركم جميعاً، ذكوركم إناثكم جميعاً، ويغرق المكان اللامكان والجهات من حوله
بالأحمر الذي يستصرخ ذات الله إن بقيت لها باقية في عهدة الناطقين باسمه وهم
ينسفونها، أقدَّر عنف القادم الأعظم، وماذا يعني هذا الانفجار تلو الآخر، في حي ”
الوسطى ” من مدينتكم، مدينتنا المشتركة، ماذا يعني في طابعه الإنذاري، كما لو أنه
في رسالة فظيعة من أولي أمر الدمار والعار الإنسانيين، ما يقول أن ليس من ضمان لأن
يأخذ أي كان منكم، من أي جنس كان، حتى ولو قسطاً عابراً من الراحة خارج بيته أو
داخله، أن ليس من ضامن أمن إن خرج أحدكم من بيته ويعود كما خرج، إن انتقل من غرفة
إلى أخرى، ويعود سالماً، إن نام تحت وطأة التعب، ويضمن استيقاظه بسلام، إن رفع
اللقمة إلى فمه، ويضمن بلوغها فمه.
يا أصدقائي السريان والأرمن، يا أخوة الحياة،
يا أخوة ملبَّسين بالحزن الذي يشهد عليه سواد لباس رجل الدين فيكم، كما لو أنه هو
نفسه يقول أن لا ضمان لمجيء النهار، أن الليل أطول مما هو معلَن عن توقيته، أقدّر
ما تعيشونه من قلق يفلق الصخر، يتوعد الأعصاب بالانهيار، كما هو دوي الانفجار
الأرعن في الجوار، وما يعنيه لروحكم الدامية ” وبعدين..؟”، حيث إن الجاري منذ حين
من الدهر، قد نزع عن الزمان من ” قبله – بعده “، وأسلم القياد الصادم في ” بعدين
..”، وليس ما يحفّز على بعض من التهدئة النفسية في ” بعدين “..
يا أخوة ملبَّسين بالحزن الذي يشهد عليه سواد لباس رجل الدين فيكم، كما لو أنه هو
نفسه يقول أن لا ضمان لمجيء النهار، أن الليل أطول مما هو معلَن عن توقيته، أقدّر
ما تعيشونه من قلق يفلق الصخر، يتوعد الأعصاب بالانهيار، كما هو دوي الانفجار
الأرعن في الجوار، وما يعنيه لروحكم الدامية ” وبعدين..؟”، حيث إن الجاري منذ حين
من الدهر، قد نزع عن الزمان من ” قبله – بعده “، وأسلم القياد الصادم في ” بعدين
..”، وليس ما يحفّز على بعض من التهدئة النفسية في ” بعدين “..
يا أصدقائي
الأرمن والسريان وكل من في الجوار في المصاب الجماعي والمكاني الجلل، كيف للمكان أن
يعيد لحمته؟ وهو نهب هذا النسف في جهاته، كيف للشجر أن يستقيم ضاحكاً وهو مكلَّل
بألوان أول العام، وفي المقابل، تكون السيدة العذراء في حنوها المعهود، وهي مفجوعة
بكم، وأمام ناظريها ابنها الرباني غائب عن الوعي، ممزق التكوين، وثمة الدوي تلو
الآخر في الأنحاء، ثمة الصراخ الذي يستغرق اللغات، ثمة العويل الذي لا يُترجَم إزاء
هذا الوداع المقلوب على رأسه ؟
الأرمن والسريان وكل من في الجوار في المصاب الجماعي والمكاني الجلل، كيف للمكان أن
يعيد لحمته؟ وهو نهب هذا النسف في جهاته، كيف للشجر أن يستقيم ضاحكاً وهو مكلَّل
بألوان أول العام، وفي المقابل، تكون السيدة العذراء في حنوها المعهود، وهي مفجوعة
بكم، وأمام ناظريها ابنها الرباني غائب عن الوعي، ممزق التكوين، وثمة الدوي تلو
الآخر في الأنحاء، ثمة الصراخ الذي يستغرق اللغات، ثمة العويل الذي لا يُترجَم إزاء
هذا الوداع المقلوب على رأسه ؟
يا أخوتي، يا أصدقائي ممن يعيشون سخونة المأساة
وهي مفتوحة، لا قدرة لي على مصافحة روح أي منكم، وأنا مثل الكثيرين منكم في شتات
منزوع التوقيت، سوى أنني أستطيع عبارة واحدة: تُرى هل يمكننا التلاقي ذات يوم،
والأرض تهتز على أصناف من الألغام، وفي بحر متلاطم من الآلام ؟ فأنا مثلكم أعيش هذا
الانفجار داخلاً وخارجاً برعبه وتهديده ووعيده..
وهي مفتوحة، لا قدرة لي على مصافحة روح أي منكم، وأنا مثل الكثيرين منكم في شتات
منزوع التوقيت، سوى أنني أستطيع عبارة واحدة: تُرى هل يمكننا التلاقي ذات يوم،
والأرض تهتز على أصناف من الألغام، وفي بحر متلاطم من الآلام ؟ فأنا مثلكم أعيش هذا
الانفجار داخلاً وخارجاً برعبه وتهديده ووعيده..
م: أستعيد في نهاية مفترضة، ما
قاله أستاذنا لمادة الفلسفة قبل أربعة عقود من الزمن ونيّف ” سعيد عبدالأحد “، في
حاضرة قامشلو، وهو يشرح درساً عن نظريات الحرية، وقد أغاظه طالب مسكون بالهوس
الديني، فما كان منه إلا أن قال له، بعد صمت له معناه، وبطريقته ” ولَك أكيد عوجه،
عوجه، ولو ما كانت عوجه ما كان الله نزَّل تلاتميت نبي بهالمنطقة مو بمكان تاني،
وراح تضَل عوجه..”.. أترك الدلالة للمعنيين بسلالة ” عوجه ” ومنهم !
قاله أستاذنا لمادة الفلسفة قبل أربعة عقود من الزمن ونيّف ” سعيد عبدالأحد “، في
حاضرة قامشلو، وهو يشرح درساً عن نظريات الحرية، وقد أغاظه طالب مسكون بالهوس
الديني، فما كان منه إلا أن قال له، بعد صمت له معناه، وبطريقته ” ولَك أكيد عوجه،
عوجه، ولو ما كانت عوجه ما كان الله نزَّل تلاتميت نبي بهالمنطقة مو بمكان تاني،
وراح تضَل عوجه..”.. أترك الدلالة للمعنيين بسلالة ” عوجه ” ومنهم !
دهوك- في 31
كانون الأول 2015
كانون الأول 2015