سلام العام الجديد لعموم كُردستان ولروجآفا على وجه الخصوص

ابراهيم محمود

كل عام والعالم موحَّد الروح، وكردستان تبصر روحها المنتظرة منذ آلاف السنين،
وروجآفا بروح كردية لا تبلى، والهجرة القسرية أقل، والهروب الاضطراري أقل الأقل، من
كرد روجآفاويين منزوعي الحيلة على أيد كرد مفوَّضي الحيلة ومن ذوي الحيلة
التليدة.
كل عام، وأنتم أمام العالم وفيه ومعه سرّاء أكثر، وضرّاء أقل لأن
رصيدكم من الشقاء فائض، يا كرد العالم حيث تكونون كردستانيين وتستعيد روجآفا وحدتها
الفعلية بكم، وأنتم أكثر التفافاً على بعضكم بعضاً، أكثر تماثلاً للشفاء من طعان
أخوة لكم بالقرب منكم وبين ظهرانيكم.

كل عام، وأنتم أنَّى تحركتم يا روجآفاويين، أنَّى التفتَّم، بأزيائكم التي ترغبون،
وألوانكم التي تشتهون، وأنتم دون يافطات تمنعكم من رؤية الطريق إلى نجومكم، دون
ثقْل الصورة، أي صورة، تشعِركم بأن ثمة ” رقيباً عتيداً ” يلجم لسان روحكم عن
الكلام الحر، دون كتابات تشوش عليكم رؤية الجهات، إلا علماً واحداً، ولغة واحدة،
وخارطة واحدة .
كل عام، وأنتم أقدر على السير باطمئنان، فلا جدران مثقلة بوطأة
اليافطات، لا أعمدة الكهرباء والهاتف وأسطحة المنازل وأفنان الشجر والساحات العامة
مطأطأة تحت ثقل صور المدرجين في عِداد الشهداء، واللقطات التي تترجم سعادة المشرفين
على دمائهم المهدورة غالباً، والابتسامات التي تعلو شفاه المحتفين بشهدائهم: أبناء،
أخوة، آباء، وكأن روجآفا في عرس مفتوح على مدار الساعة، سوى أن لقاء العروسين
إجمالاً موجَّه به إلى ” الجنّة ” الكردية.
كل عام، وفي روجآفا، يختفي سماع من
يحلف بدم الشهيد أو الشهداء ” BI xwîna Sehîdan “، ليس تقليلاً من ” دم الشهيد/
الشهداء ” إطلاقاً، إنما لأن طعن الوريد الرئيس في الجسد الكردي يتم باحتفالية
مستمرة باسم كرد وكردستان، ويكاد أن يأتي على كل نبض حياة فيه، ولكَم صار دم الكردي
للكردية ” ميَّة “.
كل عام، وروجآفا أكثر تناسقاً مع نفسها، أقل اضطراباً في
نفسها، أعم سلاماً لنفسها، بانحسار صدى” رفيق- رفيقة: hevalo- Hevalê “، ليس كرهاً
في المفردة أبداً، إنما لأن وراء المفردتين في التذكير والتأنيث عدَمْنا حضورهما
الفعلي معاً، وأصبحت المفردة استدراجاً للكردية وتنخيسها في سوق من ليس ”  hevalo-
Hevalê “، وتبخيسها حقها بالتالي في استعراضات دوَّارة.
كل عام، ويكون للكردية
شأن وعنوان لا يُقلقان بوقعهما لا الكردي ولا غير الكردي تعريفاً وحماية ورعاية
ودقة قانونية، خلاف الكردية في ” بيت الشعب: mala gel “، وهي الحقيقة الوحيدة خارج
المحتسَب لها، أي حين يؤسَر شعب كامل بين أربعة حيطان ، ويخضع لدورات تأهيل في
الكردية المطلوبة خارج سياقها ممن وضعوا أنفسهم خارج سياق المعهود تاريخياً.
كل
عام، والشوارع، كما هي الساحات العامة، كما هي الحدائق العامة خالية من الملثمين أو
المتربصين بكل حركة ذهاب وإياب كرديين بامتياز، تأكيداً على وجودهم رغم أنف كل كردي
لا يرضى بما يجري من عراضات برسم الكردية في جنبات روجآفا .
كل عام وتستعيد
الطرق سويتها دون حواجز ترفع من ضغط دم الكردي الكبير والصغير، لأسباب، يكون سؤال
الأمن الفعلي عرَضياً، وتستعيد المدينة ” قامشلو ” وغيرها وحدتها، وهي مقطعة
الأوصال، والبيوت تبكي أهلها، وهي مفرَّقة عن بعضها بعضاً لدواعي يستغربها جماد
المكان وبهيمة المكان ونبات المكان..
كل عام، وكرد روجآفا ومن في نطاق كرد
روجآفا من أهل روجآفا كذلك، أكثر قابلية للعودة إلى أهلهم المتبقين وقد فقدت أعينهم
سوادها بكاء، وبيوتهم التي كتم صمت المكان المريب أنفاسها وهي عرضة للمسّ بها
استيلاء أو احتواء أو إمحاء.
كل عام، وجِهات روجآفا القريبة والبعيدة أكثر
تصالحاً مع نفسها، أكثر انفتاحاً على بعضها بعضاً، أكثر شهية للسير أو التحرك فيها،
وهي محرَّرة من غرف التوقيف الطارئة، والسجون التي تضاف إلى سجون النظام تأكيداً
على أن كرداً لنا لا يقلُّون خبرة عن المعنيين بأمور العقاب والتأديب الكردييّ
الطابع، والاستجواب الكردي الطابع والقتل عند اللزوم الخاص، الكردي الطابع أيضاً،
بإقرار من مفتيي العقاب العارضين، وما تكونه جناية الكردي من قبل نظيره..
كل
عام،والكردية خارج غرفة العناية المشددة في كل ما يصلها بالكردية المصدومة بأولي
أمرها أو من قرَّروا أن يكونوا كذلك حتى لو كانت نهايتها أمام امتحان تاريخ مقرَّر
خارجاً.
كل عام، والكردية في روجآفا تلتقط أنفاسها المتبقية، وتستعيد وجهها الذي
كان، وروحها التي كانت، وظلها الذي كان، وألمها الذي كان يمنحها عزيمة تمايز كردية
أكثر، وانطلاقتها التي كانت، رغم وجع ما كانت تعيشه، سوى أنه لم يكن في مقام توجيه
طعان الكردي إلى الكردي، وتربص الكردي للكردي، وتقزيم الكردي بالكردي ممن يعتبرون
أنفسهم القيمين على الكردي، كما هو جار الآن على قدم وساق في
روجآآآآآآآآآفا..
دهوك في 31 كانون الأول 2015

 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف لقطات من المسافة صفر: يقف عند باب منزله في الشيخ مقصود، ذات صباح أسود، وهو يحدق في الجدران التي شهدت تفاصيل حياته. على هذا الحائط علّق صورة عائلته الصغيرة، وعلى ذاك الركن كانت أول خطوات طفله. كل شيء هنا يروي حكاية وجوده، لكن اللحظة الآن تعني الفقد. جمع بضع” حاجيات” في حقيبة مهترئة، نظراته ممتلئة بالحزن، وكأنها تقول…

عبدالرحمن كلو يبدو أن منطقة الشرق الأوسط أمام معادلة توازنية جديدة وخارطة علاقات أساسها أنقاض المشروع الشيعي العقائدي المهزوم. ويمكن تسمية المرحلة على أنها مرحلة ما بعد هزيمة دولة ولاية الفقيه. فحرب غزة التي أشعلتها إيران نيرانها أشعلت المنطقة برمتها، ولم تنتهِ بصفقة أو صفقات كما توقع البعض، إذ خابت كل التوقعات والمراهنات بما في ذلك مراهنات البيت…

قهرمان مرعان آغا تقع موصل على خط العرض 36.35 على إمتداد إحداثيات موقع حلب 36.20 بالنسبة للحدود السياسية التركية جنوباً ، والنظر إلى الخريطة تفيد إنها تقع على خط نظري واحد و تعتبر تركيا هذه المساحات مجالها الحيوي منذ تشكلها كدولة إشكالية سواء من حيث الجغرافيا أو السكان وتتذرع بحماية بأمنها القومي و ضرورة رسم منطقة آمنة لها ، لكنها…

إبراهيم اليوسف إلى أين نحن ذاهبون؟ في الحرب الغامضة! ها نحن نقف على حافة التحول المباغت أو داخل لجته، في عالم يغمره الغموض والخداع، في مواجهة أحداث تُحاك خيوطها في غرف مغلقة لا يدخلها إلا قلة قليلة. هذا الزمن، بملامحه الغامضة، رغم توافر أسباب وضوح حبة الرمل في قيعان البحار، ما يجعلنا شهودًا على مأساة متكررة…