سليم عمر
الذين اختبروا تركيبة النظام السوري و آلية العمل و الحركة و اتخاذ القرار فيه يعرفون جيدا أن الأجهزة الأمنية بفروعها
المتعددة و بصلاحياتها اللامحدودة تتدخل في كل شاردة و واردة في هذا البلد ، و أن كل صغيرة و كبيرة فيه تجري تحت أبصارها و أن أي عامل في دوائر هذه الدولة علا شأنه
أو صغر لا يتحرك من هذا الموقع إلى موقع آخر إلا بموافقة أمنية و قبل ذلك فإن الإنسان
السوري لا يجد له مكانا في مؤسسات هذه الدولة و في دوائرها و في مواقع المسؤولية
فيها بدون موافقة تلك الأجهزة ، و أنه عليه أن يثبت ولاءه للنظام إذا أراد تسلم
وظيفة رفيعة في هذا البلد و أنّ تدرّجه في المسؤولية مرهون بالدرجة التي يثبت فيها
ولاءه للنظام و لقمّة الهرم فيه تحديدا .
رياض حجاب أصبح رئيسا للوزراء في سوريا بعد
اندلاع الثورة السورية بعام أو يزيد ، و تحديدا في السادس من الشهر السادس من عام
ألفين و اثني عشر ، و قد تدرج في مناصب مختلفة قبل أن يتسلم هذا المنصب الرفيع ،
فقد كان أمينا لفرع الطلبة في دير الزور و أصبح أمينا لفرع حزب البعث في نفس
المدينة ، و فيما بعدُ أصبح محافظا لعدد من المحافظات السورية و أخيرا أصبح رئيسا
للوزراء ، و لسنا في حاجة لأن نذكر بأنه ما كان للرجل أن يتدرج في مواقع المسؤولية
تلك من غير اختبار و من غير دراسة دقيقة لسجله و لخلفياته و لحركاته و لسكناته ، و
بأن الاختيار لم يقع عليه ليكون واجهة للنظام إلا بعد أن أبدى ولاءه المطلق
لسياسات النظام و لتركيبته و لتوجهاته و لعلاقاته و لممارساته و بأنه كان جزءا من
كل ذلك و بأنه كان شريكا في كل ذلك و طوال المدة التي تولى فيها مسؤولياته في هذا
الموقع أو ذاك ، و فجأة انشق رياض حجاب عن النظام الذي بقي يخدمه بإخلاص طوال عقود
، و بين ليلة و ضحاها انتقل الرجل من الموالاة إلى المعارضة ، و طرح الكثيرون حينها
تساؤلات عن خفايا هذا الحدث ، و في بلد تتحكم فيه الأجهزة الأمنية في كل مفاصله
فإن من الصعب عليك أن تعثر على الحقيقة في وقتها ، ربما تكشف لنا الأيام ما عجزنا
عن فهمه في وقت من الأوقات ، إلا أن الشكوك ستظل تحوم حول خلفيات انشقاق رياض حجاب
، و فيما إذا كان قد تم كل شيئ تحت سمع و بصيرة الأجهزة الأمنية أو أن الرجل أخذته
النخوة و انتصر لمدينته دير الزور و لأهلها و قد اشتدت عليها حملة النظام وقتها و
دمرت فيها كل جوانب الحياة ، و سواء أكان انشقاق رياض حجاب لهذه الأسباب أو لتلك
فإن طموحات الرجل لم تنته عند ذلك ، و إذا كان قد أتقن السير بين ألغام النظام و
استطاع تجاوز كمائن أجهزته الأمنية و تمكن من الوصول إلى قيادة وزارته ، فإن من
السهل عليه أن يشق طريقه بين معارضة افتقرت إلى الخبرة و إلى وحدة الموقف ، و
تعددت منها المنابت و المشارب ، فاستلم قيادها و أمسك بناصيتها و أصبح المسؤول عن
إدارتها و توجيهها في مفاوضات مرتقبة بين النظام و معارضيه ، و لو قُدر و سارت
الأمور بالطريقة التي يتم التداول بشأنها فإن النظام السوري سيجدُ أنه يحاور نفسه ،
و سنرى أن ثقافة البعث و إيديولوجيته تقفان على طرفي طاولة الحوار ، و أن على
الشعب السوري أن يختار بين بعث الموالاة و بعث المعارضة ، تماما كما حصل لسكان
قرية من قرى ديركا حمكو .
اندلاع الثورة السورية بعام أو يزيد ، و تحديدا في السادس من الشهر السادس من عام
ألفين و اثني عشر ، و قد تدرج في مناصب مختلفة قبل أن يتسلم هذا المنصب الرفيع ،
فقد كان أمينا لفرع الطلبة في دير الزور و أصبح أمينا لفرع حزب البعث في نفس
المدينة ، و فيما بعدُ أصبح محافظا لعدد من المحافظات السورية و أخيرا أصبح رئيسا
للوزراء ، و لسنا في حاجة لأن نذكر بأنه ما كان للرجل أن يتدرج في مواقع المسؤولية
تلك من غير اختبار و من غير دراسة دقيقة لسجله و لخلفياته و لحركاته و لسكناته ، و
بأن الاختيار لم يقع عليه ليكون واجهة للنظام إلا بعد أن أبدى ولاءه المطلق
لسياسات النظام و لتركيبته و لتوجهاته و لعلاقاته و لممارساته و بأنه كان جزءا من
كل ذلك و بأنه كان شريكا في كل ذلك و طوال المدة التي تولى فيها مسؤولياته في هذا
الموقع أو ذاك ، و فجأة انشق رياض حجاب عن النظام الذي بقي يخدمه بإخلاص طوال عقود
، و بين ليلة و ضحاها انتقل الرجل من الموالاة إلى المعارضة ، و طرح الكثيرون حينها
تساؤلات عن خفايا هذا الحدث ، و في بلد تتحكم فيه الأجهزة الأمنية في كل مفاصله
فإن من الصعب عليك أن تعثر على الحقيقة في وقتها ، ربما تكشف لنا الأيام ما عجزنا
عن فهمه في وقت من الأوقات ، إلا أن الشكوك ستظل تحوم حول خلفيات انشقاق رياض حجاب
، و فيما إذا كان قد تم كل شيئ تحت سمع و بصيرة الأجهزة الأمنية أو أن الرجل أخذته
النخوة و انتصر لمدينته دير الزور و لأهلها و قد اشتدت عليها حملة النظام وقتها و
دمرت فيها كل جوانب الحياة ، و سواء أكان انشقاق رياض حجاب لهذه الأسباب أو لتلك
فإن طموحات الرجل لم تنته عند ذلك ، و إذا كان قد أتقن السير بين ألغام النظام و
استطاع تجاوز كمائن أجهزته الأمنية و تمكن من الوصول إلى قيادة وزارته ، فإن من
السهل عليه أن يشق طريقه بين معارضة افتقرت إلى الخبرة و إلى وحدة الموقف ، و
تعددت منها المنابت و المشارب ، فاستلم قيادها و أمسك بناصيتها و أصبح المسؤول عن
إدارتها و توجيهها في مفاوضات مرتقبة بين النظام و معارضيه ، و لو قُدر و سارت
الأمور بالطريقة التي يتم التداول بشأنها فإن النظام السوري سيجدُ أنه يحاور نفسه ،
و سنرى أن ثقافة البعث و إيديولوجيته تقفان على طرفي طاولة الحوار ، و أن على
الشعب السوري أن يختار بين بعث الموالاة و بعث المعارضة ، تماما كما حصل لسكان
قرية من قرى ديركا حمكو .
تقول الحكاية إن سكان قرية مسيحية ضاقوا ذرعا
بتصرفات قس كنيستهم حنا ، و أنهم و لكي يتخلصوا من جوْره قرروا الذهاب إلى قرية
مجاورة ، ليشهروا إسلامهم على يد إمامها ، و يبدو أن القس حنا قد تناهى إليه الخبر
فسبقهم إلى الإمام و أعلن إسلامه و أطلق عليه الإمام اسم محمد ، و لحقت به رعيته
فأشهرت إسلامها ، و لدى وداعهم قال لهم الإمام إنني قد وكّلت عليكم الإمام محمد
يؤمكم و يدير شؤونكم ، و في طريق العودة التفت إليهم الرجل و قال لهم : و الآن
ماذا أنتم فاعلون ؟ عليكم أن تختاروا … تريدون الإسلام فأنا الإمام محمد ، و
تريدون المسيحية فأنا القس حنا .
بتصرفات قس كنيستهم حنا ، و أنهم و لكي يتخلصوا من جوْره قرروا الذهاب إلى قرية
مجاورة ، ليشهروا إسلامهم على يد إمامها ، و يبدو أن القس حنا قد تناهى إليه الخبر
فسبقهم إلى الإمام و أعلن إسلامه و أطلق عليه الإمام اسم محمد ، و لحقت به رعيته
فأشهرت إسلامها ، و لدى وداعهم قال لهم الإمام إنني قد وكّلت عليكم الإمام محمد
يؤمكم و يدير شؤونكم ، و في طريق العودة التفت إليهم الرجل و قال لهم : و الآن
ماذا أنتم فاعلون ؟ عليكم أن تختاروا … تريدون الإسلام فأنا الإمام محمد ، و
تريدون المسيحية فأنا القس حنا .