قراءة في مقاييس الرياض باختيار «المعارضين»

 

صلاح بدرالدين

 

  لاشك أن المسؤلين
السعوديين التزموا في دعواتهم لمشاركة – المعارضين – السوريين في مؤتمر الرياض
المزمع عقده يومي الثامن والتاسع الجاري بمواصفات اجتماع فيينا2 حول سوريا الذي جمع
كل الفرقاء المعنيين (باستثناء السوريين) بهدف التوصل الى توافقات تحفظ مصالح القوى
الأكبر وخصوصا أمريكا وروسيا ومن في فلكهما والى جانبهما من دول العالم والاقليم
ليس من أجل تلبية ارادة غالبية السوريين ونصرة ثورتهم بل لتجميد المواجهة العسكرية
مع النظام بذريعة التفرغ لارهابيي – داعش –  وقد ظهر العامل الروسي بقوة (أمام
التراجع الأمريكي) في رسم واقرارتفاصيل الملف بمداولات فيينا واخضاعه للمقايضة مع
الملفات اليمنية والايرانية واللبنانية والاسرائيلية مما سيدفع اجتماع الرياض
المنعقد تحت سقف فيينا باتجاه قبول نظام الأسد في أي حل مستقبلي بخلاف ماتدعو اليه
الثورة السورية .

 

  لست هنا في معرض التشكيك بنوايا (أصدقاء الشعب السوري !) تجاه مصير بلادنا
وشعبناوخصوصا دولة المملكة العربية السعودية التي كانت لها مواقف سياسية مميزة منذ
اندلاع الثورة السورية بل أعود وأكرر القول بأن السبب الرئيسي والأهم في التراجعات
الحاصلة هو الميزان الداخلي وتحديدا العامل الذاتي الذي أشرنا اليه بتقصير قوى
الثورة والثوار في اعادة البناء والهيكلة وانجاز مهمة عقد المؤتمر الوطني السوري
الشامل لصياغة البرنامج السياسي الانقاذي وانتخاب المجلس السياسي – العسكري لقيادة
المرحلة ومواجهة تحديات الحرب والسلام مما أفسح المجال لنمو – معارضات – هزيلة
تابعة أخفقت في تمثيل أهداف الثورة وروحها .
   راهنية المشهد السوري
المعارض
   أولا – ثورة مندلعة منذ خمسة أعوام تحت شعار اسقاط النظام وتتكون
ميدانيا من بقايا تشكيلات الجيش الحر وفصائل اسلامية خرجت منها أو ظهرت الى جانبها
تتباين في مواقفها من أهداف الثورة والنظام والمستقبل السوري بين من يعمل في اطار
الالتزام بأهداف الثورة (اسقاط النظام واجراء التغيير الديموقراطي) وبين من يدعو
أيضا الى اسقاط النظام ولكن ببديل اسلامي ومن الجائز التعاون بين الجانبين حتى
منتصف الطريق .
   القسم الأكبر من تشكيلات وضباط الجيش الحر يعاني العوز
والحاجة والتجاهل ماعدا قلة قليلة بالاضافة الى الفصائل الاسلامية تتلقى مساعدات
مالية وتسليحية ولوجستية من العواصم الخليجية وبعض دول الجوار لاترقى طبعا الى درجة
تحقيق النصر على جبهة النظام وأعوانه ولكن قد تفي بغرض تأمين الموالاة لها وحمل
أجندتها ولذلك تمت دعوتها الى اجتماع الرياض .
 ثانيا – كيانات المعارضة من
(المجلس والائتلاف) و (هيئة التنسيق) والكتل والجماعات الأخرى من مختلف المكونات
القومية والدينية والمذهبية ومن ضمنها الأحزاب الكردية التي تعبر بحق عن الأنماط
السياسية التقليدية في المجتمع ومنتهية الصلاحية لاتجتمع على موقف موحد وتتنازعها
آراء ورؤا بين من أقرب الى أهداف الثورة أو الى مشروع النظام ولكن بشكل عام تتناغم
مع مشروع النظام العربي الرسمي والاقليمي والدولي في ايجاد الحلول الوسطى والتصالح
مع النظام القائم مع الرموز أو بدونهم .
   وقد تمت دعوتها الى اجتماع الرياض
عبر قوائم مجهزة من الأطراف الدولية والاقليمية تكاد تكون متشابهة ومداخلات
واملاءات في اللحظات الأخيرة  .
 ثالثا – الكتلة التاريخية الأوسع من أصحاب
المشروع الثوري ومتصدري التظاهرات الاحتجاجية وتنسيقيات الشباب والخط الوطني الثوري
العام الذي انبثق من عملية التحام الرواد الأوائل من ضباط وأفراد الجيش الحر الذين
انضموا مبكرا الى صفوف الشعب الثائرمع الحراك المدني الشعبي وماانبثق عنها من
منظمات المجتمع المدني والمنابر الاعلامية والشخصيات الفكرية والثقافية المناضلة
هذه الكتلة التي تعبر عن طموحات ومصالح الغالبية الساحقة من كل المكونات في الصف
الوطني المناهض للنظام ولها مآخذ جادة وجوهرية على أداء بعض قوى الثورة وجميع أطراف
– المعارضات – هي من تحمل مشروع الثورة وأهدافها وكانت ومازالت تعمل من أجل اعادة
بناء كيان وأدوات الثورة وهيكلة الجسم الرئيسي من تشكيلات الجيش الحر وانجاز
المؤتمر الوطني السوري العام للخروج ببرنامج سياسي انقاذي مرحلي ومجلس سياسي –
عسكري لقيادة المرحلة وتحقيق أهداف الثورة ومواجهة تحديات المواجهة والسلام .
   طبعا لم يكن من المنتظر دعوة أية مجموعة أو فرد من هذه الكتلة التاريخية الى اجتماع
الرياض وهذا ماحصل .
  واقتصرت دعوة الموالين لتحالف (النظام وايران وروسيا) على
الحركة السياسية من مجموعات وأحزاب وأفراد واستبعدت القوى والجماعات المسلحة مثل
التابعة ل – ب ي د – بمختلف مسمياتها الكردية والعربية والمسيحية التي تصنف كتابعة
للنظام ومعادية للثورة وقد يكون من شأن ذلك تعميق عزلة هذه الجماعة أكثر واندفاعها
نحو المزيد من الالتصاق بمشروع وخطط المحور الثلاثي وازدياد تسلط التيارات المرتبطة
بالدوائر السورية – الايرانية الأكثر تشددا والرافضة للعمل الوطني الكردي السوري
المشترك وحتى امكانية الاقدام على حماقات في الساحتين الكردية السورية والوطنية
العامة مع احتمال حدوث انشقاقات داخلية .
  لم تتم دعوة لا كرد الكتلة التاريخية
ولا الكرد عموما كطرف سياسي (منفردين أو موحدين) واذا كان الأولون لم يكونوا بوارد
انتظار الدعوات لأسباب سياسية ومبدئية فان الأخيرين الذين وجدوا موقعهم الى جانب
المشاركين قد فشلوا حتى في تحسين شروط الحضور الكردي وأضافوا بذلك سقطة أخرى الى
سجلهم المليء بالاخفاقات واضاعة الفرص .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…