عبدالباسط سيدا: حزب ب ي د استولى على كوردستان سوريا بدعم من النظام

حاوره: عمر كوجري
 
قال د. عبدالباسط سيدا الرئيس الأسبق للمجلس الوطني السوري، وعضو الائتلاف
السوري حالياً إن النظام حاول أن يبعد الكورد عن الثورة بكل السبل، كما حاول ابعاد
العلويين والمسيحيين، ما عدا المكون العربي السني ليصور المسألة بأنه لا توجد ثورة،
وليوحي أن هناك صراعاً بين الجماعات الاصولية المتشددة والنظام العلماني في سوريا.
ونحن على المستوى الكوردي عملنا الكثير خاصة أن الكورد قد عانوا كثيرا من هذا
النظام، ولا ننسى أن هذا النظام هو من ألحق بالكرد أفدح الاضرار.
حول الكورد
والمعارضة السورية والنظام السوري ومستقبل سوريا، كان لصحيفة” كوردستان” هذا الحوار
مع د. سيدا.

 

* قلتم في العام 2012 إن نظام الأسد يتهاوى، وبدأت مرحلة السقوط الحاسمة،
على ماذا استندتم في قراءتكم تلك؟
كنا نستند إلى
الحقائق على الأرض في ذلك الحين، النظام كان يتراجع في مختلف المناطق، الانشقاقات
كانت في ذروتها، حتى أن رئيس الوزراء” نفسه كان قد انشق عن النظام إلى جانب أعداد
كبيرة من الضباط والجنود لكن حلفاء النظام ساعدوه، خاصة ايران وروسيا تدخلوا بكل
طاقاتهم، في حين أن أصدقاء الشعب السوري لم يقدّموا إلا النذر اليسير مما كانوا قد
وعدوا به.

 

* هل أفهم من كلامك أن اصدقاء
النظام كانوا مخلصين له، بينما أصدقاء الشعب السوري لم يكونوا بذاك
المستوى؟

 

هذا ما كان عليه واقع الحال، لا أقول أن أصدقاء النظام كانوا
مخلصين، لكنهم كانوا ملتزمين معه حتى النهاية، تعلم جيداً أن إيران قد استقدمت
الحرس الثوري وقوات حزب الله الشيعية إلى جانب الفصائل العراقية الشيعية، وروسيا
أمدت النظام بكل أنواع الأسلحة والتغطية عليه سياسياً في أكثر من فيتو لصالح النظام
السوري. في حين أن اصدقاءنا لم يدعموا الجيش الحر كما يجب. حينئذ لم يكن هناك أي
إرهاب، لم تكن هناك جبهة النصرة ولا داعش، لكن التلكؤ في تقديم المساعدة للجيش
الحر، أدى الى الوضع الذي نعرفه جميعاً.

 

*
– ولكن، الكثير من الدول” الصديقة” تنظر بعين الريبة للجيش الحر. فليست هناك مرجعية
موحدة لهذا الجيش، وكل فصيل تابع لدولة معينة.

 

الواقع الحالي يتطابق مع
هذا التوصيف بكل أسف، لكن في عام 2012 كانت هناك جهود كبيرة لتبني الجيش الحر، كانت
لنا لقاءات مطولة مع قادة الجيش الحر حتى أننا زرنا المجالس العسكرية، وقمنا بزيارة
للداخل والتقينا بقيادتهم، لكن عدم تقديم الدعم المطلوب أدى لتشكل قوى أخرى، تعتمد
على تمويل خارج نطاق المجلس الوطني السوري، وبالتالي أصبحت هناك حال من
الفوضى.

 

* – قلت قبل عام إن الثورة
السورية تعيش الراهنة المرحلة الأصعب من مراحلها الصعبة أصلاً، ماذا تقول عن
النجاحات التي حققتها بعض فصائل الجيش الحر مؤخراً إلى درجة التدخل الروسي بالثقل
العسكري.

 

طبعاً هناك من يشكك دائماً بقوى المعارضة، يقولون إن إمكانيات
الجيش الحر ضعيفة بالتالي ان المسائل ستحسم، لكن النظام وحلفاءه لم يتمكنوا من
تحقيق تقدم نوعي حتى بعد التدخل الروسي، النظام تدخل بكل قوة، ولم يوفّر سلاحاً ألا
واستخدمه لكن، لم يتمكن من تحقيق أي تقدم حقيقي سوى أنهم دمروا البلد، اعتمد النظام
على قوات حزب الله والفصائل العراقية والحرس الثوري الايراني، والآن روسيا كدولة
عظمى تتدخل بطيرانها الحربي وبصواريخها الباليستية، المعطيات على الارض تبين ان
النظام لم يحقق تقدماً نوعياً في أية منطقة في سوريا، الشعب السوري يدافع وهو مؤمن
بقضيته في حين أن القوى الاخرى تدافع عن مصالحها.

 

* – تزور كوردستان العراق بشكل دوري، ماهي مآلات هذه
الزيارات، وهل لها طابع شخصي؟ هل هناك نية من تشكيل حزب؟ هل سيكون له طابع كردي أو
سوري؟

 

بالنسبة لزياراتنا للإخوة في كوردستان العراق، نحن على تواصل
مستمر، سواء خلال الزيارات، أو في أماكن إقاماتنا، منذ اليوم الأول نسقنا معاً،
نتشاور، ونتحاور لأن مصلحتنا جميعاً تتطلب ضرورة التواصل.
بالنسبة لوضعي الشخصي،
أنا كنت في حزب كوردي كما تعلم، وكنت في قيادة هذا الحزب حينما كانت هذه الأحزاب
حقيقية وفاعلة، تركت العمل الحزبي لأنه برأيي لا يرتقي لمستوى تطلعات الشعب الكوردي
في سوريا، أعتقد أننا بحاجة لمشروع يكون قادراً على ضم الطاقات هناك طاقات كبيرة
خارج نطاق الأحزاب الكوردية شبابية أكاديمية فاعلة، حاليا لدينا تواصل مع الكثير من
الأوساط الشبابية سواء في داخل الوطن او خارج الوطن. وحتى في كوردستان العراق
وتركيا، لكن نحن نرى حقيقة أن المسألة الكوردية في سوريا تعالج ضمن إطار المشروع
الوطني السوري، لذلك التواصل مع القوى السورية ضروري وهام، والتركيز على الخصوصية
الكوردية هو الآخر ضروري، بمعنى نعمل عليه والاقرار بحقوق الشعب الكوردي ضمن إطار
الدستور السوري مستقبلاً. ضمن إطار المشروع الوطني لسوريا المستقبل.

 

* – كيف تقرأ النجاحات التي حققتها قوات البيشمركة
بقيادة الرئيس مسعود بارزان في شنكال مؤخراً؟

 

هذه النجاحات هي موضع
اعتزاز كل كوردي، والرئيس مسعود بارزاني أثبت بأنه القائد الذي ترك كرسي الرئاسة،
وتوجه لجبهات القتال، وهذه نماذج نادرة في عالم اليوم تذكرنا بقيادات عسكرية أيام
الحرب العالمية الثانية، وأثبت قدراته في الميدان، وفي العمل السياسي يتصف ببعد نظر
وحكمة، والجميع يشهد له، تضحيات البيشمركة الابطال الى جانب صبر شعبنا الكوردي في
سبيل بناء مستقبله السياسي القادم جلب النصر لأهلنا في كوردستان العراق.

 

*- كنت رئيسا للمجلس الوطني السوري، هل كان لك دور في
التقارب بين المكون الكوردي والمكون السوري عامة؟

 

دائما كنا نعمل في
هذا الاتجاه لقناعتي الشخصية بأن النظام حاول أن يبعد الكورد عن الثورة بكل السبل
كما حاول ابعاد العلويين والمسيحيين، ما عدا المكون العربي السني ليصور المسألة
بأنه لا توجد ثورة، وليوحي بأن هناك صراعاً بين الجماعات الاصولية المتشددة والنظام
العلماني في سوريا. نحن على المستوى الكوردي عملنا الكثير، خاصة ان الكورد قد عانوا
كثيراً من هذا النظام، لا ننسى أن هذا النظام هو من ألحق بالكرد أفدح الأضرار.
ويتعامل مع المناطق الكوردية كأنها مناطق احتلال، بشار الأسد بعد انتفاضة قامشلو
عام 2004 هو الذي طبق مرسوم 49 على المناطق الكوردية التي حولها إلى مناطق مشلولة،
قطع الطريق أمام قطاع البناء حيث أن العقارات جميعها وترميم المنازل كلها خضعت
لموافقات أمنية كان من المستحيل الحصول عليها.
وهذا ما دفع الشباب الكوردي إلى
مغادرة الوطن، كل الطرق كانت مسدودة في وجوههم، لهذا يفترض بأية انتفاضة أو ثورة ضد
نظام بشار الأسد أن يكون الكورد في المقدمة. يبدو أن النظام نجح في إبعاد الحركة
السياسية الكوردية في الميدان.

 

*- ما
المقصود؟ ومن المقصود بقولك بأن النظام قد نجح في تحييد الكورد؟

 

نحن
إذا لم نجر توصيفاً دقيقاً لوضعنا سنرتكب أخطاء كثيرة، مثلاً: حزب ب ي د بالأساس
قبل الثورة كان ضعيفاً لأبعد الحدود، وعاد الى مناطق كوردستان سوريا بناء على اتفاق
مع النظام، الملاحظ ان الجميع يتهرب من تحديد ومقاربة هذا الكلام، هذا الحزب تسلم
المناطق الكوردية من النظام في سبيل منع أي حركة داعمة للثورة السورية، هذ ما فعلوه
في كوباني وعفرين والجزيرة ومجزرة عامودا، بالنسبة للمجلس الوطني الكوردي ارتكب
الكثير من الأخطاء، هناك عدم توافق على الرؤية السياسية، وهذا ما شجّع حزب ب ي
للاستيلاء كوردستان سوريا بدعم من النظام وحلفائه، هو الآن “ضبط” المنطقة، ولا يرفع
شعارات قومية، وحينما يجتمع مع المكونات غير الكوردية في سوريا، يقول إنه ليست لديه
مطالب قومية، بل يتهم المجلس الكوردي بأنه انفصالي. ويركز على الحقوق الكوردية، لكن
هذه السياسة مآلها الفشل ولو بعد حين.
المشكلة في المجلس الكوردي الذي لم يتمكن
من تحقيق البديل، كما أن قيادات المجلس لم يتمكوا ان يكونوا القدوة
المعتمدة.

 

* – الحراك الدولي حالياً بخصوص
سوريا، هل يمكن أن يفضي لحل سياسي قريب. وهل أنتم بقاء النظام في مرحلة انتقالية
مقبلة؟ 

 

رأس النظام لسنا مع بقائه أبداً، الحراك الدولي كان يدير
الأزمة، وليس حلها، المعالجة لم تكن ناجعة، بعد التدخل الروسي هناك حركة نحن
نتابعها تعقد اجتماعات والجميع في انتظار اجتماع الرياض لتحديد وفد
المعارضة.
*- هل سيشارك الائتلاف في لقاءات فيينا؟
جرت مباحثات، كان
لدينا وفد في فيينا لم يشارك في الاجتماع الرئيسي الذي كان بين دول، كانت لدينا
أطراف فاعلة اجتمعنا معها وقد عبرنا عن وجهة نظرنا، الائتلاف رغم كل عيوبه، يظل
المؤسسة الاكثر تمثيلاً وتنوعاً مقارنة مع سائر المعارضة.

 

* – ألا ترى أن الائتلاف فاقد البريق دولياً، ووضعه
الحالي في تراجع واضح، هل هناك نية تشكيل جسم سياسي جديد للمعارضة
السورية؟

 

حتى الآن لا يبدو في الافق، أن هناك جسماً سياسياً مرتقباً،
حتى اجتماع الرياض لم يخرج بشيء مما قلت أنت، عوامل ضعف الائتلاف كثيرة، الائتلاف
لم يحصل على الدعم المطلوب وتشكيلته خضعت لمعايير غير سليمة، في المجلس الوطني
السوري كانت الأمور أفضل بكثير.
نحن ننتقد ترهل الائتلاف في العديد من القضايا،
لكنه يظل الجسم الاكثر تمثيلا وقدرة مقارنة مع بقية الاجسام الاخرى على التعبير عن
تطلعات الشعب السوري.
تركيا حاليا تشجع تشكيل ما يسمى جيش تركماني بين
جرابلس واعزاز، الا يساعد هذا على تشطير الكيان الكوردي في كوردستان
سوريا؟
تركيا دولة مهمة في المنطقة، ولها مصالح، التركمان كمكون موجود في سوريا،
نقر باطمئنان كل المكونات السورية، تركيا على تواصل مع التركمان، ولكنها ايضا على
تواصل مع القوى العربية والكوردية، ولكن تشكيل كيان كوردي هذه المسالة هناك من يدفع
بهذا الاتجاه على ارض الواقع الظروف الذاتية والموضوعية والظروف الاقليمية والدولية
غير متوفرة.
المسالة الكوردية تحل ضمن إطار المشروع الوطني السوري، مع الاقرار
بالخصوصية الكوردية والاتفاق على شكل من أشكال الإدارة الذاتية، هذه المسائل كيف
ستحل؟ بالتوافق على المبادئ، الوثيقة التي اتفق المجلس الكوردي مع الائتلاف تضع
الأسس لحل واقعي مستقبلي للقضية الكوردية.

 

*- كيف يمكن للمكون الكردي أن يكون متواجداً في
المباحثات بخصوص في فيينا بورقة كوردية مستقلة

؟
.

 

التمثيل الكوردي الكل يشدد عليه،
أنا سمعت هذا الموقف حتى من الجانب التركي نفسه بأن أي وفد، لا يشارك فيه الكورد لا
يمثل السوريين.
بالنسبة للوضع الكوردي، حاليا ضمن الائتلاف لدينا كتلة كوردية،
هذه الكتلة تضم ممثلي المجلس الوطني الى جانب ممثلي الكتلة الكوردية في المجلس
الوطني السوري. نحن ننسق معاً، القضايا السورية أيضاً تعنينا، لا بد أن نكون جزءاً
فاعلاً في مستقبل سوريا وسيكون لنا رأي في دمشق أيضاً، لابد أن نراعي هذه المسألة،
نركز الخصوصية الكوردية، ونحاول إنهاء كل مظاهر الاضطهاد ونتجاوز آثارها، لكن
بالوقت ذاته نتطلع، ونعمل بتفاعل مع المكونات الأخرى في إطار المشروع الذي سيكون
لمصلحة كل السوريين، نعني بذلك مستقبل سائر المكونات السورية.
صحيفة
“كوردستان”
العدد 525
1-1-2015

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

خالد بهلوي تحت شعار “وقف العنف والتهجير – العيش المشترك بسلام”، وبمبادرة من مجموعة نشطاء من الشابات والشباب الغيورين، شهدت مدينة إيسين الألمانية يوم 21 ديسمبر 2024 وقفة احتجاجية بارزة للتعبير عن رفض الاحتلال التركي والتهديدات والانتهاكات التي يتعرض لها الشعب الكردي المسالم. الحضور والمشاركة: حضر الفعالية أكثر من مائه شخصً من الأخوات والإخوة الكرد والألمان، إلى…

د. محمود عباس ستكثّف الولايات المتحدة وجودها العسكري في سوريا وستواصل دعمها لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) والإدارة الذاتية. تدرك تركيا هذه المعادلة جيدًا، وتعلم أن أي إدارة أمريكية قادمة، حتى وإن كانت بقيادة دونالد ترامب، لن تتخلى عن الكورد، لذلك، جاء تصريح أردوغان بعد عودته من مصر، ووزير خارجيته من دمشق اليوم كجزء من مناورة سياسية تهدف إلى تضليل الرأي…

شادي حاجي المرء لا يذهب إلى طاولة المفاوضات وهو خالي الوفاض وإنما يذهب وهو متمكن وقادر والمفاوض يكشف أوراقه تدريجياً تبعاً لسير العملية التفاوضية فعند كل منعطف صعب وشاق يقدم المفاوض بطريقة أو بأخرى معلومة ولو صغيرة حول قدراته على إيقاع الأذى بالطرف الآخر من أجل أن يكون مقنعاً فعليه أن يسأل عن مقومات الندية والتي تتركز على مسألة القوة…

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…