مناهج التعليم باللغة الكردية … بين الأدلجة و التسييس!

زاوية نقاط على حروف *

 

تحولت مناهج تعليم اللغة الكردية, التي أقرتها الإدارة الذاتية, للمرحلة الابتدائية, إلى موضوع خلافي في الشارع الكردي, بين رأي مؤيد وآخر معارض وثالث متردد, الباع الأطول في إثارة الموضوع كان للقيادات الحزبية, حتى قبل توفر المناهج والاطلاع على محتواها عن كثب, في حين أن أحقية التقييم تعود للتربويين وأهل الاختصاص ومؤسسات تعليم اللغة الكردية القائمة, من بينها مؤسسة تعليم وحماية اللغة الكردية في سوريا SPFZK التي يرعاها حزبنا, والتي بدأت عملها في ظروف الحظر والسرية, ولا زالت تستمر حتى الآن في تعليم أبنائنا وبناتنا لغتهم الأم بكادر متميز, وتحملت من أجل ذلك عناء الملاحقات والاعتقالات .

المدارس افتُتِحت وبُوشر التعليم وفق المناهج الجديدة, والجدال ما زال مستمراً
والتشكيك قائماً, من قبل جهات كردية سياسية, في تصعيد لافت, لدرجة أن البعض اتخذ من
موضوع المناهج مادة للاحتجاج والتظاهر, والبعض سوغها ذريعة للهجرة العائلية !
إذا كان لا بد من تمرير الموضوع عبر الفلترة الحزبية, وإخضاعه إلى تقييم سياسي,
فإننا لن نتوانى من جهتنا على تسجيل ملاحظاتنا التالية:
1- أطفالنا هم مستقبلنا,
فلننشئهم أحراراً قادرين على الاختيار, من الإجحاف أن نحرمهم من تنوع  المعارف
والأفكار والألوان, ونوجههم وفق مسار بعينه, وإذا كان لا بد من تقديم جرعات وطنية
للنشء الجديد, فمن الأجدر أن نقدمها دون تمجيد للأشخاص مهما علا شأنهم, وغير منحازة
لطرف مهما كان رصيده الوطني والقومي, لأننا نعتقد بأن أدلجة التعليم هي تقزيم
للطفولة وتشويه للمستقبل.
2- المواد والأفكار والمعارف التي تُقدم للطفل, من
خلال مناهج تعليمية, يجب تدقيقها واختيارها بشكل يتناسب مع العمر ودرجة الاستيعاب,
ليحبّب التلميذ بالمدرسة والمدرس وبالعلم، فيغدو متعلماً جيداً, في حين أن الكثير
من مواد المنهاج المقرر من قبل الإدارة الذاتية تعتبر عصية على الاستيعاب المطلوب –
بحسب أخصائيين – وتحتوي على أخطاء وأغلاط  في أكثر من مكان
3- الكادر التدريسي
لدى جميع الهيئات المعنية بالطفل في العالم, يخضع لتأهيل معرفي ومهني مناسب, وتتحقق
فيه شروط معينة تؤهله لموقع  المربي أو المدرس, في حين أن القسم الأكبر من المكلفين
من قبل الإدارة, هو كادر غير مؤهل علمياً ولا معرفياً, ولم يخضع لأي اختبار, وقسم
منه أمّي تماماً، تم إخضاعه لدورة هي الأخرى لم تكن مهنية بحتة لمدة شهر أو شهرين,
و أوكلت إليه مهمة التعليم, في حين أن المجتمع الكردي ككل يمتلك مئات الكوادر ولنقل
نماذج أفضل فيما لو أردنا إشراك الآخرين في أداء هذه المهمة الجليلة.
4- اعتماد
أسلوب التدريس الشفهي الارتجالي في العديد من المدارس بسبب عدم توفر المناهج
المقررة مطبوعة بالكميات الكافية من بداية العام الدراسي وكذلك بعض المستلزمات. كما
هناك إشكاليات إدارية وقانونية في مسألة منح الوثائق والانتقال من منطقة إلى
أخرى.
نحن لا ندعو إلى توقيف التعليم أو إلغاء المقررات باللغة الكردية كما ذهبت
إليه بعض الأطراف, ولا نبرر لأحد أن يتخذ من موضوع المناهج ذريعةً للهجرة أو سبباً
في زيادة الشرخ أو مادة للمزاودات السياسية والحزبية, المهم – من وجهة نظرنا –  أن
عملية التعليم لم تتوقف كما في الكثير من المدن والمناطق السورية, و ثمة جهة ترعاها
في زحمة المآسي التي تنهال على بلادنا, فهذه هي المرة الأولى التي يتم تدريس اللغة
الكردية في المدارس, والمقررات ليست أسوأ من مناهج النظام التي انتهلنا منها على
مدار عقود, إن لم تكن أفضل, لكننا ندعو إلى إعادة تصويب و تطوير هذه المهمة الحيوية
عبر الاستفادة القصوى من الإمكانات والخبرات المتوفرة في المجتمع, وإخراج العملية
من حاضنة حزب أو جهة سياسية وتحرير المناهج من  شرنقة الأدلجة.
* جريدة الوحـدة
– العدد / 267 / – تشرين أول 2015 – الجريدة المركزية لحزب الوحـدة الديمقراطي
الكردي في سوريا (يكيتي)

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…