هكذا نفهم السلام في سوريا

صلاح بدرالدين 

 لم تندلع الانتفاضة الثورية السورية السلمية في
ربيع 2011 طلبا للحروب والمواجهات بل جاءت لتقطع الطريق على مخطط التفتيت
والانقسام والفتنة داخل المجتمع وتستعيد الحرية والكرامة وتعيد بناء الدولة
الديموقراطية التعددية التشاركية لكل المكونات وتعدل موقع ودور سوريا حيث وضعها
النظام في خندق الممانعة ومستنقع الطائفية والارهاب ولتزيل أسباب الحرب الأهلية
والصراعات المذهبية والعنصرية التي أسس لها نظام الاستبداد منذ انقلاب آذار البعثي
بداية الستينات وحركة حافظ الأسد بعد نحو عقد منه فعندما استعر أوار الانتفاض
الشعبي كانت بلادنا على شفير الهاوية تتحكم بها الطغمة الفئوية المستغلة وتنهب
خيراتها وتحكم الشعب عبر وسائل القمع والمنع من جانب عشرات الأجهزة الأمنية ومؤسسة
عسكرية موالية للنظام وضد ارادة الغالبية الشعبية وضعت خصيصا لتأديب الشعب وليس
لاسترجاع الأراضي السليبة .
  السلام الذي تنشده الثورة منذ مايقارب الخمسة أعوام وقدمت في سبيله مئات آلاف
الشهداء وملايين الأسرى والمعتقلين والمهجرين والنازحين ويرفضه النظام ويحاربه بكل
آلته العسكرية وأجهزته الأمنية وميليشياته المذهبية وقطعان شبيحته ودواعشه وسائر
المجموعات الارهابية الأخرى يكمن في اعادة تقرير مصير البلاد الى ارادة الغالبية
الشعبية بالوسائل الديموقراطية وبضمانة أممية عبر مجلس الأمن بدلا من طغمة فئوية
مارقة متورطة في اهراق الدم السوري والخلاص من نظام القتل والاجرام والذي يجب أن
يحال الى المحاكم الوطنية والجنائية الدولية لينال جزاءه العادل .
  من الواضح
أن المجتمع الدولي من هيئة الأمم المتحدة الى الدول العظمى والكبرى والصغرى ودول
النظام العربي الرسمي والاقليمي وبينهم ( أصدقاء الشعب السوري ! ) وبأكثريتهم لم
يعيروا اهتماما بجوهر القضية السورية بماهي ثورة وطنية شعبية رديفة لحركة ثورات
الربيع في سائر أرجاء المنطقة ولم يصغوا الى موقف قوى الثورة والتغيير وبالتالي لم
يلبوا مطالب السوريين لتبديل موازين القوى على الأرض التي تحسم بنهاية الأمر
النتيجة السياسية وبالنهاية لم يتفهموا مضمون السلام السوري الحقيقي الذي سيكون في
حال تحققه لصالح الشعب السوري أولا ووحدة وطنه ولمصلحة الاستقرار والأمن الاقليميين
ويصب في مجرى محاربة الارهاب على الصعيد الدولي وتنظيف سوريا من بؤره الموزعة الآن
في بعض مناطقها .
  خلال أعوام من متابعة الأداء الخارجي حيال الملف السوري
نتوصل الى مدى الاستخفاف الدولي حول ثورات الربيع عموما والثورة السورية على وجه
الخصوص عندما تم تدليل النظام السوري وعدم معاقبته لا على ايغاله في القتل والاجرام
والتدمير والبراميل المتفجرة ولا لاستخدامه الأسلحة الكيمياوية ولا لانتهاكه سيادة
البلاد بجلب واستحضار الجماعات الارهابية والميليشيات المذهبية ولا لاستدعائه
التدخل الروسي العدواني السافر ولالتسليمه مصير ادارة الحكم الى جنرالات الولي
الفقيه لجمهورية ايران الاسلامية بل وخلافا لكل المبادىء الأخلاقية والانسانية يتم
مساواة الجلاد بالضحية في أكثر من محفل دولي .
  اذا كانت مقدمات اجتماعات جنيف
1 و 2 قد أفسحت المجال لبصيص أمل من أجل وقف المذابح على أقل تقدير الا ان اجتماعات
موسكو التي كانت ومازالت تتم خلسة وبالطرق الأمنية الباهتة بهدف انتهاك وحدة الصف
المعارض وتفتيت قوى الثورة واثارة البلبلة بين السوريين أظهرت مدى الحقد الروسي على
الشعب السوري ودرجة انتقامه العدائي وارتباط خططه بمشروع نظام الاستبداد واستخدام
سوريا كبلد ممرا ومقرا لصراعات طغمة موسكو المافيوية الحاكمة مع المراكز المالية
الأمريكية والأوروبية وأمام كل ذلك مازالت البقية الباقية من ( أحزابنا الشيوعية
العالمثالثية ) تعتقد أن لينين يقود روسيا ( السوفيتية ) حتى اللحظة .
  نتائج
اجتماعات فيينا 1 و 2 شكلت تراجعا واضحا عن سابقاتها في جنيف خاصة بعد ضغوط تفاعلات
تفجيرات باريس المخططة لها والمقررة كمايبدو أن تكون من جانب فرع داعش الايراني –
السوري – الروسي عشية لقاءات فيينا وأنتاليا ( قمة العشرين ) لأنه وبحسب المعلومات
والوقائع جرى التحضير لهجمات واسعة موجهة ضد ( أصدقاء الشعب السوري ) المفترضين من
فرنسا وبلجيكا وتركيا وانكلترا والسعودية وأمريكا للتأثير على مواقفهم في المحادثات
مما أفسح المجال تماما لعنجهية وتمادي الوفود الروسية الى درجة المضي في اقحام
أنفسهم بمهام تعريف الارهاب على الساحة السورية وتشخيص من هو معارض بحسب مفهومهم
المطابق لربيبتهم وطفلهم المدلل رأس نظام الاستبداد بدمشق .
  أمام تصريح –
بوتين – الاتهامي ” إن تمويل تنظيم “داعش” يأتي من 40 دولة بينهم دول من مجموعة
العشرين،” وسكوت الآخرين تختلط الأوراق في اللعبة من جديد خاصة أننا لم نسمع من
وفود ( الأصدقاء المفترضين ! ) جوابا يشفي الغليل مثل أن الارهابي الأكبر بعد
الخليفة والأسد هو القيصر الروسي الذي يشارك تحمل مسؤلية الدم السوري المراق .
   السلام السوري واضح ومعلوم للقاصي والداني أما مزاعم السلام من جانب روسيا
واللاعبين الدوليين الآخرين في الخارج فما هي الا نذر حروب طويلة لن تتوقف .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

خالد بهلوي تحت شعار “وقف العنف والتهجير – العيش المشترك بسلام”، وبمبادرة من مجموعة نشطاء من الشابات والشباب الغيورين، شهدت مدينة إيسين الألمانية يوم 21 ديسمبر 2024 وقفة احتجاجية بارزة للتعبير عن رفض الاحتلال التركي والتهديدات والانتهاكات التي يتعرض لها الشعب الكردي المسالم. الحضور والمشاركة: حضر الفعالية أكثر من مائه شخصً من الأخوات والإخوة الكرد والألمان، إلى…

د. محمود عباس ستكثّف الولايات المتحدة وجودها العسكري في سوريا وستواصل دعمها لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) والإدارة الذاتية. تدرك تركيا هذه المعادلة جيدًا، وتعلم أن أي إدارة أمريكية قادمة، حتى وإن كانت بقيادة دونالد ترامب، لن تتخلى عن الكورد، لذلك، جاء تصريح أردوغان بعد عودته من مصر، ووزير خارجيته من دمشق اليوم كجزء من مناورة سياسية تهدف إلى تضليل الرأي…

شادي حاجي المرء لا يذهب إلى طاولة المفاوضات وهو خالي الوفاض وإنما يذهب وهو متمكن وقادر والمفاوض يكشف أوراقه تدريجياً تبعاً لسير العملية التفاوضية فعند كل منعطف صعب وشاق يقدم المفاوض بطريقة أو بأخرى معلومة ولو صغيرة حول قدراته على إيقاع الأذى بالطرف الآخر من أجل أن يكون مقنعاً فعليه أن يسأل عن مقومات الندية والتي تتركز على مسألة القوة…

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…