اَلْفِدْرَاْلِيَّةُ هِيَّ اَلْحَلُّ اَلْاَمْثَّلْ سُوُرِيَّاً ….!!!!!

اكرم حسين 
 اثر معركة جالديران عام 1514 قسمت كوردستان بين الامبراطوريتين الصفوية
الفارسية والعثمانية ثم تلاها التقسيم الثاني لكوردستان “العثمانية “بموجب
اتفاقية سايكس نتيجة بيكو عام 1916،والحق قسم منها بالدولة السورية، عرف هذا الجزء
فيما بعد في الادبيات الحزبية الكوردية بـ” كوردستان سوريا ” ،و لهذين
التقسيمين وزعت اراضي كوردستان بين تركيا والعراق وايران وسوريا واضطر الكورد الى
اعادة تعريف “هوياتهم” بدلالة الدولة التي الحقوا بها والشعوب التي
تقطنها ،وقد تجاهلت الدولة السورية الناشئة في مسار تقدمها وتطورها الشعب الكوردي
في سوريا كشعب اصيل يعيش على ارضه وفي موطنه التاريخي كثقافة ولغة وحقوق، 
خاصة بعد سيطرة الديكتاتوريات على دست الحكم، بلغت ذروة هذا “التجاهل”  خلال حكم
البعث الفاشي بإصداره العديد من المراسيم والفرمانات كالتمييز في الوظائف، واجراء
احصاء جائر، ومصادرة الاراضي، ومرسوم منع التملك49، وممارسة التعريب والفصل من
الوظائف لاسباب سياسية، والتي استهدفت الكورد في وجودهم وهويتهم رغم كل ما قدموه من
تضحيات في سبيل استقلال وتحرر الدولة السورية وتقدمها الاقتصادي والاجتماعي
والثقافي، برزمنهم قادة ومثقفون امثال ابراهيم هنانو ويوسف العظمة واحمد البارافي
ومحمد كرد علي ومحمد علي العابد وممدوح سليم وعلي بوظو وغيرهم الكثير. لقد خلقت
اتفاقية  سايكس بيكو وما تلاها من سياسات اقصائية وعنصرية تجاه الكورد والمكونات
الاخرى، بلدانا هشة وغير متجانسة تفتقر الى الانسجام والتماسك، وتعاني منذ تشكلها
وحتى اليوم، مشكلات قومية ونزاعات حدودية( لواء اسكندرون مثالا)،وعدم اندماج وطني
وخلافات داخلية وخارجية، وبعد الممارسات البشعة للسلطان عبد الحميد الثاني وقوات
الاتحاد والترقي 1915-1923 شهدت كوردستان تركيا حالة نزوح وهجرة من الارمن والكورد
والسريان باتجاه مناطق كوردستان سوريا(الجزيرة )تبعها حركة نزوح ثانية بعد توقيع
معاهدة لوزان1923 وانهاء ما تم منحه في اتفاقية سيفر 1920للكورد والارمن من حقوق،
مما شكل مؤشرا لاحتمال او امكانية تكرار ما لحق بالكورد والارمن من اذى، وكانت
الهجرة الثالثة من كوردستان تركيا باتجاه كوردستان والتي يفصل بينهما الخط الحديدي
بعد فشل ثورة الشيخ سعيد1925هربا من القمع والاضهاد والنفي الى مناطق الداخل
التركي، كل ذلك ادى الى قيام شخصيات كوردية سورية وتركية وبعض الزعامات القبلية
التي تحمل ارثا نضاليا في مواجهة السلطات، الى تاسيس حركة خويبون القومية في صوفر
بلبنان 1927،ثم تأسس لاحقا الحزب الحزب الديمقراطي الكردستاني في سوريا 14 حزيران
1957 كتمثيل سياسي يدافع عن المصالح القومية والاجتماعية لكورد سوريا بعد تجاهل
واهمال مصالح وتطلعات هذه الشريحة الواسعة من الشعب السوري في برامج الاحزاب
الوطنية السورية (يسارية-قومية-دينية) وفشل الدولة في التعبير عن جوهرها كدولة
محايدة وعمومية، دولة لا تنتمي الى قومية او طائفة او طبقة او دين، دولة يندمج فيها
الكل الاجتماعي، اما اليوم ورغم كل ما جرى في سوريا وما احدثته الثورة من تغيير وما
افرزته من وقائع على الارض من عصبيات وتناحرات وصراعات وتفكك في بنية الاندماج
المجتمعي، فليس لدى السوريين من سبيل سوى العودة الى تكثيف اللقاءات والحوارات
والاتفاق على شكل الدولة القادمة، وصياغة  عقد اجتماعي جديد يحفظ للجميع الحرية
والكرامة وتكافؤ الفرص، عقد يعترف بالجميع ويحفظ حقوق الجميع افرادا ومكونات، وهذا
لا يمكن ان يتم الا من خلال اعادة النظر بالتقسيمات الادارية للدولة السورية
والاعتراف بحقوق المكونات المختلفة قومية كانت ام دينية، واعتماد الفدرالية نظاما
للحكم فيما لو اردنا ان تبقى سوريا بحدودها الراهنة، لان الاندماج الوطني لا يمكن
ان يتحقق في ظل القمع والاستبداد والتمييز والاقصاء واضهاد الاخر، فسوريا اليوم
باتت مقسمة في ظل سيطرة المجموعات المسلحة على اجزاء من اراضي الدولة ولكل منها
نظامها السياسي والاقتصادي والمالي وتتبع الى جهات محددة خارج الحدود لا علاقة لها
بالداخل السوري، فقد خضعت سوريا على مدى اكثر من أربعة عقود لهيمنة الفكر القومي
والبعثي العنصري والسياسات الفاشية المتطرفة في دعايتها  لأجيال مناهضة للشعب
الكوردي والقوميات الأخرى، وتحت شعارات ” الانفصال “ومحاولة” اقتطاع “جزء من
الاراضي السورية واتباعها لدولة اجنبية، ومؤخرا طلع علينا بعض المعارضين
الديمقراطين ممن اصبحوا “ملكيين ” اكثر من نظام البعث الفاشي السابق ومعادين
بالمطلق لفكرة انشاء كيان كوردي في سوريا  تحت عناوين “المواطنة” ووحدة سوريا “ارضا
وشعبا “والى ما هنالك من اختزال ونفي للتعدد القومي وهي عودة إلى سياسات النظام
السابق في نشر الكراهية والأحقاد بين الشعبين العربي والكوردي، فقبل عام 2011 كانت
مطالب الكورد بالاعتراف والمساواة بوجودهم والاندماج في اطار الهوية السورية تقابل
بالرفض وعدم القبول من قبل غلاة شوفينيي القومية السائدة، اما الان فهم من يلجأون
الى طرح ما كانوا يرفضونه سابقا لخوفهم من اقامة كيان كوردي بعد اختلال موازيين
القوى و سيطرة القوات الكوردية على معظم جغرافية كوردستان، فحق تقرير المصير للشعوب
والأمم  يعتبر اليوم أحد أهم المبادئ المتعارف عليها في القانون الدولي المعاصر
وركيزة لتنظيم العلاقات الدولية وعلى هذا الأساس فإن الدول التي تقتسم  كوردستان
اليوم قد ألزمت نفسها باحترام حق الشعب الكوردي في تقرير مصيره،بما فيه حقه
بالانفصال وتأسيس دولته المستقلة، او حرية الاختيار والإنضمام إلى أية دولة أخرى
باتحاد فيدرالي، شرط أن لا تخل بحقوق الأمم والقوميات الأخرى، لان هذه الدول أعضاء
في هيئة الأمم المتحدة!! وسيبقى طموح الشعب الكوردي في الوحدة وتأسيس كوردستان
الكبرى الحلم الأكبر بالنسبة له،ويجب ان يقف  إلى جانب نضاله وطموحه وخياراته
المشروعة، كل الديمقراطيين الحقيقيين المؤمنين بحق تقرير مصير الشعوب المنصوص عنه
بالإعلان العالمي الذي أقرته الأمم المتحدة عام 1948.        
    _________________________
نشرت في جريدة بوير برس العدد (31) تاريخ 15/11/2015

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…