» Pêsmerge »: الحقيقة الممنوعة من الصرف

 ابراهيم محمود

كانت Pêsmerge في مستوى اسمها، معناها
العميق، عنف المطلوب عند الضرورة، وزهو المرغوب عندما يكون كل شيء آمناً. Pêsmerge
 بدلالتها الكردية، وروح تكوينها ” القربان “، وهي تمد ظلها على شنكَال، وهي تعزز
في شنكَال ما كانت تحضّر له منذ أكثر من سنة، مفصحة عن حقيقتها، أن تكون في مقام
اسمها الكُردستاني، منتظرة الوقت المناسب، لأن Pêmerge  معنية بالظروف، مثلما أن
كُردستان محكومة بالظروف، وإرادات القوى العظمة وأهواء القوى العظمى، وتربصات القوى
التي تفعّل فيها عنفها وهي مجزَّأة. 
Pêsmerge  كانت Pêsmerge ، و Pêsmerge  كما أعلم هي Pêsmerge ، وتسعى دائماً لأن
تكون Pêsmerge  كما هي تهجئتها بالكردية، وكما هو المطلوب تثبيتها بالطريقة هذه،
إفصاحاً عن أن التهجئة الصحيحة في مستوى الوفاء للمعنى الدقيق، كما عبّرت وتعبّر
عما وعدت به معناها في أن تكون في وحدة الاسم : كردستانية، أبعد من حدود ” كوباني
“، ليس في عرفها جهة استثناء، ولا جبل استثناء، ولا سهل استثناء، ولا نهر استثناء،
لا هولير، لا سليمانية، لا قامشلو، لا ” عفرين ” عند اللزوم، إنما كل ما يصلها
بكردستان، كما هي كل قوة كردية تضحّي من أجل كردستانية
فعلية.

Pêsmerge ، اسم مفرد بصيغة جمع، قابل للتذكير وللتأنيث، لأن
المودَع في الاسم هذا هو تعددية المعاني، وكلها ترسم خارطة دلالية، علاماتية، تشير
إلى كردستان وما هو كردستاني ذكراً وأنثى، هو اعتبار مُراعى بدقة فيه
.

Pêsmerge  ليست ماركة محلية، ولا صنعة محلية كردية الاسم، إنما ولادة
إرادة كردية بصيغة الجمع الجغرافير والتاريخي، في ظرف عصيب لا يمكن التأريخ له، حيث
وجد الكردي مرصوداً ومتربَّصاً به، في هيئته وحركته ولباسه، كما هو تاريخه، كما هي
جغرافيته.
Pêmerge  لا تعني الموت، وإن كان للموت حضور في الكلمة المركَّبة 
merg ” : الموت “، في النصف الأول، يأتي الأمام، المتراس، المقدمة، المجابهة، الصد
والرد ” pê : أمام “، بقدر ما تعني الحياة. هذا ما يمكن أن يعرَف بجلاء في أخذ
شهادة كل رقعة كردستانية، كل كائن ذي روح، كل جماد، كل مفترق طرق، أو مغارة، أو
جرد، أو غور، أو أكمة، أو واد، أو غابة، أو بستان، أو قمة جبل، أو سماء مطلة
بلاتناهيها، وأن يكون شنكَال في الفسحة الزمنية الأحدث في عُرف Pêsmerge  وفي اليوم
التاريخي: الخميس 12 تشرين الثاني 2015، فلأن شنكَال لم يكن خارج اعتبارها أو
تقديرها، إنما ليشهد هو الآخر أن الدم الكردي المراق باسمها، أو من خلالها، في كل
شبر كردستاني يحمل دمغة حياة، ويتكلم الكردية الواحدة الموحدة الأوحد، والدم الكردي
خارج زمرته الكيميائية أو التحزبية أو التكتلية أو الفئوية، أو اللهجاتية، وفي هذا
المقام ” المحمود والمعضود Pêsmerge  يمكن الاحتكام إلى المستجاب الحكيم والجليل
كردياً.
في 12 تشرين الثاني 2015 Pêsmerge ، كان ثمة مشهد آخر لعنفوان كردي:
كردستاني، عسكري، سياسي، رئاسي وعلى أعلى مستوى: حرب على كل مهدّد للكردي، على
إرهاب داعش ومن كان قبل داعش، ومن يمكن أن يأتي بعد داعش، حرب من أجل حياة، ليعيش
الكردي كرديته، كما يعيش من الجوار انتماءه، حقيقته، لتكون الحياة
أبهى.


هامش: ليس هامشاً :

أوردت مفردة Pêsmerge  كما هي
بالكردية، وليس بالعربية التي لكم أسمعها هنا وهناك، وهي بـ” أل التعريف: البيشمركة
“. Pêsmerge  لا تعني إلا اسمها، ليست ذاتها وهي بـ ” أل التعريف “، ليست نكرة
لتعرَّف، إنها معرَّفة بلغتها، باسمها، بمغزاها، بحقيقة نشأتها. ولكم أسمعها وهي
تثير الضحك والسخرية والاستهجان: البِيشمركة ، البِشمركة، البَشمركة، الباشماركة..
المفردة التي تقلق متلفظها، متهجّيها خارج دائرتها اللغوية والقومية، إن شئت، تقلقه
وترهقه وتفلقه وتستفزه ربما، كما هو شأن أهليها الكرد، وفي عدم إتقان التهجئة ما
ينعطف على وضعية غرائبية ” أكزوتيكية ” تترجم الموقف من ” الآخر ” وصعوبة، وربما
استحالة تقبُّله، كما لو أن الكردي هذا في خصوصية ” الوحشية / البرّية “، بالنسبة
إلى الذين تقاسموا فيه كيانه الجغرافي والتاريخي، وأن هؤلاء ومن وراء هؤلاء، وهم
ليسوا هؤلاء إنما لهم أسماؤهم وعنف مردودهم، أن هؤلاء في عمومية ” الأهليّ “، ولكم
مثَّل الأهلي في الوحشي، ويحتاج إلى بعض من ” مكارم ” الوحشي، ليبصر سوأته
عالياً.
وفي السياق، أذكر أنني تابعت محاضرة عن اللغة العربية في ” الشارقة ”
لباحث أكاديمي عراقي ؟ وكنت حينها مدعواً من مديرية الثقافة فيها لإلقاء محاضرة،
وبتاريخ 8/ 3- 2011، وذلك صحبة الصديق والكاتب والشاعر ابراهيم يوسف حيث كان يعمل
حينها في صحيفة ” الخليج ” الإماراتية، وقد ركّز الأكاديمي على العربية، ليشدّد على
الكرد والكردية وكيف يحاول الكردي ” النيل ” من ” عربيته ” بأكثر من معنى، بدءاً من
اتخاذ أسماء كردية، ولكم كان مضحكاً وهو يأتي بمثال ويفشل في تهجئته ولأكثر من مرة،
وكان الاسم ” Nêçîran  “،لكم أعيته تهجئة الاسم، ولا أدري ما إذا كان ذلك بقصد أو
من دونه، سوى أن الإعياء المتمثّل في مثل هذه التلفظات : نَجِرفان، نِيجَران،
نَجيرفان…الخ، يترجم إعياء على مستوى تقبل الآخر، على مستوى الروح المتباهية
بنسبها، وهي تستصعب التكيف مع المجاور لها، والشريك في الحياة. بمعنى أن وراء
اختيار الاسم، ربما ما هو مقلق لمتلفظه المستثقِل للاسم وهو معروف تماماً، ولعل
دلالة الاسم لها دورها في هذا الإقلاق والإخفاق في التهجئة ” الصيّاد البرّي “،
نعم، ربما كان الكردي من نوع الصياد البرّي، ولما يزل صياداً برياً مذ كان في عرف
المتباهي بالأهلية والمدنية، ويعجز عن التكيف مع المسمى من خلاله، ومن هذا المنطلق
كان ويكون هذا الاسم الممنوع من الصرف  Pêsmerge ، ولا بد أن يكون ممنوعاً من الصرف
تأكيداً على جدارته بهذه الممنوعية استقلالية، ومن يعرف الاسم عليه أن يحسن التكيف
معه، إن أراد لنفسه ألا تكون أمّارة بالسوء أو موسوسة، عليه أن يتهجاها كما هي، أن
يبصر في الكردي ما عليه الكردي وهو في حربه الضروس الأخرى مع داعش الذي لا يخفي
امتداده في العمق ” الوجداني ” لمن يسيء إلى المفردة المركَّبة بكرديتها، ومن
يستسهل تهجئة المفردة خارج ” منظومتها ” الدلالية والاعتبارية، تأكيداً على داء
قيمي ينخر فيه، ولا أرى أنه قابل للمداواة، ما دام يصفّق لداعش وأمثال داعش، حتى لو
مثّل فيه، طالما أنه لا يجد في الكردي، سوى” صياد البرّية “، أو الطريدة التاريخية،
البَشمركة، وليس Pêsmerge  .
م: أحسن الباحث اللغوي Kamêran Botî كاميران بُوتي
صنعاً، حين عرَّف Pêmerge ، في قاموسه
الأثير ” قاموس كاميران “، وهو كردي- كردي، ومن منشورات سبيريز، دهوك، 2006، وفي
الصفحة 520 عن أنهم ( المقاتلون الذين يدافعون عن تراب كردستان وقوميتها. ولاحقاً،
يثبت مفردة: المضحُّون بأرواحهم ) .
دهوك في 13 تشرين الثاني 2015 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين من المعلوم انتهى بي المطاف في العاصمة اللبنانية بيروت منذ عام ١٩٧١ ( وكنت قبل ذلك زرتها ( بطرق مختلفة قانونية وغير قانو نية ) لمرات عدة في مهام تنظيمية وسياسية ) وذلك كخيار اضطراري لسببين الأول ملاحقات وقمع نظام حافظ الأسد الدكتاتوري من جهة ، وإمكانية استمرار نضالنا في بلد مجاور لبلادنا وببيئة ديموقراطية مؤاتية ، واحتضان…

كفاح محمود مع اشتداد الاستقطاب في ملفات الأمن والهوية في الشرق الأوسط، بات إقليم كوردستان العراق لاعبًا محوريًا في تقريب وجهات النظر بين أطراف متخاصمة تاريخيًا، وعلى رأسهم تركيا وحزب العمال الكوردستاني، وسوريا وقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، في هذا السياق، يتصدر الزعيم مسعود بارزاني المشهد كوسيط محنّك، مستفيدًا من شرعيته التاريخية وصلاته المعقدة بجميع الأطراف. ونتذكر جميعا منذ أن فشلت…

خوشناف سليمان في قراءتي لمقال الأستاذ ميخائيل عوض الموسوم بـ ( صاروخ يمني يكشف الأوهام الأكاذيب ) لا يمكنني تجاهل النبرة التي لا تزال مشبعة بثقافة المعسكر الاشتراكي القديم و تحديدًا تلك المدرسة التي خلطت الشعارات الحماسية بإهمال الواقع الموضوعي وتحوّلات العالم البنيوية. المقال رغم ما فيه من تعبير عن الغضب النبيل يُعيد إنتاج مفردات تجاوزها الزمن بل و يستحضر…

فرحان مرعي هل القضية الكردية قضية إنسانية عاطفية أم قضية سياسية؟ بعد أن (تنورز) العالم في نوروز هذا َالعام ٢٠٢٥م والذي كان بحقّ عاماً كردياً بامتياز. جميل أن نورد هنا أن نوروز قد أضيف إلى قائمة التراث الإنساني من قبل منظمة اليونسكو عام ٢٠١٠- مما يوحي تسويقه سياحياً – عالمياً فأصبح العالم يتكلم كوردي، كما أصبح الكرد ظاهرة عالمية وموضوع…