مع اقتراب التسوية هل يشغل الكرد مقعدا على طاولتها

افتتاحية جريدة المساواة *
بعد التدخل الروسي المباشر
والمعلن في الصراع الدائر لصالح النظام المنهك , تغيرت قواعد لعبة إدارة الأزمة
وبات واضحا إن الروس لن يتخلوا عن آخر بوابة لهم على البحر الأبيض المتوسط   مما
حدا بأمريكا من جانبها إلى تغيير شيء من هذه القواعد حين كشفت عن مساعدات عسكرية
نوعية مباشرة لبعض فصائل المعارضة وكذلك للقوات الكردية التي تعول عليها أمريكا
كقوة قاتلت بشراسة ضد داعش في كل خطوط التماس معها .
وإزاء هذا التصعيد الخطير والذي جعل الأبواب مفتوحة على كل الاحتمالات وخاصة حين
أصبحت سماء سوريا مجالاً جوياً للطائرات الحربية المتنوعة ولأغراض مختلفة , وان أي
خطأ في تماسها قد يؤدي إلى ما لا يحمد عقباه فسارعت أصحابها إلى تفاهمات في الجو
سرعان ما رافقها البحث عن تفاهمات على  الأرض تجلت في التحركات السريعة بين الأطراف
والدول ذات الشأن أهمها روسيا وأمريكا والسعودية وتركيا , إلى جانب تصريحات جديدة
في مضمونها صدرت منهم ومن غيرهم تنم على إن الفصل الأخير من التراجيديا السورية قد
بدأ , وإن هذا التصعيد المتعدد الأشكال هو تطور طبيعي نحو اقتراب التسوية  وبات على
الجميع السعي إلى تحسين موقع حليفه في المفاوضات القادمة.
أمام هذا المشهد فان
الكرد لم يستطيعوا إلى الآن توحيد صفوفهم ليشغلوا مقعدا على الطاولة المأمولة
ويساهموا فيها ككيان قومي له خصوصيته
 الجغرافية والتاريخية , وكشعب عانى بما
يكفي من المشاريع العنصرية المقيتة والتي استهدفت وجوده من قبل الأنظمة المتعاقبة
في سوريا , وقدم في هذه الثورة ومن أجل أهدافها في الحرية والكرامة التضحيات الجسام
ونال احترام وتعاطف المجتمع الدولي , وان وجود ممثلين عنه في تلك الكتلة أو الأخرى
من المعارضة الوطنية لا يتناقض فيما إذا شاركوا بوفد يمثلهم ويحملوا رؤية موحدة تم
التوافق بشأنها وهي إنهاء نظام الاستبداد وبناء سوريا اتحادية ديمقراطية تعددية ,
بدستور توافقي يضمن الحقوق القومية والإنسانية لكل المكونات.
إن المطلوب من
الجميع تحمل مسؤولياتهم التاريخية والبحث بجدية عن وحدة الصف وخاصة حركة المجتمع
الديمقراطي تف- دم الذي يُطلب منه أولا توفير مناخ ذلك بالكف عن الممارسات التي أدت
إلى التباعد بين الأطراف والى استنكار واستياء مجتمعي شمل المكونات الأُخرى والى
هجرة الناس بعد أن ضعفت آمالهم وأن يقبل إن لوناً واحداً لا يستطيع مهما أوتي من
قوة أن ينجح ويخدم شعبه ويحقق آماله وطموحاته .
* الجريدة المركزية لحزب
المساواة الديمقراطي في سوريا
لقراءة مواد العدد انقر هنا wekhevi_481

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف تعود سوريا اليوم إلى واجهة الصراعات الإقليمية والدولية كأرض مستباحة وميدان لتصفية الحسابات بين القوى الكبرى والإقليمية. هذه الصراعات لم تقتصر على الخارج فقط، بل امتدت داخليًا حيث تتشابك المصالح والأجندات للفصائل العسكرية التي أسستها أطراف مختلفة، وأخرى تعمل كأذرع لدول مثل تركيا، التي أسست مجموعات كان هدفها الأساسي مواجهة وجود الشعب الكردي، خارج حدود تركيا،…

روني آل خليل   إن الواقع السوري المعقد الذي أفرزته سنوات الحرب والصراعات الداخلية أظهر بشكل جلي أن هناك إشكاليات بنيوية عميقة في التركيبة الاجتماعية والسياسية للبلاد. سوريا ليست مجرد دولة ذات حدود جغرافية مرسومة؛ بل هي نسيج متشابك من الهويات القومية والدينية والطائفية. هذا التنوع الذي كان يُفترض أن يكون مصدر قوة، تحوّل للأسف إلى وقود للصراع بسبب…

خالد حسو الواقع الجميل الذي نفتخر به جميعًا هو أن سوريا تشكّلت وتطوّرت عبر تاريخها بأيدٍ مشتركة ومساهمات متنوعة، لتصبح أشبه ببستان يزدهر بألوانه وأريجه. هذه الأرض جمعت الكرد والعرب والدروز والعلويين والإسماعيليين والمسيحيين والأيزيديين والآشوريين والسريان وغيرهم، ليبنوا معًا وطنًا غنيًا بتنوعه الثقافي والديني والإنساني. الحفاظ على هذا الإرث يتطلب من العقلاء والأوفياء تعزيز المساواة الحقيقية وصون كرامة…

إلى أبناء شعبنا الكُردي وجميع السوريين الأحرار، والقوى الوطنية والديمقراطية في الداخل والخارج، من منطلق مسؤولياتنا تجاه شعبنا الكُردي، وفي ظل التحولات التي تشهدها سوريا على كافة الأصعدة، نعلن بكل فخر عن تحولنا من إطار المجتمع المدني إلى إطار سياسي تحت اسم “التجمع الوطني لبناء عفرين”. لقد عملنا سابقاً ضمن المجتمع المدني لدعم صمود أهلنا في وجه المعاناة الإنسانية والاجتماعية…