الانتقال من الصراع في سوريا الى الصراع عليها

 صلاح بدرالدين 
 عدة عوامل رئيسية أعادت القضية السورية الى
المربع الأول ونقلتها من جديد الى أجواء الحرب الباردة بين الشرق والغرب ومن
أبرزها ( خيانة ) أصدقاء الشعب السوري من النظام العربي الرسمي ودول الاقليم
والعالم وعلى رأسهم ادارة الرئيس الأمريكي – أوباما – وفشل المعارضة السورية
وخصوصا الائتلاف في نيل شرف تمثيل الثورة وتقاعس تشكيلات وأفراد الجيش الحر وباقي
فصائل الثورة طبعا من خارج اطار ( داعش والنصرة وتوابعهما من ارهابيي الثورة
المضادة ) من انجاز مهام اعادة التشكل والبناء – حتى اللحظة والى اشعار آخر – .
   اندلعت الانتفاضة الثورية السورية قبل نحو خمسة أعوام لأهداف وطنية صرفة وبطاقات
شبابية وحراك وطني مدني وتحولت ثورة وطنية شعبية شاملة ذات أهداف ديموقراطية بعد
اندماج الحراك الثوري الاحتجاجي السلمي مع قوى الجيش الحر المقاومة المنحازة الى
صفوف الشعب وكان الهم الأساسي لعقلاء الثورة ومناضلي الحركة الوطنية السورية الحفاظ
على الطابع الوطني الداخلي للفعل ورد الفعل في اطار عملية الصراع في سوريا مع
امتداداتها الخارجية الايجابية وعدم سد القنوات أمام الدعم اللامشروط من المحيط
الخارجي .
  وبسبب تأثيرات العوامل السالفة الذكر أعلاه مضافا اليها تواطؤ قيادة
– المجلس الوطني السوري – بزعامة الاخوان المسلمين ومؤيديهم بعد التسلط على مقدرات
المعارضة مبكرا وبدعم تركي – قطري في تمرير مخطط أسلمة الثورة السورية ثم – أخونتها
– فقد استثمر نظام الاستبداد وأعوانه الايرانييون والروس نقطة الضعف هذه ليعملوا
باتجاهين : الدعاية الاعلامية حول أن الصراع بين نظام علماني ومعارضة اسلامية
اخوانية واستحضار جماعات القاعدة ومن ثم داعش لاغراق الثورة نهائيا في بحر جماعات
الاسلام السياسي الارهابية واستخدامها ضد علمانيي الثورة أساسا وهنا حصل مالم يكن
بالحسبان .
  ومن أجل ازالة كل الصفات الوطنية للثورة فقد تم استحضار ايران
وروسيا وحزب الله والجماعات الشيعية العراقية لفرض الطابع الخارجي على مايحصل في
البلاد ونقل القضية السورية بماهي مسألة ثورة وطنية ديموقراطية في خضم موجات ثورات
الربيع على الاستبداد وعملية تغيير ديموقراطي واعادة بناء سوريا التعددية التشاركية
الجديدة الى أجواء الحرب الباردة والداخلية بالوكالة والتحول من مرحلة الصراع في
سوريا الى أعتاب مرحلة الصراع على سوريا وما يستتبع ذلك من اجراءات وفضاءات جديدة
على حساب الدم السوري وتضحيات شعبنا وسيدة ووحدة وطننا .
   مايجري الآن هو حوار
خارجي دولي واقليمي للتوصل الى صفقات واقتسام النفوذ والمصالح على حساب السوريين
الغائبين الوحيدين عن المسرح وعلى قاعدة التفاهم حول عدة أمور ومنها الغاء الثورة
السورية وتجاهلها والقفز من فوقها والحفاظ على بنية النظام القائم بمؤسساته ورموزه
وقاعدته الاقتصادية والذي دفع السورييون مئات آلاف الشهداء والأسرى والجرحى من أجل
اسقاطه وتفكيك سلطته الأمنية القمعية والعسكرية الاجرامية ومن الواضح أن كل الأطراف
(حتى الأصدقاء !!) متفقة على هذه المسألة ويظهر أن احجامهم عن دعم الثوار عسكريا
كان نابعا من تحفظهم على انتصار الثورة السورية وليس لأي سبب آخر .
   كل
الدلائل تشير الى غلبة كفة الروس في تقرير مصير سوريا فهم كانوا منذ اليوم الأول
يعتبرون جيش النظام مؤسسة شرعية والدعم الايراني بكل أوجهه مع توابعه من الميليشيات
مبادرة مشروعة وجماعات – ب ك ك – المسلحة قوة قريبة مادامت تدور في فلك النظام
وايران لذلك نرى أن الطرح الروسي يقتصر على وجوب دمج جيش النظام (أو المتبقي منه)
وجماعات – ب ك ك – (والكثيرمن  مسلحيها وقادتها من غير السوريين) وبعض الجيش الحر
(بحسب الاختيار) هم من سيتم الاعتماد عليهم كقوة عسكرية – أمنية للحفاظ على النظام
القائم وانجاح الصفقة المنشودة .
    أما الأحاديث الطويلة حول مصير بشار حافظ
واظهار وجود خلاف حول بقائه عدة أشهر أو أعواما اضافية فماهي الا نوع من التخدير
والالهاء والتضليل بين رؤوس الصفقة وانشغال بالقشور وترك المضمون والمسألة الجوهرية
وهي اسقاط النظام بكل المؤسسات والرموز فتقزيم القضية السورية بشخص بشار هو اهانة
كبرى للسوريين وضربة غادرة لأظهر الثوار أما الادعاء باستبعاد الايرانيين عن
المحادثات فهو عين الكذبة الكبرى لأن ماسيتم من صفقات هو مايريده الايرانييون حضروا
أو غابوا وهم المسيطرون على مقاليد الحكم بدمشق . 
    ليس من باب الانتقام ولكن
اين مبادىء العدالة والقانون الدولي وأين محاكم الجنايات الدولية ليس مايخص جرائم
النظام ورموزه بل روسيا بكل مساعداتها العسكرية ومشاركتها الفعلية في قتل السورين
وكذلك ايران والمجموعات التابعة لها الذين تحولوا الآن الى سعاة الخير والسلام
ووسطاء لاحقاق الحق !؟ .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

كفاح محمود حينما كان الرئيس الراحل عبد السلام عارف يُنعى في أرجاء العراق منتصف ستينيات القرن الماضي، أُقيمت في بلدتي النائية عن بغداد مجالسُ عزاءٍ رسمية، شارك فيها الوجهاء ورجال الدين ورؤساء العشائر، في مشهدٍ يغلب عليه طابع المجاملة والنفاق أكثر من الحزن الحقيقي، كان الناس يبكون “الرئيس المؤمن”، بينما كانت السلطة تستعدّ لتوريث “إيمانها” إلى رئيسٍ مؤمنٍ جديد! كنّا…

نظام مير محمدي *   عند النظر في الأوضاع الحالية الدائرة في إيران، فإن من أبرز ملامحها ترکيز ملفت للنظر في القمع المفرط الذي يقوم به النظام الإيراني مع حذر شديد وغير مسبوق في القيام بنشاطات وعمليات إرهابية خارج إيران، وهذا لا يعني إطلاقاً تخلي النظام عن الإرهاب، وإنما وبسبب من أوضاعه الصعبة وعزلته الدولية والخوف من النتائج التي قد…

خالد حسو تعود جذور الأزمة السورية في جوهرها إلى خللٍ بنيوي عميق في مفهوم الدولة كما تجلّى في الدستور السوري منذ تأسيسه، إذ لم يُبنَ على أساس عقدٍ اجتماعي جامع يعبّر عن إرادة جميع مكونات المجتمع، بل فُرض كإطار قانوني يعكس هيمنة هوية واحدة على حساب التنوع الديني والقومي والثقافي الذي ميّز سوريا تاريخيًا. فالعقد الاجتماعي الجامع هو التوافق الوطني…

تصريح صحفي يعرب “تيار مستقبل كردستان سوريا” عن إدانته واستنكاره الشديدين للعملية الإرهابية الجبانة التي استهدفت دورية مشتركة للقوات السورية والأمريكية بالقرب من مدينة تدمر، والتي أسفرت عن سقوط عدد من الضحايا بين قتلى وجرحى. إن هذا الفعل الإجرامي يستهدف زعزعة الأمن والاستقرار، ويؤكد على خطورة الإرهاب الذي يتهدد الجميع دون تمييز، مما يتطلب تكاتفاً دولياً جاداً لاستئصاله. كما يُعلن…