الجماهير السورية تلبي نداء المقاطعة

  علي شمدين / السليمانية

في صبيحة يوم الاحد ( 22-4-2007 ) اعلن عن افتتاح مراكز الاقتراع في سوريا بعد ان عاشت البلاد اسابيع باهتة من الدعاية الانتخابية التي لم تتجاوز رفع اللافتات في بعض الساحات العامة الرئيسية في المدن السورية لنفر من المرشحين (المستقلين) الذين استمروا في المشاركة في الانتخابات لاسباب واهية
حيث قاطعت القوى الوطنية والديمقراطية الكردية والعربية هذه الانتخابات منذ البداية وفي مقدمتها قوى اعلان دمشق للتغيير السلمي الديمقراطي ، وذلك بسبب استمرار القانون الانتخابي القديم الذي يمنح احزاب الجبهة التقدمية الاغلبية الساحقة من مقاعد البرلمان وحجز الهامش الباقي ايضا لـ(قوائم الظل) ، واستمرار قانون الطوارئ والاحكام العرفية ، وغياب المراقبين الدوليين ، وحرمان ما يزيد من ربع مليون من المواطنين الكرد المجردين من الجنسية السورية من ممارسة حقهم الانتخابي..

الى آخر هذه الاسباب الجوهرية التي افرغت العملية الانتخابية من محتواها الديمقراطي الحقيقي وتركتها مجرد اجراءات شكلية معروفة النتائج..
وكما كان متوقعا ، فلم تشهد هذه المراكز اي اقبال جماهيري وخاصة في المناطق الكردية حيث بقيت خاوية تماما ، لابل لم يأبه بهذه العملية الانتخابية معظم المواطنين وكأنها لاتعنيهم بشئ بعد ان ادركوا وبالتجارب المريرة خلال الدورات السابقة مدى الاستهتار بارادتهم في هكذا انتخابات لاتعتمد على الاصوات اصلا ، إذ ان المرشحين في قوائم (الجبهة التقدمية) التي يقودها الحزب الحاكم انشغلت باقامة احتفالات الفوز فور ادراج اسمائهم في تلك القوائم وقبل انتهاء عمليات الانتخاب والفرز ، وكذلك الامر مع الذين استطاعوا ان يؤمنوا لهم ومن وراء الكواليس مكانا في قوائم الظل التي تلحق عادة بقوائم الجبهة التقدمية وتفوز معها بشكل اوتماتيكي .
واذا كانت هذه المقاطعة الجماهيرية الواسعة قد شكلت مفاجأة للبعض من الواهمين الذين كانوا يروجون بان الحركة الوطنية عموما والكردية منها خصوصا معزولة عن الجماهير وبأنها باتت بعيدة عن الشارع ، الا انها لم تكن مفاجأة بكل تأكيد للقوى الوطنية والديمقراطية التي اعلنت عن مقاطعتها ترشيحا وتصويتا منذ البداية لإيمانها الكامل بعدم جدوى المشاركة في انتخابات برلمانية غير ديمقراطية وخاصة قوى اعلان دمشق الذي بين في بيان اسباب هذه المقاطعة ، اما الذين استمروا في المشاركة فقد كانوا ياملون في تزكيتهم من قبل السلطات لقوائم الظل ، وهذا مايفسر تسابقهم الى الانسحاب فور اعتماد قوائم الظل بصيغتها النهائية المثيرة للاشمئزاز لدى الجماهير العريضة التي ابت ان تصبح شاهد زور على ايصالهم الى قبة البرلمان السوري لانهم لن يمثلون بكل تاكيد حتى انفسهم التي تبقى رهينة لمن حجز لهم مكانهم في قوائم الظل ..
الحقيقة ان امتناع الناخبين بهذه العزيمة عن التصويت ، رغم حملات الاشاعة والتضليل الداعية الى معاقبة المقاطعين التي رافقت الحملة الانتخابية ، لم تات من فراغ وانما جاءت استجابة صريحة لنداء المقاطعة التي اطلقها اعلان دمشق وغيره من القوى والاحزاب السياسية الوطنية ، وهذا ان دل على شئ انما يدل على العمق الجماهيري لهذه القوى ، مثلما يدل على افتضاح الاساليب غير الديمقراطية التي تدار بها العملية الانتخابية التي لا تحترم فيها ارادة الجماهير ، كما اسقط ورقة التوت الاخيرة التي كانت تغطي عورة اولئك المرشحين تحت الطلب الذين حاولوا باستمرارهم منح الشرعية لهذه الانتخابات ، رغم مقاطعة الحركة السورية عموما والكردية خصوصا ، والذين لم ينسحبوا استجابة للمصلحة الوطنية وانما بعد ان ادركوا افلاسهم الجماهيري ليس الا..

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…